ــــــــــ ـــــــــــــــــــ
مراتب الإيمان!!
إذا أطلق لفظ الإيمان فالمراد به الدين كله وهو يشتمل على شُعَب ، كما في حديث الشُعب : ( الإيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول لاإله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان ) [مسلم
فاشتمل الإيمان على جمع الطاعات فرضها و نفلها مما يجب على القلب و اللسان و الجوارح كما يشتمل الإيمان على ترك المحظورات المحرم منها و المكروه و ينقسم الإيمان إلى مراتب تشتمل كل مرتبة على بعض شعب الإيمان بحيث تتضمن المراتب الثلاث جميعا شعب الإيمان .
و المراتب الثلاثة وهي :
أولا : أصل الإيمان :
وهو مالا يوجد الإيمان بدونه وبه النجاة من الكفر و الدخول في الإيمان و هو مطلق [جزء] الإيمان ومن أتى بهذه المرتبة فهو داخل في المخاطبين بقوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا } وهو يشتمل على شعب لايصح إلا باكتمالها
و ضابط ما يدخل في الإيمان من الأعمال سواء كانت فعلا أو تركا و سواء كانت اعتقادا أو قولا أو عملا :ـ
أ - أن كل عمل يكفر تاركه ففعله من أصل الإيمان ، مثل ؛ التصديق ، انقياد القلب ، إقرار اللسان ، و الصلاة ... الخ
ب- كل عمل يكفر فاعله فتركه من أصل الإيمان : مثل : الاستهزاء بالدين ، الدعاء ، الاستعانة و الاستغاثه بغير الله ، و القتال في سبيل الطاغوت .. أو جحد واجب أو استحلال محرم أو إنكار واجب .... الخ.
وكل من لم يأت بأصل الإيمان "جملة "أو أخل به "جزء "فهو كافر مخلد في نار جهنم .
و ضابط الذنب المكفر هو ماقام الدليل الشرعي على أنه كفر أكبر مخرج من الملة .
ومن أتى بأصل الإيمان فقد نجا من الكفر و دخل الجنة برحمة الله إما ابتداء وإما مئالا .
ومن الأدلة الشرعية على ما سبق :
------------------------------
قال تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهـــم عذاب مقيم } ، و قوله تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } ، و قوله تعالى : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله }
وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة بفضله و رحمته يقال لهم الجهنميين ) [البخاري 7450] ، و دخولهم الجنة مئالا إنما هو بما معهم من أصل الإيمان المضاد للكفر .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لايشرك بالله شيئا ممن أراد أن يرحمه ممن يشهد لاإله إلا الله فيعرفونهم في النار بآثار السجود ) [رواه البخاري
وعن أبي ذر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لايشرك بالله شيئا دخل الجنة ) ، قال أبو ذر : قلت ؛ وإن زنى وإن سرق ؟! ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( وإن زنى وإن سرق ) [البخاري
وفي حديث آخر : ( أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ) [البخاري.
قال ابن حجر : ( و المراد بحبة خردل هنا مازاد من الأعمال على أصل التوحيد لقوله في رواية أخرى "اخرجوا من قال لاإله إلا الله و عمل من الخير ما يزن ذرة .
قال محمد بن نصر المروزي : ( الكفر ضد أصل الإيمان لأن للإيمان أصلا وفروعا , فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان , فإن قيل والذى زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه اسم الإيمان هل فيه من ألايمان شىء ؟ ، قالوا نعم أصله ثابت ولولا ذلك لكفر ) [تعظيم قدر الصلاة
الإيمان الواجب :
---------------
وهو مازاد عن أصل الإيمان من فعل الواجبات و ترك المحرمات
و ضابط مايدخل في الإيمان الواجب من الأعمال سواءً كانت فعلاً أو تركاً ، أن كل عمل ورد في تركه و عيد ولم يكفر فاعله فتركه من الإيمان الواجب كالزني و الربا و السرقة و شرب الخمر. . . الخ، بشرط عدم الاستحلال و عدم الإنكار - أي عدم استحلال محرم و عدم إنكار واجب -
و الناس في الإيمان الواجب على درجتين :
------------------------------ ---------
1- المقصرون منه : بترك واجب أو فعل محرم بعد إتيانهم بأصل الإيمان , فهؤلاء هم أصحاب الكبائر أو المخلطون من أهل التوحيد أو عصاة الموحدين أو الفاسق الملّي أو الظالم لنفسه فمن كان هذا حاله فهو من أهل الوعيد إن مات بلا توبة ولكنه في المشيئة فإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم يُخرجُهُ اللهُ من النار و يدخله الجنة بما معه من أصل الإيمان .
الأدلة علي تكفير الذنوب بالمغفرة :
===================
قال تعالى : { إنّ اللّه لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ } .
وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد نقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - و حوله عصابة من أصحابه - : (( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله و من أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه و إن شاء عاقبه )) [متفق عليه، و اللفظ للبخاري :
و يستثني من تكفير الذنب بالعقوبه و كونه في المشيئة "المرتد "المشار إليه في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم "وأن لاتشركوا بالله شيئا "فإذا قتل على الردة لم تكن العقوبة كفارة له ، وإذا مات مرتدا لم يكن في مشيئة لقوله تعالى : { إن الله لايغفر أن يشرك به } سواء عوقب في الدنيا على ردته أم لم يعاقب [انظر فتح الباري1/64].
2- المقتصدون فيه :
------------------
الذين أدوا الإيمان الواجب بتمامه ولم يقتصروا فيه ولم يزيدوا عليه بعد إتيانهم بأصل الإيمان فهذا هو المؤمن المستحق للوعد السالم من الوعيد و ويستحق دخول الجنة بلا سابق عذاب بفضل الله حسب وعده الصادق و هذه الدرجة تسمى المقتصدين .
ومن الأدلة على ذلك : قصه الأعرابي الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام و أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ، فقال الأعرابي : ( والذي أكرمك بالحق لا أتطوع شيئا ولا أنقص بما فرض الله عليّ شيئا ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قد أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق )) [البخاري /1891].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( من أتى بالإيمان الواجب استحق الثواب , ومن كان فيه شعبة من نفاق وأتى الكبائر فذلك من أهل الوعيد وإيمانه ينفعه الله به و يخرجه به من النار ولو أنه مثقال حبة من خردل , لكن لايستحق به اسم المطلق المعلق به وعد الجنة بلا عذاب ) [كتاب الايمان : 334 ، الإيمان الأوسط : 67].
فائدة : العلم بالواجبات و النواهي التى تدخل في أصل الإيمان و الإيمان الواجب فرض عين على كل مسلم و منها ما يدخل في العلم الواجب العينى العام و فيها ما يدخل في العلم الواجب العينى الخاص و إنما كان العلم بها واجبا لأن العمل بها واجب و يترتب على التقصير فيه و عيد من كفر أو فسق لان العمل هو المقصد و العلم وسيلة و القاعدة تقول "للوسائل حكم المقاصد" .
ثالثا - الإيمان المُستحب :
وهو مازاد عن أصل الإيمان والإيمان الواجب من فعل المندوبات والمستحبات و ترك المكروهات و المشتبهات - و بعض المباحات عند السلف - فمن أتى بهذه المرتبة مع المرتبتين الأوليتين فهو من السابقين الذين يستحقون بفضل الله دخول الجنة ابتداء فى درجة أعلى من المقتصدين .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( ويفرق بين الإيمان الواجب وبين الإيمان الكامل بالمستحبات كما يقول الفقهاء (الفعل ينقسم إلى قسمين ، مجزىء وكامل فالمجزىء ما أتى به بالواجبات فقط , والكامل من أتى فيه بالمستحبات )
ويجمع المراتب الثلاثة لأهل الإيمان قوله تعالى: { ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هُو الفضلُ الكبيرُ } [فاطر /32].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وهكذا جاء القرآن فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة ، قال تعالى : { ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه } فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه و المقتصد هو المؤمن المطلق الذي عبدالله كأنه يراه ) [كتاب الإيمان.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا. . . الآية } فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب وأما الذين اقتصدوا فيحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون { الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إن ربنا لغفور شكور } )) [رواه أحمد ، سورة فاطر /34 ، مصدر ابن كثير].
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : ( السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يدخل الجنة برحمة الله و الظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم
فائدة : والصغائر تدخل في المرتبة الثالثة بشرط عدم الإصرار عليها - لاصغيرة مع الإصرار و لاكبيرة مع الاستغفار -
قال ابن تيمية رحمه الله : ( و الرسول لم ينفه - يعني الإيمان الواجب - إلا عن صاحب الكبيرة والإ قالوا ؛ من الذي يعمل الصغيرة هي مكفرة عنه بفعله للحسنات و اجتنابه الكبائر لكنه ناقص الإيمان عن من اجتنب الصغائر فمن أتى بالإيمان الواجب خلطه سيئات كفرت عنه بغيرها ونقص بذلك درجه عمن لم يأت بذلك ) [الإيمان :337].
و قال ابن تيمية رحمه الله -عن الإيمان - : ( هو مُركب من أصل لايتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة ) [مجموع الفتاوى ماالفرق بين الإيمان الكامل و كامل الإيمان ؟
الإيمان الكامل : أي جمع الأعمال بمراتبه الثلاثة .
كامل الإيمان : أي جزء من الإيمان الذي يتم به مطلق الإيمان .
