Quantcast
Channel: الخلافة الاسلامة على منهج المهدي
Viewing all 472 articles
Browse latest View live

هذا واقعهـــم فهل يعـــذرون بالجهـــل ؟!!

$
0
0


قال تعالى : وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ( الفرقان 30 -31)
ــــــــــــــــــــــــــــ

إن هناك حقيقة مرة يحاول أصحاب العذر بالجهل أن يستخفوا بها ، ويتجنبوا الكلام عليها , ولكنا بإذن الله كاشفون عوارهم فيها وفاضحون تخبطهم في فهمها , وذلك أن القائلين بالعذر في هذا الواقع وهذا الزمان , لا يعذرون اليوم المشركين ممن انتسب إلى الإسلام بجهلهم كما يدعون , وإنما هم في الحقيقة يعذرونهم بإعراضهم عن العلم وهجرهم كتاب ربهم , هذه حقيقة يعلمها وينظرها بعيني رأسه كل مؤمن يرعى لله حُرمة , وهذه النقطة في واقع الأمر من النقاط الفاصلة بيننا وبينهم في فهم هذه القضية ـ قضية العذر بالجهل في الشرك الأكبر ـ وامتلاك التصور الصحيح لها في واقع مجتمعات اليوم بالذات , فكل ذي بصيرة ودين يعلم أن عامة المشركين ممن ينتسب إلى الإسلام في هذا الزمان إما يحيون كالبهائم والأنعام معرضين عن معرفة الحق , هاجرين لكتاب ربهم لا يعرفونه إلا كتميمة يعلقونها في سيارتهم أو تحفة أثرية في "صالوناتهم "أو طقوس للحزن عند النواح على الميت أو عرف دارج عند افتتاح حفل داعر أو زينة من زينات نوع من الأطعمة أو المشروبات التي هم في حقيقة أمرهم لا يعيشون إلا من أجلها كالبهائم والأنعام بل أضل سبيلاً .

انظروا الى هذا الذي شب وشاب قاطعاً عمره وزمانه في تعلم الشرائع الوضعية وأسسها ومصادرها واتجاهاتها والخلافات المذهبية بين هذا وذاك ، ونصوص الدستور ثم نصوص القانون المدني و الجنائي وغيرهما مما لو بذل معشاره في تعلم دين الله لصار فيه إماماً ، ثم هو بعدُ يأتي بالشرك الصراح فتجد من يقول لك إنه معذور له حجته !! .

انظروا إلى هذا الذي أفنى عمره ودهره في تعلم فنون الموسيقى ومدارسها وآلاتها والفوارق بين أنغامها ومقاماتها والدراسات المقارنة في الموسيقى الغربية والشرقية ، ورواد الاتجاهات في كل منهما والتاريخ الدقيق لمراحل تطورها وعلم الله ميسور لديه حيثما أراده وجده ، ولكنه أعرض واتبع هواه وكان أمره فرطا ، فيقع في الشرك المبين ضرورة من غير ما وعي منه كناتج طبيعي ، فتجد من يقول لك أنه معذور له حجته عند الله .

انظروا إلى هذا الذي قطع زمانه وسني عمره في دراسة الفكر الفلسفي الغربي ومذاهبه المختلفة وتاريخ تطور هذه المذاهب ومصادرها وطبيعة نشأتها وأهدافها وأصولها العامة والتفصيلية وأئمتها وروادها ، والدراسات المقارنة بين كل منهم وبيان نقاط الاتفاق والاختلاف ثم هو بعد أجهل من الدواب والأنعام في معرفة دين الله والحق المنزل وما يصير به العبد مسلماً وما يخرج به من الإسلام كأبسط فروض العلم الشرعي ، نابذاً كتاب الله وراء ظهره كأنه لا يعلم أو لا يراه ، ثم يسقط ضرورة في شرك أو كفر ، فتجد من يقول له عذره وحجته عند الله .

انظروا إلى هذا الذي قطع عمره وأفنى نفسه في دراسة اللغة العربية وآدابها وفنونها ومراحل تطورها ودراسة ديوان شعر العرب في الجاهلية وبعد الإسلام ، والدراسات المقارنة بين الهزليين وغيرهم ، والعذريين وابن أبي ربيعة ، والخلافات المذهبية بين أنصار الشعر التقليدي والشعر الحديث وحجج كل الفريقين ، والدراسات الدقيقة بين الأصوات العربية والأصوات اللاتينية والسريانية والعبرية والهناركية وغيرها ، لاهثاً وراء وظيفة حكومية مرموقة ، أو المكانة الاجتماعية والثقافية ، ثم هو بعد لا يعلم من دين الله إلا بعض الشكليات والشعائر ، وما يدري ما الكتاب ولا الإيمان فإذا ما وقع في سقطة كفر وشرك ، تجد من يقول لك إنه معذور له حجته عند الله !!

انظروا إلى هذا الذي شب وشاب عاملاً في الحقل السياسي ، بارعاً في كل كذبة،رائعاً في كل خديعة وتزوير،هائلاً في كل نفاق ورياء،غارقاً في الانتخابات البرلمانية صغيرها وكبيرها ، هي عمره وحياته ومبدؤه وغايته ، عالماً بأسس الدعاية ، ضليعاً في جمع المال على الدوام بكل سبيل من أجلها ، لاهثاً وراء المناصب الحزبية والسياسية والمقاعد البرلمانية ثم هو بعد لا يقدم لشرع الله معشار ما يقدمه في ضلاله ، وتجده يتفوه بأفحش الشرك ، وينادي بأقبح المعتقدات وأفسدها ، ويتلبس بأوضح صور نقض التوحيد ، فتجد من يقول لك إنه معذور له حجته .

انظروا إلى تلك المثقفة ، معرضة عن كتاب الله وهديه ونوره لاهثة وراء ثقافات الغرب وكتاباتهم ، وتقطع لها أحياناً البحار والوديان ، لتقف على مكنوناتها ، وتتتلمذ على روادها ، وتنهل من منابعها الأصيلة ، وتتقن لغتهم بأسرع ما يمكن ، ناظرة من علٍ إلى شريعة الله ، واسمة شعائر الحق بالجمود والرجعية ساقطة من شعر رأسها إلى أخمص قدميها في الضلال المبين ، فتجد من يقول لك إنها معذورة لها حجتها عند الله .

انظروا إلى عامة مشركي هذا الزمان ممن تيسر لديهم كتاب الله وكتب السنة وكتب التفسير وكتب علوم اللغة والأصول وغيرها من جوامع الفقه ، يصل إليها بأقل جهد وأبسطه مما لم يشهده زمان قبلهم بهذه الصورة ،

انظروا إليهم يجهلون أبسط حدود الله في معاني التوحيد ونواقضه ، وعامتهم يعبدون غير الله صراحة كما يقر مخالفونا ولا ينكرون ، انظروا إليهم بهذا الحال وهم معرضون عن النور والحق وهم بعد أبرع الناس في معرفة أدق قوانين الكرة والألعاب الرياضية وأنديتها وبطولاتها ، وترتيب منازلها في البطولات المختلفة ، فضلاً عن الإحاطة الهائلة بالأفلام السينمائية ومخرجيها وأبطالها وممثليها وتقصي أخبارهم ومواليدهم وتاريخهم الفني وأهم أعمالهم ، فضلاً عن الإلمام الكامل والمفصل ببرامج الإذاعة والتلفزيون ، ومواعيد الأفلام والتمثيليات ، ومباريات الكرة ، ذلك مبلغهم من العلم ، انظروا إليهم ثم اعجب ألف مرة لمن يقول لك : إنهم معذورون بجهلهم ،

فليت شعري أليست هذه الأصناف كلها هم من تلقاهم وتسمعهم كل يوم وتجري أحكام الله عليهم ، انظروا إليهم ودققوا النظر في حالهم ثم تأملوا قول الحق سبحانه وتعالى مبيناً صفة الراغب في الهدى الذي لو صح لأحد عذر لكان له، يصفه بقوله : وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى. وَهُوَ يَخْشَى . فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (عبس :8-10 ) ، وتأملوا قوله سبحانه يصف قاصدي الرضوان والهدى : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (الكهف :28 )

