Quantcast
Channel: الخلافة الاسلامة على منهج المهدي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 472

{ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ }

$
0
0

قال تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)

وهذه الآية دليل وتأكيد علي أن طاعة غير الله تعالى في تحليل ما حرم أو تحريم ما أحل كفر وشرك بالله تعالى، فإن الله تعالى قد بيَّن أن المشركين يجادلون أهل الإيمان في أكلهم ما ذبحوه بأيديهم وتركهم ما قضى الله عليه الموت، مدعين أن الأولى في العقل والمنطق أكل ما قضى الله عليه الموت دون ما ذبحه الإنسان بيده، وبيَّن سبحانه أن من أطاع المشركين في تحليل ما حرمه من الميتة أنه كافر مشرك، وهذا أوضح بيان علي أن من أطاع غير الله تعالى في التحليل والتحريم فقد أشرك هذا الغير مع الله تعالى واتخذه لله ندا ومع الله إلها.

قال ابن كثير رحمه الله: استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب إلى أن الذبيحة لا تحل إذا لم يذكر اسم الله عليها وإن كان الذابح مسلما...إلى أن قال:

وقال الطبراني حدثنا علي بن المبارك حدثنا زيد بن المبارك حدثنا موسى ابن عبد العزيز حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه )أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا محمدا، وقولوا له: فما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال، وما ذبح الله عز وجل بشمشير من ذهب، يعني الميتة فهو حرام، فنزلت هذه الآية (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) أي وإن الشياطين من فارس ليوحون إلى أوليائهم من قريش...

إلى أن قال ابن كثير:
وفي بعض ألفاظه عن ابن عباس إن الذي قتلتم ذكر اسم الله عليه وإن الذي قد مات لم يذكر اسم الله عليه...إلى أن قال: وقال السدي في تفسير هذه الآية: إن المشركين قالوا للمسلمين كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله، فما قتل الله فلا تأكلونه وما ذبحتم أنتم تأكلونه؟ فقال الله تعالى (وإن أطعتموهم) في أكل الميتة (إنكم لمشركون) وهكذا قاله مجاهد والضحاك وغير واحد من علماء السلف.
وقوله تعالى (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك، كقوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله...) الآية،

وقد روى الترمذي في تفسيرها عن عدي بن حاتم أنه قال يا رسول الله: ما عبدوهم، فقال: (بلى إنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم). اهـ
تفسير ابن كثير، ج2 / 274 - 275، وحديث ابن عباس المذكور رواه ابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم بأسانيد صحيحة.

وقال القرطبي رحمه الله: (وإن أطعتموهم) أي في تحليل الميتة (إنكم لمشركون) فدلت الآية على أن من استحل شيئا مما حرم الله تعالى صار به مشركا، وقد حرم الله الميتة نصا، فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك. اهـ
تفسير القرطبي، ج7 / 79، ط: دار الحديث

قلـتــــ
-------
يُلاحَظ من أقوال أهل التفسير في الآية السابقة أن أهل الباطل في كل زمان ومكان يتحايلون لتلبيس الحق بالباطل على أهل الإسلام، وذلك بتبديل الأسماء الشرعية ابتغاء تبديل الأحكام، فقد قال كفار قريش لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه الميتة لا يصح تسميتها بهذا الإسم - الميتة - إنما هي ذبيحة الله التي ذبحها بيده، فلا يجوز أن تتركوها وتأكلوا ما ذبحتموه أنتم بأيديكم، حتى كاد ذلك أن يؤثر في نفوس بعض الصحابة رضي الله عنهم ، فحذرهم الله تعالى من طاعة أهل الشرك في تزيينهم وتلبيسهم، وهكذا يفعل أعداء الله تعالى في كل زمان ومكان فإنهم يحاولون أن يلبسوا على أهل الحق دينهم ويغيروا الأسماء الشرعية ليضلوا الناس عن دين الله تعالى، ومثل هذا ما يحدث في زماننا هذا من تسمية المجرمين للخمر باسم المشروبات الروحية وللدعارة والفجور والتبرج والسفور والزنا باسم الفن، وأعظم من ذلك وصفهم الردة الصريحة عن دين الله تعالى بأنها حرية الرأي والفكر، ووصفهم الاستهزاء بدين الله تعالى والسخرية منه بأنها حرية التعبير والصحافة، ويجب على أهل الحق أن يتنبهوا لحيل أهل الكفر والإلحاد ولا ينخدعوا بها، فإنه من المعلوم أن العبرة بالحقائق لا بالأسماء ولذلك فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي أناس يستحلون المحرمات بعد أن يغيروا اسمها، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(لا تذهب الليالي والأيام حتى تشرب فيها طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)

