أولاً نبين أهمية حكم التكفير وما يترتب عليه من أحكام عظيمة
---------------------------------------------------------------------
1- أحكام الولاية: فليس لكافرأن يكون له ولاية على مسلم كأن يكون قاضياً على مسلم، وإن صلى بالمسلمين إماماً فصلاته باطلة... إلى غير ذلك من لأحكام.
2-أحكام النكاح: أن الكافر أو المرتد كتارك الصلاة، أو ساب الله ورسوله، أو من يشتم الدين والإسلام يحرم نكاحه لمسلمة، ولا يجوز له تزوجها، وإن استمر معها على كفره كان نكاحه زناً.
3-أحكام التوارث: وذلك أن المسلم لا يرث الكافر كما لا يرث الكافر المسلم.
4-أحكام الجنائز: فإن الإنسان متى كان كافراً أو مرتداَ لا يجوز الصلاة عليه ولا يغسل، ومن ترحم عليه بعد موته كان آثماً.
5-أحكام الولاء والبراء: فإنه يجب على المسلم أن يتولى المؤمنين، ويتبرأ من الكافرين والمرتدين.
6-أحكام العصمة: فإن عصمة الدم والمال مترتبة على أمرين:
- إما إيمان، وهذا لا يكون إلا للمسلم.
- أو أمان، وهذا لا يكون إلا للكافر وهو قسمان:
أ- مؤقت، وهو للمستأمن الذي يسمح له بدخول ديار الإسلام لحاجة.
ب- مؤبد، وهو للذمي وذلك بشروط عقد الذمة المسطورة في كتب الفقه.
ولذلك كانت مسائل الإيمان والكفر أصلاً من أصول الإسلام، بل هي أصل الإسلام ورسالته، التي لأجلها أريقت الدماء ورملت النساء وقتلت الرجال ويتمت الأطفال، وبالجملة: فإنها رسالة الله إلى خلقه، بها بعث الله أنبياءه إلى الدنيا، وعليها يكون المصير في الأخرى، ولذلك ذكر بعض أهل العلم أهمية هذه المسائل في الدين، وأن الخطأ فيها ليس كالخطأ في غيرها..
فمن ذلك ما كان قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (12/468):
(إذا تبين ذلك فاعلم أن "مسائل التكفير والتفسيق"هي من مسائل "الأسماء والأحكام"التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام الكلية في كل وقت ومكان) ا.هـ
وقال في المجموع أيضاً (7/395): (فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث، ولا كالخطأ في غيره من الأسماء، إذ كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق) ا.هـ
وقال (13/58): (وليس في القول اسم علق به السعادة والشقاء، والمدح والذم، والثواب والعقاب، أعظم من اسم الإيمان والكفر، ولهذا سمي هذا الأصل "مسائل الأسماء والأحكام")ا.هـ
وقال العلامة ابن رجب في (جامع العلوم) (1/114) ما نصه: (وهذه المسائل –أعني مسائل الإسلام والإيمان والكفر والنفاق- مسائل عظيمة جداً، فإن الله عز وجل علق بهذه الأسماء السعادة، والشقاوة، واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة) ا.هـ
فعلم من ذلك أن هذه المسائل –أعني مسائل الإيمان والكفر – من أعظم المسائل في الشريعة، ولذلك سميت: (بمسائل الأسماء والأحكام)، لأن الإنسان إما أن يسمى بالمسلم أو يسمى بالكافر، والأحكام مرتبة على أهل هذه الأسماء في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإن المسلم معصوم الدم والمال، وتجب موالاته والجهاد معه ضد الكافرين، وتثبت له بعد مماته أحكام التوارث، وأحكام الجنائز من تغسيل وتكفين، ويترحم عليه وتسأل له المغفرة، إلى غير ذلك من الأحكام الكثيرة التي سبق الإشارة إليها.
والكافر على العكس من ذلك، حيث تجب معاداته وتوليه كفر وخروج من الملة، والقتال معه كذلك، إلى غير ذلك من الأحكام التي أشرنا إليها –أيضاً- من أحكام التوارث والجنائز وغير ذلك.
إذا بان لك ذلك علمت الجواب عمن يقول: (ما الفائدة من التكفير )؟!،
وهذا سؤال الجاهل بمثل هذا الأصل العظيم، أعني مسائل (الأسماء والأحكام)، فإنه يترتب على تكفير الكافر أو المرتد أحكام كثيرة كما أبناه سابقاً، لا سيما بالنسبة لواقعنا اليوم وقد عم الكفر أرجاء المعمورة وتعددت صنوف الشرك وأنواعه ولا حول ولا قوة إلا بالله
فمثل هؤلاء الجهال الذين ينكرون حكم التكفير ويستهزئون به ،لا يخرجو عن كونهم جهال بالتوحيد كفار بالله وبآياته،وهذا أقل ما يقال فيهم ، فمثل هؤلاء لا يعرفون الكفر بالطاغوت إذ أن من لوازم الكفر بالطاغوت تكفيره وهم يكرهون هذا الحكم ويستهزئون به ويصدون عنه ويعادون من يكفر المشركين ويكفر الطواغيت ،ويقولون عنه تكفيري وخارجى وضال،فقل لى بربك كيف يحققو هؤلاء ركن التوحيد وهو الكفر بالطاغوت ،وكيف يحققو البرآئه من المشركين !!
فلا تأبه لهم ولا تجعل لهم قيمه أخى، ولتدعوهم لتعلم التوحيد ،ولا يضرك قولهم لك تكفيري أو خارجى ،فوالله هذا ديدن أهل الضلال والجهل في كل زمان ،فأمثال هؤلاء هم قتلة الأنبياء والرسل ،وأمثال هؤلاء هم من قالو على خير خلق الله صلي الله عليه وسلم مجنون وشاعر وساحر ،وأمثال هؤلاء قالو عن سلفنا رحمهم الله أنهم خوارج وتكفيريون ،وغيرها من التهم ..والله المستعان على ما يصفون
وفي هذا المقام أحببت أن أختم بكلام رائع للشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في وصف هؤلاء الكفار
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ( فصار من هؤلاء المشركين من يُكفر أهل التوحيد ، بمحض الإخلاص والتجريد، وإنكارهم على أهل الشرك والتنديد ، فلهذا قالوا : أنتم خوارج ، أنتم مبتدعة ، كما أشار العلاَّمة أبن القيم إلى مثل هذه الحال في زمانه بقوله :
من لي بشـبه خوارج قد كفـروا بالذنـب تأويـلاً بلا حسـبان
ولهم نصـوص قصروا في فهمـها فأتـوا من التقصـير في العرفان
وخصـومُنا قد كفرونـا بالـذي هو غـاية التوحـيد والإيمـان
وهذا الرجل قد أخذ بطريقة من يُكفر بتجريد التوحيد ، فإذا قُلنا : لا يُعبد إلاَّ الله ولا يُدعى إلاَّ هو ، ولا يُرجى سواه ولا يُتوكل إلاَّ عليه ، ونحو ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلُح إلاَّ لله ، وأن من توجه بها لغير الله فهو كافر مشرك ، قال ابتدعتم وكفرتم أمة مُحمد ، أنتم خوارج ، أنتم مبتدعه
الدرر السنية 11 / 448 ,449
هذا ما وفقنى الله إليه ،وأسأل الله أن يجعلنا من أهل التوحيد والحق وأن يهدي كل جاهل ضال
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.