ثم قارنوا بين هؤلاء المتقين وبين هؤلاء الفسقة المجرمين الذين مردوا على الكفر ، وأشرب الشرك في قلوبهم ، وانشغلوا بالدنيا ومفاتنها وشهواتها // ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ ( النجم :30 )

أقول : إن الذي يجب أن يعرفه الناس جميعاً ، وأصحاب هذا الدين على وجه الخصوص ، أنه ليس من مقتضيات دين الله أن تدخل الآيات في أسماع الناس هم وقلوبهم كي تقام الحجة ، وإنما التكليف الشرعي ، هو تيسير هذا الهدى أمام الناس ، إبلاغ الحجة لهم وهي كتاب الله ، وهو ميسر بتقدير الله ورحمته ، ثم هم بعد ذلك صفان أمام معطيات هذه الحجة ، إما مقبل عليها راغب فيها حريص عليها لا يقدم عليها غيرها ، وإما معرض عنها هاجر لمصادرها مفتون بغيرها مهموم بدونها ، سواء أضله شياطين الإنس أم الجن أو فسق نفسه واتبع هواه . وكلا الصنفين قامت عليه الحجة ، هذه هي طبيعة منهج الدين في بيانه ، قال تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر (القمر :32 )

فأكثر الناس اليوم معرض عن الشريعة ، هاجر كتاب الله ودراسته وتعلمه كما قدمنا ، وكما يصف الله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً . فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (النساء :61-63)

نعم هذا هو حالهم وهذا هو موقفنا حيالَهم كذلك: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ويقول تعالى مبيناً حال من قدمنا بدقة
(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (الكهف :28 ) ،

ومن أعظم وأجل ما نصنع في هذه القضية من آيات الله قوله تعالى: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا.ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ إ ِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اهْتَدَى (النجم :29-30)

أيها الناس : إنَّ بيان الله وهديه لهو أحق بالإتباع من عواطف الرجال وأهوائهم ورأيهم المجرد : لمن أراد أن يستقيم على السبيل أو يستقيم له الطريق أو يتضح له المنهج ،

قال تعالى : قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (المائدة :15-16)

يا قوم إننا أمام قضية قوم هجروا كتاب الله ، وتولوا عن الذكر وهو بين أيديهم ، وقصدوا الدنيا حتى أصبحت هي علمهم ودينهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود

بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ

$
0
0

ــــــــــــــــــــ

{ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ } سورة الأنبياء الآية (24).

فقد ذكر الله سبحانه في هذه الآية أن سبب إعراض الكفار عن الحق هو جهلهم وعدم معرفتهم به .

يقول الإمام ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ :
-------------------------------------------
(يقول: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون الصواب فيما يقولون ولا فيما يأتون ويذرون، فهم معرضون عن الحق جهلا منهم به، وقلَّة فهم ) .اهـ [ تفسير ابن جرير الطبري ج 16 / 249 ].

ويقول أبو حيان في البحر المحيط :
-----------------------------------
( فلا يعلمون أي أصل شرهم وفسادهم هو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل ومن ثم جاء الإعراض عنه.

قال الزمخشري :
----------------
ويجوز أن يكون المنصوب أيضا على معني التوكيد لمضمون الجملة السابقة . كما تقول : هذا عبد الله الحق لا الباطل فأكد نسبة انتفاء العلم عنهم والظاهر أن الإعراض متسبب عن انتفاء العلم لما فقدوا التمييز بين الحق والباطل وأعرضوا عن الحق ) اهـ [ البحر المحيط ج 6 / 375 ].

ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي:
-------------------------------------
(وقوله: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ } أي: وإنما أقاموا على ما هم عليه، تقليدا لأسلافهم يجادلون بغير علم ولا هدى، وليس عدم علمهم بالحق لخفائه وغموضه، وإنما ذلك، لإعراضهم عنه، وإلا فلو التفتوا إليه أدنى التفات، لتبين لهم الحق من الباطل تبينا واضحا جليا ولهذا قال: { فَهُمْ مُعْرِضُونَ })
[ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(1/521) ].

ـ عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ) .

رواه الترمذي (3115 ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث، والطبراني (13673) واللفظ له، وقد نقل ابن تيمية عن الترمذي أنه صححه ( الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ج 1 / 185 ) .
ونقل الحافظ في تخريجه لأحاديث الكشاف أنه حسنه ( الصحيحة 3293 ).
وصححه ابن تيمية ( منهاج السنة ج 1 / 21 ) .

فعدي كان يجهل أن ما يفعله من طاعته للأحبار والرهبان عبادة وذلك في قوله ( ولسنا نعبدهم ) ومع ذلك لم يعذرهم الله سبحانه بل سماهم مشركين كما في قوله { سبحانه عما يشركون } .

قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين رحمه الله تعالى تعليقا على هذا الحديث:
( فذمهم الله سبحانه وسماهم مشركين مع كونهم لم يعلموا أن فعلهم معهم هذا عبادة لهم فلم يعذروا بالجهل )
[ فتاوى الأئمة النجدية ج 3 / 185 ].

بلغـت الحجــه وانقطــع العـــذر

$
0
0

يقول الله تعالى :
----------------
﴿ يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبيناً ﴾

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة
( يقول تعالى مخاطباً جميع الناس ومخبراً بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم , وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبه ,ولهذا قال ( وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) أي ضياء واضحاً على الحق ,قال ابن جرير وغيره هو القرآن )أ.هـ

قال القرطبي : (.. قال مجاهد : البرهان هاهنا الحجة )أ.هـ

2-ويقول الله تعالى :
---------------------

﴿ هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكَر أولوا الألباب ﴾

فقال ابن كثير في تفسيرها :
( يقول تعالى هذا القرآن بلاغ للناس كقوله ( لأنذركم به ومن بلغ ) أي هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجن كما قال في أول السورة ( الر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) ا لآية ( ولينذروا به ) أي ليتعظوا به ( وليعلموا إنما هو إله واحد ) أي ليستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو ( وليذكر أولوا الألباب ) أي ذوى العقول ) أ. هـ

قال القرطبي :
( وليعلموا أنما هو إله واحد ) أي وليعلموا وحدانية الله بما أقام من الحجج والبراهين . ( وليذكر أولوا الألباب ) أي وليتعظ أصحاب العقول وهذه اللامات في ( ولينذروا ) , ( وليعلموا ) , ( وليذكر) متعلقة بمحذوف التقدير : وليذلك أنزلناه .وروى يمان بن رئاب أن هذه الآية نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله عنه وسئل بعضهم هل لكتاب الله عنوان ؟ فقال : نعم , قيل : أين هو ؟ قال قوله تعالى : ( هذا بلاغ للناس ولينذروا به ) إلى آخرها )أهـ

قال البغوى رحمه الله :
( وقال جل ذكره : "هذا بلاغ للناس "يعنى هذا القرآن ذو بلاغ , أي ذو بيان كاف, والبلاغة هي البيان الكافي)

3-يقول الله تعالى :
--------------------
﴿وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ﴾

يقول القرطبي في تفسير هذه الآية العظيمة :
( قوله تعالى ( وأوحى إلى هذا القرآن )أي والقرآن شاهد بنبوتي
( لأنذركم به ) يا أهل مكة ( ومن بلغ ) أي ومن بلغه القرآن فحذف الهاء لطول الكلام . وقيل ومن بلغ الحلم ودل بهذا على أن من لم يبلغ الحلم ليس بمخاطب ولا متعبد . وتبليغ القرآن والسنة مأمور بهما كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغهما فقال : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )

وفى صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن النبي : ( بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عنى بنى إسرائيل ولا حرج ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ).

