Quantcast
Channel: الخلافة الاسلامة على منهج المهدي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 472

الانخلاع من الشرك شرط في تحقيق الإسلام

$
0
0

 صفحة شُــــــــــــبهات وردود

1-قال الله –تعالى- في سورة التوبة آية [5]:

(فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ).

قال القرطبي: (فَإِن تَابُواْ). أي: من الشرك، (وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). هذه الآية فيها تأمُّل وذلك أن الله –تعالى- علق القتل على الشرك، ثم قال: (فَإِن تَابُواْ) والأصل أن القتل متى كان للشرك يزول بزواله، وذلك يقتضي زوال القتل بمجرد التوبة، من غير اعتبار إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولذلك سقط القتل بمجرد التوبة قبل وقت الصلاة والزكاة وهذا بيّن في هذا المعنى. غير أن الله –تعالى- ذكر التوبة وذكر معها شرطين آخرين فلا سبيل إلى إلغائهما نظيره قوله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"... وقال ابن العربي فانتظم القرآن والسنة واطردا. اهـ.

انظر –رحمني الله وإياك- إلى كلام الإمام القرطبي: أن التوبة تكون: من الشرك. وأن القتل لا يسقط إلا بالانتهاء عنه، وقول الإمام ابن العربي: أن الآية والحديث قد انتظم واتحد معناهما. فينص القرآن أن الانتهاء عن القتل والأسر وتخلية سبيل المشركين شرطه: التوبة من الشرك، وأن الآية والحديث: "أمرت أن أقاتل الناس". معناهما واحد.

وقال الإمام البغوي فيها: (فَإِن تَابُواْ). من الشرك، (وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). يقول: دعوهم فليتصرفوا في أمصارهم ويدخلوا مكة اهـ.

وقال ابن كثير: (وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ). أي لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل، أو الإسلام. ولهذا قال: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ). ولهذا اعتمد الصديق –رضي الله عنه- في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة، وأمثالها حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال وهي: الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته ونبه بأعلاها على أدناها... ولهذا كثيراً ما يقرن بين الصلاة والزكاة وقد جاء في الصحيحين أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". الحديث.

وقال أبو إسحاق عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: أمرت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن لم يزك فلا صلاة له. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة وقال: يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه...

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري.. عن الربيع بن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا يشرك به شيئاً فارقها والله عنه راض".

قال: وقال أنس: هو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله –تعالى-: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ). قال: توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. ثم قال في آية أخرى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ). ورواه ابن مردويه ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة .اهـ

وقال الإمام الطبري: "فإن تابوا"يقول فإن رجعوا عما هم عليه من الشرك بالله، وجحود نبوة نبيه محمد إلى: توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد والإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، اهـ.

قلت: وكذلك أيضاً قوله –تعالى-: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)

. قال القرطبي قوله تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ). أي عن الشرك والتزام أحكام الإسلام (فَإِخْوَانُكُمْ) أي: فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) قال ابن عباس: حرمت هذه (الآية) دماء أهل القبلة. اهـ.
وقال الإمام البغوي: (فَإِن تَابُواْ). من الشرك (..فَإِخْوَانُكُمْ) فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) لهم ما لكم وعليهم ما عليكم اهـ.

قلت: فهذه الآية نص في أن القتال لا يرتفع عن المشركين كافة إلا بالتوبة وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، واتفق السلف على أن المراد بالتوبة: البراءة من الشرك، وخلع عبادة الأوثان والأنداد والطواغيت، وكل ما يعبد من دون الله مع التزام أحكام الإسلام. وأن هذه الآية مع الحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". قد اتحد معناهما وانتظما واتفقا المفسرين عند تفسير هذه الآية بإتيان هذا الحديث وأمثاله لهو أدل الدليل على أن الحديث أيضاً يثبت نفس المعنى، وهو أن القتال لا يرفع إلا بالانتهاء عن الشرك والتزام أحكام الإسلام، وهو مراد قوله –صلى الله عليه وسلم- إلا بحقها.
ويؤكّد هذا أيضاً الحديث الصحيح الصريح: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله".

ولهذا قال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن فانتظم القرآن والسنة واطردا ولذلك بوّب إمام المحدثين البخاري باباً في صحيحه: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ).

ثم ساق بسنده عن ابن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله".

قال الحافظ: .... "وإنما جعل الحديث تفسيراً للآية لأن المراد بالتوبة في الآية الرجوع عن الكفر إلى التوحيد ففسره قوله صلى الله عليه وسلم: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول قال الإمام الشوكاني: وليس مجرد قول: لا إله إلا الله، من دون عمل بمعناها مثبتاً للإسلام، فإنه لو قالها أحد من أهل الجاهلية وعكف على صنمه يعبده لم يكن ذلك إسلاماً. اهـ.
وبين الآية والحديث مناسبة أخرى لأن التخلية في الآية والعصمة في الحديث بمعنى واحدة"اهـ.

-قال الله تعالى (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). في سورتي [البقرة: 193]، و[الأنفال: 39].