وقد قال الشيخ الشنقيطي : ومن هَدْي القرآن للتي هي أقوم بيانه أن كل من اتبع تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح مخرج من الملة الإسلامية.

ولما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم : الشاة تصبح ميتة من قتلها؟ فقال لهم: قتلها الله، فقالوا له: ما ذبحتم بأيديكم حلال، وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون إنه حرام! فأنتم إذن أحسن من الله؟ فأنزل الله فيهم قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)..

فهو قَسَمٌ من الله جل وعلا أقسم به على أن من اتبع الشيطان في تحليل الميتة أنه مشرك، وهذا الشرك مخرج عن الملة بإجماع المسلمين، وسيوبخ الله مرتكبه يوم القيامة بقوله (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) لأن طاعته في تشريعه المخالف للوحي هي عبادته.اهـ

وقال سيد قطب : إن النص القرآني لقاطع في أن طاعة المسلم لأحد من البشر في جزئية من جزئيات التشريع التي لا تستمد من شريعة الله ولا تعتمد على الاعتراف له وحده بالحاكمية، إن طاعة المسلم في هذه الجزئية تخرجه من الإسلام لله إلى الشرك بالله - وبعد أن ذكر كلام ابن كثير والسدي السابق ذكره - قال :
فهذا قول السدي وذاك قول ابن كثير وكلاهما يقرر في حسم وصرامة ووضوح مستمدة من حسم القرآن وصرامته ووضوحه، ومن حسم التفسير النبوي للقرآن ووضوحه كذلك، إن من أطاع بشرا في شريعة من عند نفسه ولو في جزئية صغيرة فإنما هو مشرك، وإن كان في الأصل مسلما ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك، مهما بقي بعد ذلك يقول أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه بينما هو يتلقى من غير الله ويطيع غير الله، وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم في ضوء هذه التقريرات الحاسمة فإننا نرى الجاهلية والشرك ولا شيء غير الجاهلية والشرك، إلا من عصم الله. اهـ الظلال، ج3 / 1197 – 1198
_______________________



قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
____________________________

"فاعلم أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم ، فمن ذلك لا يُدعى إلا إياه كما قال تعالى : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ( الجن : 18 )فمن عبد الله ليلاً ونهاراً ثم دعا نبياً أو ولياً عند قبره فقد اتخذ إلهين اثنين ولم يشهد أن لا إله إلا الله
لأن الإله هو : المدعو . كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير أو عبد القادر أو غيرهم وكما يفعل قبل هذا عند قبر زيد وغيره .
ومن ذبح لله ألف ضحية ثم ذبح لنبي أو غيره فقد جعل إلهين اثنين وكما قال تعالى : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( الأنعام : 162-163 ) والنسك : هو الذبح ،وعلى هذا فقس .
فمن أخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد : أن لا إله إلا الله ، ومن جعل فيها مع الله غيره فهو : المشرك الجاحد لقول لا إله إلا الله ،وهذا الشرك الذي أذكره ، اليوم قد طبق مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورين في الحديث ( وقليل ما هم ) وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم من كل المذاهب ."اهـ
_______________________________
("الرسائل الشخصية "الرسالة 20 ص167)

Viewing all articles
Browse latest Browse all 472

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>