وفى الخبر أيضاً من بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه آمر الله أخذ به أو تركه .
وقال مقاتل : من بلغه القرآن من الجن والإنس فهو نذير له .

وقال القرظى : من بلغه القرآن فكأنما قد رأى محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع منه ) أ.هـ

قال ابن كثير وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) أي هو نذير لكل من بلغه كقوله تعالى ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) قال ابن أبى حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع وأبو أسامة وأبو خالد عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب في قوله
( ومن بلغ ) من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم زاد أبو خالد وكلمه .
ورواه ابن جرير من طريق أبى معشر عن محمد بن كعب قال : من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم . وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى : (لأنذركم به ومن بلغ ) أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : ( بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله ) أ.هـ

ويقول الله تعالى :
-----------------
﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلَهم يتذكرون , قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون . ضرب الله مثلاً رجـلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلـماً لرجل هل يستويان مثلاً ,الحمد لله بل أكثرهم لا يعـلمون ﴾

قال ابن كثير :
( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) أي بينا للناس فيه بضرب الأمثال ( لعلهم يتذكرون ) فأن المثل يقرب المعنى إلى الأذهان كما قال تبارك وتعالى :
( ضرب لكم مثلاً من أنفسكم ) أي تعلمونه من أنفسكم وقال عز وجل : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) وقوله جل وعلا ( قرآناً عربياً غير ذي عوج ) أي هو قرآن بلسان عربي مبين لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس بل هو بيان واضح وبرهان وإنما جعله الله تعالى بما فيه من الوعد . ثم قال ( ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ) أي يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم ( ورجلاً سلماً) أي سالماً (لرجل) أي خالصاً لا يملكه أحد غيره ( هل يستويان مثلاً؟ ) أي لا يستوي هذا وهذا . كذلك لا يستوى المشرك الذي يعبد آلهة مع الله والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له , فأين هذا من هذا ؟

قال ابن عباس رضى الله عنهما ومجاهد وغير واحد : هذه الآية ضربت مثلاً للمشرك والمخلص . ولما كان هذا المثل ظاهراً بيناً جلياً قال (الحمد لله) أي على إقامة الحجة عليهم ( بل أكثرهم لا يعلمون ) أي فلهذا يشركون بالله ) أ.هـ

4-ويقول تعالى :
-----------------
﴿قل إنما أنذركم بالوحي , ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ﴾
والأدلة على هذا المعنى كثيرة معلومة بالضرورة قاطعة الدلالة .

قال الشيخ أبو بطين في الدرر السنية9/241 :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ولكن يكفي في إقامة الدليل عليهم أن يعلموا بإسم الإسلام أن الله لا يقبل من إنسان غير الإسلام دينا
ثم يبقى عليهم بعد ذلك معرفة هذا الدين ومعرفة صفاته وخصائصه وذلك من واجبات الفرد نفسه أن يسأل عن الخطأ والصواب كما يفعل ذلك في أمور معيشته ,
وعلى هذا فمرتكب الكفر وإن كان متأولا أو مجتهدا أو مخطئا أو مقلدا أو جاهلا ليس معذورا في ذلك فليس حكم الردة مقصورا على من عاند مع معرفة وعلم فنحن لا نعرف المعاند حتى يقول أنا أعلم أن ذلك حق ولكن لا ألتزمه ولا أقول به وهذا الصنف بهذا الوصف لا يكاد يوجد) ا.هـ
_________

قال الشيخ أبو بطين عبد الله بن عبد الرحمن في رسالة في بيان الشرك 40 :

( وقولك حتى تقوم عليه الحجة الإسلامية من إمام أو نائبه ! معناه أن الحجة الإسلامية لا تقبل إلا من إمام أو نائبه , وهذا خطأ فاحش لم يقله أحد من العلماء!
بل الواجب على كل أحد قبول الحق ممن قاله كائنا من كان,
ومقتضى هذا أن من ارتكب أمرا محرما شركا فما دونه بجهل وبين له من عنده علم بأدلة الشرع أن ما ارتكبه حرام وبين له دليله من الكتاب والسنة أنه لا يلزمه قبوله إلا أن يكون ذلك من الإمام أو نائبه ! وأظنك سمعت هذا الكلام من بعض المبطلين وقلدته فيه وما فطنت لعيبه
وإنما وظيفة الإمام أو نائبه إقامة الحدود واستتابة من حكم الشرع بقتله كالمرتد في بلاد الإسلام
وأظن هذه العبارة مأخوذة من قول بعض الفقهاء في تارك الصلاة أنه لا يقتل حتى يدعوه إمام أو نائبه إلى فعلها والدعاء إلى فعل شيء غير بيان الحجة على خطئه أو صوابه أو كونه حقا أو باطلا بأدلة الشرع
فالعالم مثلا يقيم الأدلة الشرعية على وجوب قتل تارك الصلاة ثم الإمام أو نائبه يدعوه إلى فعلها ويستتيبه ) ا.هـ

يقول الله تعالى :
ـــــــــــــــــــــــــ

﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون , سيقولون لله قل أفلا تذكرون . قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله ,قل أفلا تتقون .قل من بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون , سيقولون لله قل فأنى تسحرون بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾ المؤمنون

يقول القرطبي رحمه الله :
-------------------------
(فأنى تسحرون ) أي فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده .أو كيف يخيل إليكم أن تشركوا به مالا يضر ولا ينفع ! والسحر هو التخيل .وكل هذا احتجاج على العرب المقرين بالصانع ) أ.هـ .

يقول ابن كثير رحمه الله :
--------------------------
(وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ) كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدا لا يخفر في جواره وليس لمن دونه أن يجير عليه أي وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه ,الذي له الخلق والأمر ولا معقب لحكمه ,الذي لا يمانع ولا يخالف ,وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . وقال الله (لا يسأل عم يفعل وهم يسألون ) أي لا يسأل عما يفعل لعظمته وكبريائه وغلبته وقهره وعزته وحكمته وعدله , فالخلق كلهم يسألون عن أعمالهم كما قال تعالى
(فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) وقوله (سيقولون لله ) أي سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له (قل فأنى تسحرون ) أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك ثم قال تعالى : (بل آتيناهم بالحق ) وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله وأقمنا الأدلة الصحيحة ,الواضحة القاطعة على ذلك (وإنهم لكاذبون ) أي في عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك كما قال في آخر السورة ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال , وإنما يفعلون ذلك اتباعا ً لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال كما قال الله عنهم ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون )أ.هـ
_______________________

قلت انظر الي قول ابن كثير رحمه الله ؛

فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم إلى ما هم فيه من الإفك والضلال , وإنما يفعلون ذلك اتباعا ً لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال كما قال الله عنهم ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون )أ.هـ
 

لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل

$
0
0

 ﴿ رُسُلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً ﴾النساء : 165.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول ابن كثير – رحمه الله

في تفسير هذه الآية الكريمة :

( رُسُلاً مبشرين ومنذرين ) أي يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب .

وقوله ( لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً )

أي أنه تعالى أنزل كتبه و رسل رسله بالبشارة والنذارة وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه لئلا يبقى لمعتذر عذر كما قال تعالى :

﴿ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ﴾وكذا قوله ﴿ ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم ﴾ الآية. اهـ

قال تعالي 
﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ,أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال القرطبي :
-------------
(سنريهم آياتنا في الآفاق ) أي علامات وحدانيتنا وقدرتنا ( في الآفاق )يعنى خراب منازل الأمم الخالية (وفى أنفسهم )بالبلايا والأمراض وقال ابن زيد: (في الآفاق) آيات السماء(وفى أنفسهم ) حوادث الأرض وقال عطاء وابن زيدأيضا(في الآفاق )يعنى أقطار السماوات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرهما.
(في أنفسهم) من لطيف صنعه وبديع الحكمة حتى سبيل الغائط والبول فإن الرجل يأكل ويشرب من مكان واحد ويتميز ذلك من مكانين وبديع صنعة الله وحكمته في عينيه اللتين هما قطرة ماء ينظر بهما من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام .وفى أذنيه اللتين يفرق بهما بين الأصوات المختلفة وغير ذلك من بديع حكمة الله فيه .
(حتى يتبين لهم انه الحق ) فيه أربعة أوجه :
أحدهما : أنه القرآن
والثاني :الإسلام جاءهم به الرسول ودعاهم إليه
والثالث :أن ما يريهم الله ويفعل من ذلك هو الحق
والرابع : أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الرسول الحق .