قال ان كثير في آية الأنفال: .... وقال: الضحاك عن ابن عباس: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ). يعني: لا يكون شرك. وكذا قال: أبو العالية، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي، ومقاتل بن حيان، وزيد بن أسلم، وقال محمد بن إسحاق بلغني عن الزهري عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا: حتى لا تكون فتنة حتى لا يفتتن مسلم عن دينه. وقوله: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). قال: الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية، قال: يخلص التوحيد لله، وقال: الحسن وقتادة وابن جريج: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). أن يقال: لا إله إلا الله، وقال محمد بن إسحاق: ويكون التوحيد خالصاً لله ليس فيه شرك، ويُخلع ما دون من الأنداد. وقال: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). لا يكون مع دينكم كفر: ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله...". اهـ.

وقال البغوي في آية البقرة: (وَقَاتِلُوهُمْ). يعني: المشركين (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ). أي: شرك. يعني: قاتلوهم حتى يسلموا فلا يقبل من الوثني إلا الإسلام، فإن أبى قتل (وَيَكُونَ الدِّينُ). أي: الطاعة والعبادة (لِلّه) وحده فلا يعبد شيء دونه... (فَإِنِ انتَهَوْاْ) عن الكفر وأسلموا (فَلاَ عُدْوَانَ). فلا سبيل (إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ). قاله: ابن عباس اهـ.

وقال أيضاً في (آية الأنفال): (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ). أي: شرك، قال الربيع: حتى لا يفتن مؤمن عن دينه (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). أي: ويكون الدين خالصاً لله لا شرك فيه (فَإِنِ انتَهَوْاْ). عن الكفر. (فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). اهـ.
وقال القرطبي في آية البقرة: فيه مسألتان:

الأولى: قوله –تعالى-: (وَقَاتِلُوهُمْ). أمر بالقتال لكل مشرك في كل موضع على من رآها ناسخة. ومن رآها غير ناسخة. قال: المعنى: قاتلوا هؤلاء الذين قال الله فيهم: (فَإِن قَاتَلُوكُمْ). والأول أظهر، وهو أمر بقتال مطلق لا بشرط أن يبدأ الكفار. دليل ذلك قوله –تعالى-: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه). وقال عليه السلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله). فدلت الآية والحديث على أن سبب القتال هو الكفر؛ لأنه قال: (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ). أي كفر. فجعل الغاية عدم الكفر وهذا ظاهر. قال: ابن عباس وقتادة والربيع والسدي وغيرهم. الفتنة هناك الشرك وما تابعه من أذى المؤمنين...

الثانية: (فَإِنِ انتَهَوْاْ). أي عن الكفر إما بالإسلام كما تقدم في الآية قبل أو بأداء الجزية في حق أهل الكتاب اهـ

قلت: فهل بعد هذا البيان من بيان؟ وهل بعد هذا البرهان من برهان؟ أن القرآن ينص على أن: القتال لا يرفع عن رؤوس المشركين إلا بانتهائهم وإقلاعهم وتبرئهم من كل ما يعبد من دون الله مع إخلاص العبادة لله الواحد القهار، وأن الآية والحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله". بنص السلف الصالح يدلان: على هذا المعنى لا كما فهم كثير من المتأخرين أن المقصد والغاية هو مجرد التلفظ بالشهادتين وإن لم تخرجهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى: الإيمان بالله وحده فيا لها من حجة ما أقطعها للمنازع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول"ص 184:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"فمن قال أو فعَلَ ما هو كُفْرٌ كَفَرَ بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرًا؛ إذ لا يكاد يقصِدُ الكفر أحد إلا ما شاء الله".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول"ص 375: "و الغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب كذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين، و إرادة التكذيب بالرسالة، كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية، وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه كما لا ينفع من قال : الكفر أن لا يقصد أن يكفر"

قال شيخ الاسلام رحمه الله "منهاج السنة" 5/251: "فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبّه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة أهل العلم)
ـــــــــــــــــــــــ
قال شيخ الاسلام في "الصارم"ص 514:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"إنَّ مَن سبَّ الله أو سبَّ رسولَه كفر ظاهرًا وباطنًا، سواءً كان السابُّ يعتقد أَنَّ ذلك محرَّم، أو كان مستحلاّ له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنَّة القائلين بأنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ"

قال شيخ الاسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" 7/533: "والكُفْرُ تارة يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به، وتارة بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به، ثُمَّ مُجرَّدُ تصديقه في الخبر والعلم بثبوت ما أخبر به، إذا لم يكن معه طاعة لأَمْرِه، لا باطنًا ولا ظاهرًا، ولا محبَّة لله ولا تعظيمًا له، لم يكن ذلك إيمانًا".

قال شيخُ الإسلام ابنَ تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (12/335):
"الكُفْر عدم الإيمان بالله ورسله، سواءٌ كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب بَلْ شَكٌّ وَرَيْب أو إعراض عن هذا كله حسدًا أو كِبْرًا أوِ اتّباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة، وإن كان الكافر المكذّب أعظم كفرا وكذلك الجاحد المكذّب حسدًا مع استيقان صدق الرسل، والسور المكية كلها خطاب مع هؤلاء".

وقال أيضا(8/348): "فالكفر عدم تصديق الرسول سواء كان معه اعتقاد تكذيب أم لا بل وعدم الإقرار بما جاء به والمحبة له". اهـ.
 
 

Viewing all articles
Browse latest Browse all 472

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>