______________________________ ______
مراتب الإيمان!!
إذا أطلق لفظ الإيمان فالمراد به الدين كله وهو يشتمل على شُعَب ، كما في حديث الشُعب : ( الإيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول لاإله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان ) [مسلم
فاشتمل الإيمان على جمع الطاعات فرضها و نفلها مما يجب على القلب و اللسان و الجوارح كما يشتمل الإيمان على ترك المحظورات المحرم منها و المكروه و ينقسم الإيمان إلى مراتب تشتمل كل مرتبة على بعض شعب الإيمان بحيث تتضمن المراتب الثلاث جميعا شعب الإيمان .
و المراتب الثلاثة وهي :
أولا : أصل الإيمان :
وهو مالا يوجد الإيمان بدونه وبه النجاة من الكفر و الدخول في الإيمان و هو مطلق [جزء] الإيمان ومن أتى بهذه المرتبة فهو داخل في المخاطبين بقوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا } وهو يشتمل على شعب لايصح إلا باكتمالها
و ضابط ما يدخل في الإيمان من الأعمال سواء كانت فعلا أو تركا و سواء كانت اعتقادا أو قولا أو عملا :ـ
أ - أن كل عمل يكفر تاركه ففعله من أصل الإيمان ، مثل ؛ التصديق ، انقياد القلب ، إقرار اللسان ، و الصلاة ... الخ
ب- كل عمل يكفر فاعله فتركه من أصل الإيمان : مثل : الاستهزاء بالدين ، الدعاء ، الاستعانة و الاستغاثه بغير الله ، و القتال في سبيل الطاغوت .. أو جحد واجب أو استحلال محرم أو إنكار واجب .... الخ.
وكل من لم يأت بأصل الإيمان "جملة "أو أخل به "جزء "فهو كافر مخلد في نار جهنم .
و ضابط الذنب المكفر هو ماقام الدليل الشرعي على أنه كفر أكبر مخرج من الملة .
ومن أتى بأصل الإيمان فقد نجا من الكفر و دخل الجنة برحمة الله إما ابتداء وإما مئالا .
ومن الأدلة الشرعية على ما سبق :
------------------------------
قال تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهـــم عذاب مقيم } ، و قوله تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } ، و قوله تعالى : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله }
وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة بفضله و رحمته يقال لهم الجهنميين ) [البخاري 7450] ، و دخولهم الجنة مئالا إنما هو بما معهم من أصل الإيمان المضاد للكفر .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لايشرك بالله شيئا ممن أراد أن يرحمه ممن يشهد لاإله إلا الله فيعرفونهم في النار بآثار السجود ) [رواه البخاري
وعن أبي ذر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لايشرك بالله شيئا دخل الجنة ) ، قال أبو ذر : قلت ؛ وإن زنى وإن سرق ؟! ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( وإن زنى وإن سرق ) [البخاري
وفي حديث آخر : ( أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ) [البخاري.
قال ابن حجر : ( و المراد بحبة خردل هنا مازاد من الأعمال على أصل التوحيد لقوله في رواية أخرى "اخرجوا من قال لاإله إلا الله و عمل من الخير ما يزن ذرة .
قال محمد بن نصر المروزي : ( الكفر ضد أصل الإيمان لأن للإيمان أصلا وفروعا , فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان , فإن قيل والذى زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه اسم الإيمان هل فيه من ألايمان شىء ؟ ، قالوا نعم أصله ثابت ولولا ذلك لكفر ) [تعظيم قدر الصلاة
الإيمان الواجب :
---------------
وهو مازاد عن أصل الإيمان من فعل الواجبات و ترك المحرمات
و ضابط مايدخل في الإيمان الواجب من الأعمال سواءً كانت فعلاً أو تركاً ، أن كل عمل ورد في تركه و عيد ولم يكفر فاعله فتركه من الإيمان الواجب كالزني و الربا و السرقة و شرب الخمر. . . الخ، بشرط عدم الاستحلال و عدم الإنكار - أي عدم استحلال محرم و عدم إنكار واجب -
و الناس في الإيمان الواجب على درجتين :
------------------------------
1- المقصرون منه : بترك واجب أو فعل محرم بعد إتيانهم بأصل الإيمان , فهؤلاء هم أصحاب الكبائر أو المخلطون من أهل التوحيد أو عصاة الموحدين أو الفاسق الملّي أو الظالم لنفسه فمن كان هذا حاله فهو من أهل الوعيد إن مات بلا توبة ولكنه في المشيئة فإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم يُخرجُهُ اللهُ من النار و يدخله الجنة بما معه من أصل الإيمان .
الأدلة علي تكفير الذنوب بالمغفرة :
===================
قال تعالى : { إنّ اللّه لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ } .
وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد نقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - و حوله عصابة من أصحابه - : (( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله و من أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه و إن شاء عاقبه )) [متفق عليه، و اللفظ للبخاري :
و يستثني من تكفير الذنب بالعقوبه و كونه في المشيئة "المرتد "المشار إليه في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم "وأن لاتشركوا بالله شيئا "فإذا قتل على الردة لم تكن العقوبة كفارة له ، وإذا مات مرتدا لم يكن في مشيئة لقوله تعالى : { إن الله لايغفر أن يشرك به } سواء عوقب في الدنيا على ردته أم لم يعاقب [انظر فتح الباري1/64].
2- المقتصدون فيه :
------------------
الذين أدوا الإيمان الواجب بتمامه ولم يقتصروا فيه ولم يزيدوا عليه بعد إتيانهم بأصل الإيمان فهذا هو المؤمن المستحق للوعد السالم من الوعيد و ويستحق دخول الجنة بلا سابق عذاب بفضل الله حسب وعده الصادق و هذه الدرجة تسمى المقتصدين .
ومن الأدلة على ذلك : قصه الأعرابي الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام و أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ، فقال الأعرابي : ( والذي أكرمك بالحق لا أتطوع شيئا ولا أنقص بما فرض الله عليّ شيئا ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قد أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق )) [البخاري /1891].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( من أتى بالإيمان الواجب استحق الثواب , ومن كان فيه شعبة من نفاق وأتى الكبائر فذلك من أهل الوعيد وإيمانه ينفعه الله به و يخرجه به من النار ولو أنه مثقال حبة من خردل , لكن لايستحق به اسم المطلق المعلق به وعد الجنة بلا عذاب ) [كتاب الايمان : 334 ، الإيمان الأوسط : 67].
فائدة : العلم بالواجبات و النواهي التى تدخل في أصل الإيمان و الإيمان الواجب فرض عين على كل مسلم و منها ما يدخل في العلم الواجب العينى العام و فيها ما يدخل في العلم الواجب العينى الخاص و إنما كان العلم بها واجبا لأن العمل بها واجب و يترتب على التقصير فيه و عيد من كفر أو فسق لان العمل هو المقصد و العلم وسيلة و القاعدة تقول "للوسائل حكم المقاصد" .
ثالثا - الإيمان المُستحب :
وهو مازاد عن أصل الإيمان والإيمان الواجب من فعل المندوبات والمستحبات و ترك المكروهات و المشتبهات - و بعض المباحات عند السلف - فمن أتى بهذه المرتبة مع المرتبتين الأوليتين فهو من السابقين الذين يستحقون بفضل الله دخول الجنة ابتداء فى درجة أعلى من المقتصدين .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( ويفرق بين الإيمان الواجب وبين الإيمان الكامل بالمستحبات كما يقول الفقهاء (الفعل ينقسم إلى قسمين ، مجزىء وكامل فالمجزىء ما أتى به بالواجبات فقط , والكامل من أتى فيه بالمستحبات )
ويجمع المراتب الثلاثة لأهل الإيمان قوله تعالى: { ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هُو الفضلُ الكبيرُ } [فاطر /32].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وهكذا جاء القرآن فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة ، قال تعالى : { ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه } فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه و المقتصد هو المؤمن المطلق الذي عبدالله كأنه يراه ) [كتاب الإيمان.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا. . . الآية } فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب وأما الذين اقتصدوا فيحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون { الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إن ربنا لغفور شكور } )) [رواه أحمد ، سورة فاطر /34 ، مصدر ابن كثير].
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : ( السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يدخل الجنة برحمة الله و الظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم
فائدة : والصغائر تدخل في المرتبة الثالثة بشرط عدم الإصرار عليها - لاصغيرة مع الإصرار و لاكبيرة مع الاستغفار -
قال ابن تيمية رحمه الله : ( و الرسول لم ينفه - يعني الإيمان الواجب - إلا عن صاحب الكبيرة والإ قالوا ؛ من الذي يعمل الصغيرة هي مكفرة عنه بفعله للحسنات و اجتنابه الكبائر لكنه ناقص الإيمان عن من اجتنب الصغائر فمن أتى بالإيمان الواجب خلطه سيئات كفرت عنه بغيرها ونقص بذلك درجه عمن لم يأت بذلك ) [الإيمان :337].
و قال ابن تيمية رحمه الله -عن الإيمان - : ( هو مُركب من أصل لايتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة ) [مجموع الفتاوى ماالفرق بين الإيمان الكامل و كامل الإيمان ؟
الإيمان الكامل : أي جمع الأعمال بمراتبه الثلاثة .
كامل الإيمان : أي جزء من الإيمان الذي يتم به مطلق الإيمان .
______________________________