(أو لم يكف بربك .....)
والمعنى أولم يكفهم ربك بما دلهم عليه من توحيده لأنه (على كل شئ شهيد )وإذا شهده جاز عليه) أ.هـ .

والآيات البينات في هذا المعنى أكثر من أن تحصى ولكن قد يقول قائل – والله أعلم بالسرائر -:
---------------------------
أن هذه الآيات شاهدة على توحيد الربوبية فقط ولا تتطرق إلى توحيد الإلهية ذلك أن المولى عز وجل يدل الخلق من خلالها على كمال قدرته وعظمته وبأنه الصانع الخالق الرازق .

فيقال لمن حدثته نفسه بمثل ذلك إنك لم توافق الصواب بل تجنيت على الآيات وأوجه دلالتها وتحدثت في الله بغير علم بل وتجنيت على المشركين الأوائل والذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوا عليهم آيات الله ويدعوهم إلى التوحيد ولا يشركوا بالله شيئا.

ذلك إن هؤلاء المشركين لم ينازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربوبية الله ولم يجحدوها حتى يقال ذلك في مدلول الآيات بل إن آيات الله عز وجل تشهد لهم بإثبـاتهم الربوبية له وحده سبحانه وإنهم لم يدّعوا أبدا إن هذه الأصنام التي يعبدونها من دون الله تخلق أو ترزق .
يقول تعالى :
﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ﴾

ويقول تعالى : ﴿ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ﴾

هذا من جانب , ومن جانب آخر يقول تعالى :
﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ,الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ﴾

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
-------------------------------
(الخالق لهذه الأشياء هو المستحق العبادة .) أ.هـ

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلى النجدي :
(أي ومن كان هذا وصفه فهو المستحق أن تعبدوه وحده "لا تجعلوا له أندادا"أمثالا ونظراء بصرف شي من أنواع العبادة لهم وأنتم تعلمون أنها لا تماثله بوجه من الوجوه .أو كنتم تعلمون تفرده بإيجاد المخلوقات وإنزال المطر ,وجعل الأرض فراشا والسماء بناء وأنه لا يرزقكم غيره . يحتج تعالى عليهم بما أقروا به وعلموه من توحيد الربوبية على ما جحدوه وأنكروه من توحيد الألوهية .
فإنه تعالى كثيرا ما يقرن في كتابه توحيد ألوهيته بتوحيد ربوبيته فإن توحيد الربوبية هو الدليل الأوضح والبرهان الأعظم على توحيد الإلهية ) أ.هـ حاشية ثلاثة الأصول . طبعة دار أم البنين ص 28.
 

قال تعالي  ﴿ قل فالله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ﴾ الأنعام : 149.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول القرطبي في تفسير الآية العظيمة :

( قوله تعالى : "قل فالله الحجة البالغة "أي التي تقطع عذر المحجوج وتزيل الشك عمن نظر فيها . فحجته البالغة على هذا تبيينه أنه الواحد وإرساله الرسل والأنبياء فبيًّن التوحيد بالنظر في المخلوقات وأيد الرسل بالمعجزات وألزمأمره كل مكلف . فأما علمه / وإرادته / وكلامه فغيب لا يطلع عليه العبد إلا من ارتضى من رسول .
ويكفي في التكليف أن يكون العبد بحيث لو أراد أن يفعل ما أمره به لأمكنه ) أ . هـ

قال ابن كثير في تفسير الآية : ( قال الضـحًّاك : لا حجة لأحد عصى الله ولكن لله الحجة البالغة على عباده ) أ. هـ
 

صة المختار بن أبي عبيد الثقفي

$
0
0
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"ما وقع في زمن الصحابة :

(وهي قصة المختار بن أبي عبيد الثقفي وهو رجل من التابعين مصاهر لعبد الله ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه مظهر للصلاح فظهر في العراق يطلب بدم الحسين وأهل بيته فقتل ابن زياد ومال إليه من مال لطلبه دم أهل البيت ممن ظلمهم ابن زياد فاستولوا على العراق وأظهر شرائع الإسلام ونصب القضاة والأئمة من أصحاب ابن مسعود وكان هو الذي يصلي بالناس الجمعة والجماعة لكن في آخر أمره زعم أنه يوحى إليه فسير إليه عبد الله بن الزبير جيشاً فهزموا جيشه وقتلوه وأمير الجيش مصعب بن الزبير وتحته امرأة أبوها أحد الصحابة فدعاها مصعب إلى تكفيره فأبت فكتب إلى أخيه عبد الله يستفتيه فيها فكتب إليه إن لم تبرأ فاقتلها . فامتنعت فقتلها مصعب وأجمع العلماء كلهم على كفر المختار مع إقامته شعائر الإسلام – لما جنى على النبوة وإذا كان الصحابة قتلوا المرأة التي هي من بنات الصحابة لما امتنعت عن تكفيره فكيف بمن لم يكفروا البدو مع إقرارهم بحالهم ؟
فكيف بمن زعم أنهم هم أهل الإسلام ومن دعاهم إلى الإسلام هو الكافر ؟! يا ربنا نسألك العفو والعافية ) (مختصر السيرة ص 28،29)

ويقول محمد بن عبد الوهاب : (وما أحسن ما قال واحد من البوادي لما قدم علينا وسمع شيئاً من الإسلام قال : أشهد أننا كفار يعني هو وجميع البوادي ، وأشهد أن المطوع الذي يسمينا أهل إسلام أنه كافر . )(مجموعة التوحيد ص 37 )

ويقول أيضاً : ( والذي يبين ذلك من قصة الردة أن المرتدين افترقوا في ردتهم فمنهم من كذب النبي ورجعوا إلى عبادة الأوثان وقالوا : لو كان نبياً ما مات !!.
ومنهم من ثبت على الشهادة ولكن أقر بنبوة مسيلمة ظناً أن النبي أشركه في النبوة لأن مسيلمة أقام شهود زور شهدوا له بذلك فصدقهم كثير من الناس ومع هذا أجمع العلماء أنهم مرتدون ولو جهلوا ذلك ومن شك في ردتهم فهو كافر . ( مجموعة التوحيد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود

وإن أظهر مع ذلك الإسلام

$
0
0


يقول القاضي عياض في كتابه الشفا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ولهذا نكفر من لم يكفر من دان بغير ملة الإسلام من الملل أو وقف فيهم أو شك أو صحح مذهبهم وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك )أ.هـ (القاضي عياض – كتاب الشفا – جـ 2 ص610)

يقول القاضي عياض
ــــــــــــــــــــــــــــــ

(وقال نحو هذا القول الجاحظ وثمامة في أن كثيراً من العامة والنساء والبله ومقلدة النصارى واليهود وغيرهم لا حجة لله عليهم .. إذ لم تكن لهم طباع يمكن معه الاستدلال وقد نحا الغزالي قريباً من هذا المنحى في كتاب التفرقة ، وقائل هذا كله كافر بالإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك) أ هـ
ص602 ص 603 الشفا الجزء الثاني )

قال القاضي عياض نقلاً عن القاضي أبو بكر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(قال القاضي أبو بكر لأن التوقيف والإجماع اتفقا على كفرهم فمن وقف في ذلك فقد كذب النص والتوقيف((أي بالسماع من الله ورسوله )) أو شك فيه . والتكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر )
أ .هـ (الشفا جـ2 ص 602، 603 )
_______________________

وكلام الجاحظ هو نفسه كلام أصحاب العذر اليوم إذ يقولون أن عوام الناس المشركين الجهلة اليوم لا حجة لله عليهم فهم معذورون فيما يرتكبونه من أعمال الكفر والإشراك وأن الله عز وجل لم يكفرهم ولا رسوله لأنهم جهال لم تقم عليهم الحجة ... فسبحان الله كيف تشابهت قلوبهم وهل ننتظر أن يرسل الله إليهم رسولاً أم ينزل عليهم ملائكته مبلغين معلمين ؟!!
﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾(الأنعام :149)
فحجة الله سبحانه قائمة على عباده بآياته الكونية وبرسله وكتبه فلا عذر لأحد من الخلق فيما يرتكبونه من الإشراك في ألوهية الله عز وجل ومن قال بضد هذا فقد زعم أن الله لم يقم الحجة على عباده وهو بهذا مشرك كافر منتقص لجلال الله وكماله

يقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبا بطين :

"فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ، فلا يعذر في عدم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فلا عذر له بعد ذلك بالجهل ، وقد أخبر الله سبحانه بجهل كثير من الكفار مع تصريحه بكفرهم ووصف النصارى بالجهل مع أنه لا يشك مسلم في كفرهم ، ونقطع أن أكثر اليهود والنصارى اليوم جهال مقلدون ، ونعتقد كفرهم وكفر من شك في كفرهم ."أ .هـ 

قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في رسالته القيمة حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة :

(فقد بلغنا وسمعنا من فريق ممن يدعي العلم والدين وممن هو بزعمه مؤتم بالشيخ محمد بن عبد الوهاب ، إن من أشرك بالله وعبد الأوثان لا يطلق عليه الكفر والشرك بعينه وذلك أن بعض من شافهني سمع من بعض الإخوان أنه أطلق الشرك والكفر على رجل دعا النبي صلى الله عليه وسلم واستغاث به فقال له الرجل لا تطلق عليه الكفر حتى تعرفه) إلى أن قال : ( وعند التحقق لا يكفرون المشرك إلا بالعموم وفيما بينهم يتورعون عن ذلك ثم دبت بدعتهم وشبهتهم حتى راجت ) ثم قال : (ومسألتنا هذه وهي عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من عبادة ما سواه وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر الذي ينقل من الملة هي أصل الأصول وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وقامت على الناس بالرسول وبالقرآن وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين في ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل لا يذكرون التعريف في مسائل الأصول إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض المسلمين كمسائل نازع بها بعض أهل البدع كالقدرية والمرجئة أو في مسألة خفية كالصرف والعطف وكيف يعرفون عباد القبور وهم ليسوا بمسلمين ولا يدخلون في مسمى الإسلام وهل يبقى مع الشرك عمل ).

وقال بعدها : (ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح وهو أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن نعوذ بالله من سوء الفهم الذي أوجب لهم نسيان الكتاب . وهذه الشبهة التي ذكرنا قد وقع مثلها أو دونها لأناس في زمن الشيخ محمد رحمه الله ولكن من وقعت له يراها شبهة ويطلب كشفها وأما من ذكرنا فإنهم يجعلونها أصلاً ويحكمون على عامة المشركين بالتعريف(أي يقولون لا نكفرهم إلا بعد أن تقام عليهم الحجة – ويزعمون أن الحجة لم تقم على المشركين عباد القبور .) ويجهلون من خالفهم فلا يوفقون للصواب لأن لهم في ذلك هوى وهو مخالطة المشركين .


قال الله جل وعلا
ــــــــــــــــــــــــ

﴿قُلْ يَأَيّهَا الْكَافِرُونَ . لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ .
وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مّا عَبَدتّمْ .وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: إن هذه السورة [سورة الكافرون] تشتمل على النفي المحض، وهذه خاصية هذه السورة، فإنها براءة من الشرك كما جاء في وصفها.قال: ومقصودها الأعظم البراءة المطلوبة بين الموحدين والمشركين، ولهذا أتى بالنفي في الجانبين تحقيقاً للبراءة المطلوبة، مع تضمنها للإثبات بأن له معبوداً يعبده وأنتم بريئون من عبادته، وهذا يطابق قول إمام الحنفاء: ﴿إِنّنِي بَرَآءٌ مّمّا تَعْبُدُونَ * إِلاّ الّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف].فانتظمت حقيقة لا إله إلا الله.ولهذا كان النبي يقرنها بسورة الإخلاص في سنة الفجر وسنة المغرب أ.هـ

وأما عما حملته هذه السورة العظيمة من النفي المقصود في حق أهل الشرك، فقد تعلق النفي الأول بالفعل [لا أعبد ما تعبدون] وقد جاء بصيغة المستقبل [أعبد] الدال على الحدوث والتجدد بمعنى: لم أفعله ولن أفعله في حاضر ولا مستقبل.

ثم تعلق النفي الثاني بالفاعل [ولا أنا عابد ما عبدتم] فقد نفى اسم الفاعل المشتق من الفعل حقيقة نفياً عن ذاته الشريفة ذات كل مؤمن تابعة على ذلك، وهى صيغة تفيد نفي الوصف ونفي ثبوته في حق أهل الإيمان.

قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بأبي بطين رحمه الله في ذلك: وقد نبه ابن القيم رحمه الله تعالى على هذا المعنى اللطيف في [بدائع الفوائد] فقال لما أنجر كلامه على سورة
[قل يا أيها الكافرون]:

وأما المسألة الرابعة:وهو أنه لم يأت النفي في حقهم إلا باسم الفاعل، وفي جهته جاء بالفعل المستقبل تارة، وباسم الفاعل أخرى. وذلك والله اعلم لحكمة بديعة: وهى أن المقصود الأعظم براءته من معبوديهم بكل وجه وفي كل وقت.

فأتى أولاً بصيغة الفعل ـ المضارع ـ الدالة على الحدوث والتجدد، ثم أتى في هذا النفي بعينه بصيغة اسم الفاعل الدالة على الوصف والثبوت.

فأفاد في النفي الأول أن هذا لا يقع مني، وأفاد في الثاني أن هذا ليس وصفي ولا شأني، فكأنه قال: عبادة غير الله لا تكون فعلاً لي ولا وصفاً. فأتى بنفيين مقصودين بالنفي.

وأما في حقهم – الكافرون – فإنما أتى بالاسم (الدال على الوصف والثبوت) دون الفعل أي الوصف الثابت اللازم للعابد لله منتف عنكم. فليس هذا الوصف ثابتاً لكم، وإنما يثبت لمن خص الله وحده بالعبادة لم يشرك معه فيها أحداً. وأنتم لما عبدتم غيره فلستم من عابديه، وإن عبدوه في بعض الأحيان، فإن المشرك يعبد الله ويعبد معه غيره؛ كما قال أهل الكهف: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاّ اللّهَ﴾ [الكهف:16].
أي اعتزلتم معبوديهم إلا الله، فإنكم لم تعتزلوه.
وكذا قول المشركين عن معبويهم:
﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللّهِ زُلْفَىَ﴾ [الزمر:3]
فهم كانوا يعبدون الله، ويعبدون معه غيره، لم ينف عنهم الفعل لوقوعه منهم،ونفى الوصف أي اسم الفاعل [ولا أنتم عابدون] لأن من عبد غير الله لم يكن ثابتاً على عبادة الله موصوفاً بها.

فتأمل هذه النكتة البديعة، كيف تجد في طيها أنه لا يوصف بأنه عابد لله، وإن عبده ولا المستقيم على عبادته، إلا من انقطع إليه بكليته، وتبتل إليه تبتيلاً، لم يلتفت إلى غيره، ولم يشرك به أحداً في عبادته، وأنه إن عبده وأشرك به غيره فليس عابداً لله ولا عبداً له، وهذا من أسرار هذه السورة العظيمة الجليلة التي هي أحد سورتي الإخلاص التي تعدل ربع القرآن كما جاء في بعض السنة. وهذا لا يفهمه كل أحد ولا يدركه إلا من منحه الله فهماً من عنده، فله الحمد والمنة، انتهى كلامه رحمه الله تعالى أ.هـ مجموعة التوحيد ص150

قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله: وبالجملة فلا يكون مظهراً لدينه إلا من صرح لمن ساكنه من كل كافر، ببراءته منه، وأظهر له عداوته لهذا الشيء الذي صار به كافراً وبراءته منه، ولهذا قال المشركون للنبي عاب ديننا وسفَّه أحلامنا وشتم آلهتنا.

وقال تعالى: ﴿قُلْ يَأَيّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مّا عَبَدتّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.

فأمر الله رسوله أن يقول للكفار: دينكم الذي أنتم عليه أنا بريء منه، وديني الذي أنا عليه أنتم براء منه. والمراد التصريح لهم بأنهم على الكفر، وأنه بريء منهم ومن دينهم أ.هـ

ولما كان هذا النفي الذي جاءت به سورة الكافرون هو نفسه المتعلق بشق النفي الوارد بشهادة التوحيد [لا إله إلا الله] لهذا كان البراءة من المشركين أي تكفيرهم ومعاداتهم هو شطر التوحيد ضمن ما اشتمل عليه هذا النفي [أي نفي الشرك وأهله العابدين والمعبودين بغير حق].
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود
_______________

شُــــــــــــبهات وردود

البــراءة من المشــركين

$
0
0


قال الشيـخ العلامه عبدالرحمــن بن حســن

صاحب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التوحيد نوعان:
---------------
أ‌.توحيد في المعرفة والإثبات؛ وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

ب‌.توحيد في الطلب والقصد؛ وهو توحيد الإلهية والعبادة.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:
وأما التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب
فهو نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات / وتوحيد في الطلب والقصد.
فالأول: هو إثبات حقيقة ذات الرَّب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه وتكلمه بكتبه، وتكليمه لمن شاء من عباده، وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته، وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح كما في أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر الحشر، وأول السجدة، وأول آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها وغير ذلك.
والثاني: ما تضمنته سورة [الكافرون] … أ.هـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد: ص25

فمن لم يأت بالبراءة من المشركين وتكفيرهم وعداوتهم، شأنه كشأن من لم يبرأ من الشرك سواء بسواء، لأن كلا الأمرين البراءة من الشرك وأهله وتكفيرهم هما معاً شق النفي من شهادة التوحيد كما تعلق إثبات العبادة لله وحده بشق الإثبات من هذه الشهادة العظيمة، وقد كان هذا المعنى العظيم هو الأساس الذي من خلاله
قال شيخ الإسلام محمد بن الوهاب رحمه الله:

أصل دين الإسلام وقاعدته أمران:

الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك، والموالاة فيه وتكفير من تركه.

الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك، والمعادة فيه وتكفير من فعله.

فلا يتم مقام التوحيد إلا بهذا وهو دين الرسل أنذروا قومهم من الشرك كما قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ﴾ [النحل:36]. أ.هـ

قال شيخ الاسلام ابن تيمة رحمه الله في كتابه
(اقتضاء الصراط المستقيم مجانبة أصحاب الجحيم ):

فـ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فيها ثلث التوحيد، الذي هو خبر عن الخالق، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
[ قل هو الله أحد.. تعدل ثلث القرآن ] ، وعدل الشيء -بالفتح- يكون: ما سواه، من غير جنسه ، كما قال تعالى: ( أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ) وذلك يقتضي: أن له من الثواب ما يساوي الثلث في القدر، ولا يكون مثله في الصفة، كمن معه ألف دينار وآخر معه ما يعدلها من الفضة والنحاس وغيرهما .

ولهذا يحتاج إلى سائر القرآن، ولا تغني عنه هذه السورة مطلقا، كما يحتاج من معه نوع من المال إلى سائر الأنواع، إذ كان العبد محتاجا إلى الأمر والنهي والقصص .
وسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فيها التوحيد القولي العملي، الذي تدل عليه الأسماء والصفات،
ولهذا قال تعالى : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ .وقد بسطنا الكلام عليها في غير هذا الموضع ،

وسورة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فيها التوحيد القصدي العملي، كما قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ .. وبهذا يتميز من يعبد الله ممن يعبد غيره وإن كان كلاهما يقر بأن الله رب كل شيء ، ويتميز عباد الله المخلصون الذين لم يعبدوا إلا إياه، ممن عبد غيره وأشرك به، أو نظر إلى القدر الشامل لكل شيء، فسوى بين المؤمنين والكفار، كما كان يفعل المشركون من العرب .

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: [ إنها براءة من الشرك ] .
وسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ... فيها إثبات الذات، وما لها من الأسماء والصفات التي يتميز بها مثبتو الرب الخالق، الأحد الصمد، عن المعطلين له بالحقيقة، نفاة الأسماء والصفات، المضاهين لفرعون وأمثاله ممن أظهر التعطيل والجحود للإله المعبود، وإن كان في الباطن يقر به، كما قال تعالى وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا
وقال موسى . لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا .أ.هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود



 

الأصــول التى ترجـع إليها مســألة العُـذر بالجــهل

$
0
0


-الكــلام هنا ليس سـردآ للأدلة أو نقلآ للإجمــاع ولا نقاشآ حولها
فقد أشبعنا هـذا الأمر طرحآ ومناقشة وبيانآ بفضل الله ،بل هو بمثابة التنبيه إلى أصول ومنطلقات الأقوال التي ترجع اليها مسألتنا وهي مسألة العذر بالجهــل ،وأحرص على ذكر بعض الجوانب المغيبة أو التي يُتغاضي عنها في المسألة ، وأتناولها بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية في سرد الأدلة وحشد النقولات، لعل أن تتكشف بعض المعاني التي قد تغيب في زحمة الردود وحماس المناقشات ، فتساعد على تصور المسالة وبيان الحق ، والله الموفـــق


الأصل الأول : حقيقة الإيمان والكفر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

-فالإيمان والكفر متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر ، ولا يجتمع أصل الإيمان وأصل الكفر قط ، كما لا يرتفع أصل الإيمان وأصل الكفر قط .كما قال سبحانه :"هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن "فهما لا يجتمعان ولا يرتفعان في آن واحد ،فالتوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان في شخص واحد ولا يرتفعان عن الشخص البته فكل عبد إما أن يكون مسلما وإما أن يكون مشركا كافرا ولا يخلو من أحد الوصفين ومحال أن يكون الشخص مسلم مشرك لأن اجتماع النقيضين محال عقلآ وشرعآ

ولكن قد تجتمع شعبة من شعب الكفر مع أصل الإيمان إذ أن الكفر أصل ذو شعب ، كما قد تجتمع شعبة من شعب الإيمان مع أصل الكفر فالإيمان أيضا أصل ذو شعب ... وهذا من أعظم أصول أهل السنة والجماعة ...

وعندما نتكلم عن الإيمان الذي يقابله الكفر فإننا لا نتكلم عن الإيمان الكامل أو الواجب ، بل نتكلم عن أصله وحقيقته وهو توحيد الله سبحانه وتعالى ...

هذه الحقيقة التي خلق الله الخلق لأجلها وفطرهم عليها وأرسل إليهم رسله وانزل كتبه ليعبد الله وحده لا شريك له، و يعبد بما شرع على ألسنة رُسله صلوات الله وسلامه عليهم ....

قال سبحانه :"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون"

وقال سبحانه:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"

والكفر في اللغة هو الستر والتغطية - وفي الاصطلاح فهو : "ضد الإيمان"


قال شيخ الإسلام رحمه الله :
( والكفر عدم الإيمان باتفاق المسلمين سواء "اعتقد نقيضه وتكلم به"أو "لم يعتقد شيئا ولم يتكلم"ولا فرق في ذلك ) مجموع الفتاوى ( 20 / 86 )

ومعنى قوله رحمه الله أن الكفر عدم الإيمان ،أن من لم يأت بالإيمان فقد كفر...
وهو على ضربين :-

- ضرب لم يأت به ولم يحققه وهذا هو الكافر الأصلي ..

- وضرب أتى بالإيمان ثم ارتكب بعد ذلك بما ينقضه من المكفرات القولية أو العملية ..

فكل من لم يأت بالإيمان أو يحققه سواء من لم يأت به أصلا أو أتى به ثم نقضه فقد لابس الكفر قطعا .. وسواء كان كفره أصليا أو طارئا....


قال ابن القيم رحمه الله :
( والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ، والإيمان بالله وبرسوله وإتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم ، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل ..)

فما لم يأت العبد بالإيمان فليس بمسلم سواء اعتقد نقيضه وتكلم به"أو "لم يعتقد شيئا ولم يتكلم"ولا فرق في ذلك...

-قال الصَّنعانيّ في "تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد":
"صرح الفقهاء في كتب الفقه في باب الرِّدَّة:
أَنَّ من تكلَّم بكلمة الكفر يكفر وإِنْ لم يقصد معناها".

-قال ابن نُجيم في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق"

"إنَّ مَن تكلَّم بكلمة الكفر هازلاً أوْ لاعبًا كفر عند الكُلّ ولا اعتبار باعتقاده"

وكل ما يحيد بالمكلف عن تحقيق هذا فليس بعذر في كون صاحبه ليس بمسلم .. سواء كان جاهلا أو غير ذلك ، وإن كان قد يعذر لعدم البلاغ في لحوق العذاب به ...

قال شيخ الإسلام رحمه الله :
"... وفى السنن عن عوف بن مالك قال قال رسول الله أتاني آت من عند ربى فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهى لمن مات لا يشرك بالله شيئا
وفى لفظ قال ومن لقي الله لا يشرك به شيئا فهو في شفاعتي وهذا الأصل وهو التوحيد هو أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب كما قال تعالى "واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون..."

هذا هو الأصل الأول
وخلاصته أن حقيقة الإيمان التي قررها الشارع سبحانه منتفية في حق المشرك الذي أشرك بربه ، فإذا ثبت الكفر والشرك فقد انتفى عنه الإيمان ضرورة ..
فمن يثبت له الإيمان بعد ذلك فإنما يثبته بغير موجب أو يثبته على غير قواعد أهل السنة ...


الأصـــل الثـاني :
ــــــــــــــــــــــــ

- النصوص الواردة في المسالة ..
لا يوجد نص صريح في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع للأمة يدل على العذر بالجهل في التوحيد وأصل الدين فضلا عن عموم العذر بالجهل في كل مسائل الشريعة ...

ولاشك أنه مع تقرير الأصل السابق لا يمكن أن يكون ثمة نص أو نصوص من الكتاب والسنة تثبت الإسلام لمن يشرك بالله سبحانه وتعالى الشرك الأكبر المخرج من الملة ...

فيمتنع أن توجد نصوص تقرر اجتماع الإسلام والكفر، والشرك والتوحيد في رجل واحد في آن واحد ... هذا لا يكون قط في شرع الله ...

- ومن هذا المنطلق
فالقائلون بالعذر يشعرون بضعف مأخذهم في المسالة فأخذوا يحشدون الأدلة حشدا غير مبالين بأصول الاستدلال ولا بدلالات النصوص ، ولا مراتب الأدلة ، فالمفهوم كما المنطوق والنص كالظاهر والقطعي كالظني ، وهكذا الكل يتكلم والكل يستدل ،

حتى وصل الأمر ببعضهم أنه اتهم موسى كليم الله بالجهل لأنه ألقى الألواح وعذره الله بالجهل ! ،

ومنهم من اتهم إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء الموحدين وقدوة رسولنا الأمين عليه الصلاة والسلام لما قال عن القمر هذا ربي...

بل منهم من اتهم إمام العلماء معاذ ابن جبل بجهل التوحيد الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير واسطة حيث كان رديفه على الحمار،والذي أرسله إلى اليمن داعيا ومعلما ، والذي قال فيه عليه الصلاة والسلام يسبق العلماء يوم القيامة برتوة

حتي أم المؤمنين لم تسلم من كلامهم واتهموا رسول الله في شخصها إذ لم يعلمها التوحيد ،ولله المشتكي

فلا حفظوا قدر الأنبياء وزوجاتهم ولا أصحابهم العلماء لأجل تقرير مثل هذه المسالة
.. فأي دين هــذا ؟ وإنا لله وإنا إليه راجعون ؟!

ولكان أغنى من ذلك كله نص واحد صحيح صريح في المسألة لو وجد !

ألا يرون أن أعظم الأعذار في الشريعة وهو الإكراه لا يذكر عند تقريره إلا آية واحدة أو حديث ؟!

ومع ذلك فلا يخالف فيه إلا زائغ بالاتفاق ، وأن العبرة ليست بكثرة الأدلة بقدر ثبوت الدليل وقطعية دلالته ، بل الغالب أن دليلا واحدا يكفي لتقرير أعظم المسائل إذا كان نصآ فيها ...

ولكن القوم بدلا من أن يجعلوا التوحيد قضيتهم جعلوه أحد هوامشهم وأخذوا يبررون للناس وقوعهم في الشرك بكثرة التلبيس الواقع ويعتذرون لهم بالجهل ...


الأصــل الثـالـث :
ـــــــــــــــــــــــ

وهي اختلاف الجهل كعذر عن غيره من الأعذار الأخرى كالنسيان والإكراه.. أوالخطأ في عدم قصد القول اوالعمل المكفر
فالجهل في حد ذاته لا يمنع من قيام حقيقة الكفر في نفس العبد ، ولا يحول دون تلازم الظاهر بالباطن ، فالذي يشرك بربه سبحانه وتعالى ما أشرك في عبادته إلا وقد سبق ذلك الشرك شرك آخر في ربوبيته وأسماءه وصفاته ، فلا يستغيث بغير الله في مالا يقدر عليه إلا الله إلا ويعتقد في المستغاث قدرة لا تكون إلا لله وعلما لا يكون إلا لله وصفات لا تكون إلا لله وهكذا في كل نوع شرك يشرك بالله فيه ....وهذا لا فرق فيه بين العالم والجاهل ...

والذي يسب الله جاهلا أن حكم هذا العمل كفر، هو كمن يسبه عالما أن حكم هذا العمل كفر.. فكلاهما زال عنه عمل القلب وهو تعظيم الرب سبحانه وتعالى ،إلا أن العالم يزيد كفره عن كفر الجاهل بما يوجب له تغليظ العقوبة ..

فالكفر يزيد في دركاته كما أن الإيمان يزيد في درجاته ...

قال تعالى : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ"آل عمران

وقال سبحانه : "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً "النساء

والمشرك الجاهل تقوم في نفسه من حقائق العبودية لغير الله كما تقوم في العالم تماما وكما كانت قائمة في أهلها قبل مبعث جميع الرسل ، وإن كان لا يتصور عالما يشرك بالله إلا على وجه يتأول فيه هذا الشرك بنوع من الجهل
كما ذكر سبحانه عنهم : "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى"

-وهذا بخلاف بقية الأعذار كالنسيان والإكراه ،فلا تقوم بها حقيقة الكفر في نفس العبد ولا يتلازم الظاهر بالباطن مع وجوده هذه الأعذار ضرورة انتفاء القصد (قصد الفعل اوالقول ،وليس قصد الكفر)والإرادة والاختيار ..

- بل شرط كونها عذرا لصاحبها أن يطمئن قلبه بالإيمان ولا ينشرح بالكفر صدره ومع ذلك فالأدلة على عموم هذه الأعذار بينة بخلاف الجهل ...

- ولذلك لا يمكن أن يقال عن الجاهل الذي يشرك بربه أنه وحد الله في العبادة ،أو أنه أخلص العبادة لله .. أو يقال هذا موحد ... هذا لا يتأتى عقلا
(إلا على مذهب أهل التثليث ) فضلا عن تقريره شرعا ..

فالشرك نقض لحقيقة الدين وأصل الرسالة ،فلا ينفع مع هذا كون فاعله جاهل أو غيره ... وبيان هذا واجب متحتم على كل موحد ... وبيان غيره تغرير بالجاهل وتغيب لحقيقة الدين التي أرسل الله لها جميع رسله وأنزل جميع كتبه ...

- فكل شرك في الإلوهية سبقه أضعاف هذا الشرك في الأسماء والصفات والربوبية وهذا كله معلوم بالضرورة العقلية قبل أن يعلم بالدلائل الشرعية ...
ولهذا لو قيل ما الفرق في قيام حقيقة العبودية لغير الله بين الجاهل والعالم لما كان ثمة فرق وهي منازل في الشرك بها يتفاضلون ، وضلال يتبع بعضهم بعضا في دركاته ...
وهذه حقيقة الرؤساء والمتبوعين والضلال والمضلين كلهم قامت في قلوبهم حقائق العبودية لغير الله
ولو نعتوهم ليل نهار بنعوت الإسلام فلا والله ليس هذا هو الإسلام وليس هؤلاء بالمسلمين...


هذه هي الأصول الهامة التي تعد منطلقا فيما أرى ،
___________________________________

وثمة أصول أخرى ذات علاقة بالموضوع جائت ردآ على أصول وأدلة من يقول بالعذر منها :

- أنه لا تلازم بين أحكام الكفر والإيمان في الدنيا وأحكام الثواب والعذاب في الآخرة ..

- أنه لا فرق بين الكافر الأصلي وبين الكافر الطارئ في أن كلاهما لم يأتي بحقيقة الإيمان ..

- ثبوت وصف الشرك قبل قيام الحجة الرسالية وعدم تأثير الجهل على ذلك ...

- تقرير أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل ،فمن يشرك بالله فقد نقض ركن العمل ولا يثبت له الإسلام بالقول دون العمل إلا على منهج المرجئة ..

- تقرير أن قصد الكفر غير معتبر في التكفير والدليل على ذلك إجماع الأمة على كفر الهازل مع عدم قصده للكفر قطعا ...

هذا ما يظهر لي والله أعلم
وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود

معنى الشــهادة

$
0
0


والشهادة تعني العلم والأعلام والأخبار والبيان ولهذا سمي الشاهد شاهداً لأنه يخبر بما علم ، والبيان والأخبار كما يكون بالقول يكون بالفعل ، فمن الشهادة بالفعل قوله تعالى :

﴿ مَا كان لِلْمُشْرِكِينَ أن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أنفسهم بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[سورة التوبة 9/17]

فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه أي أن أفعالهم بينت أنهم كفرة ، وتتضمن كلمة الشهادة الإقرار والإعتراف والإعتقاد فإن الشاهد يعتقد صحة ما يشهد به ويخبر عنه ، فإذا شهد بما لايعتقده كانت شهادته كاذبة لأن إخبارهِ لايطابق إعتقاده

قال تعالى : ﴿ إذاجَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أنكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أنكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ أن الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ "
[سورة المنافقون 63/1] ..
فهم كاذبون لأنهم لايعترفون بصحة مايقولون ولايعتقدون مايقولون

يقول ابن أبي العز الأذرعي شارح العقيدة الطحاوية "وعبارات السلف في شهد ، تدور على الحكم والقضاء والأعلام والبيان والأخبار ، وهذه الأقوال كلها حق لاتنافي بينها فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره وتتضمن إعلامه وإخباره وبيانه فلها أربع مراتب فأول مراتبها علم ومعرفة ، وإعتقاد لصحة المشهود وثبوته).

وقال ابن تيمية “والشهادة : لابد فيها من علم الشاهد وصدقه وبيانه ، لايحصل مقصود الشهادة إلا بهذه الأمور"

وقال القرطبي في قوله تعالى :﴿ وَلا يَمْلِكُ الذينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف 43/86] .. والمعنى ولايملك هؤلاء الشفاعة إلا من شهد بالحق : آمن على علم وبصيرة ، قاله : سعيد بن جبير وغيره ، قال وشهادة الحق ( لاإله إلاالله )....( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) : حقيقة ما شهدوا به .

وقوله تعالى : “إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ”
يدل على معنيين : أحداهما : أن الشهادة بالحق غير نافعة إلا مع العلم وأن التقليد لايغني مع عدم العلم بصحة المقالة
والثاني : أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالماً بها ونحوه ماروى عن النبي صل الله عليه وسلم: "إذا رأيت مثل الشمس فأشهد وإلا فدع"

وقال ابن كثير:"هذا إستثناء منقطع أي : لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له"

ـوقال القرطبي :"
قوله : "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له "
أي : أنطق بما أعلمه وأتحققه ، وأصل الشهادة للأخبار عما شاهد المخبر بحسه ، ثم قد يقال : على مايحققه الإنسان ويتقنه وان لم يكن شاهداً للحس لأن المحقق علماً كالمدرك حساً ومشاهدة "

وقال النووي :
"وفيه أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين ، مع إعتقادهما ، وإعتقاد جميع ماأتى به رسول صل الله عليه وسلم, وقد جمع ذلك صل الله عليه وسلم بقوله :"أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به"

وأخرج الشيخين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "من شهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ماكان من العمل"

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب :
"وقوله ( من شهد ) ، لاريب أن الشهادة لاتكون شهادة إلا إذاكانت عن علم ويقين وصدق وأما مع الجهل والشك فلا تعتبر ولاتنفع ، فيكون الشاهد في هذه الحالة كاذباً بمعنى الذي شهد به".

يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب :
وقوله: "من شهد أن لا إله إلاالله "أي : من تكلم بهذه الكلمة عارفاً لمعناها ، عاملا بمقتضاها باطناً وظاهراً ، كما دل عليه قوله : "فإعلم أنه لاإله إلاالله". وقوله :"إلامن شهد بالحق وهم يعلمون "أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولاعمل بمقتضاها ، فإن ذلك غير نافع بالإجماع

وفي الحديث ما يدل على هذا ، وهو قوله : ( من شهد ) إذ كيف يشهد وهو لايعلم ، ومجرد النطق بشيء لايسمى شهادة به"

يقول الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي : "أي من تكلم بها عارفاً لمعناها ، عاملا بمقتضاها ، باطناً وظاهراً ، فإن الشهادة تقتضي العلم بالمشهود به "

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن :
"وقال الوزير أبو المظفر في الإفصاح ( شهادة أن لا إله إلا الله ) يقتضي أن يكون الشاهد عالما بأنه لا إله إلا الله ،كما قال تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله)

ويقول أيضاً رحمه الله:"
"قوله : ( من شهد أن لا إله إلا الله ) أي : من تكلم بها عارفاً لمعناها ، عاملا بمقتضاها ، باطناً وظاهرا ًفلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها ، كما قال تعالى : "فاعلم أنه لاإله إلا الله"وقوله : "إلامن شهد بالحق وهم يعلمون"أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولايقين ولاعمل بماتقتضيه ، من البراءة من الشرك ، وإخلاص القول والعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب والجوارح - فغير نافع بالإجماع

يقول ســـيد قــطب عند قوله تعالى : "وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ "
"وكل من ينطق بالشهادتين ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لايقال له أنه شهد ، إلا أن يؤدي مدلول هذه الكلمة ومقتضاها"

فهذه بعض أقوال علماًء السلف وغيرهم على سبيل المثال لا الحصر ، ومن هنا يتبين أن الشهادة لاتسمى شهادة إلا إذاكانت عن علم ويقين وصدق ، لاعلى مجرد التلفظ الذي لايحمل معنى .

قال القرطبي في : ( المفهم على صحيح مسلم ) ؛ باب لايكفي التلفظ بالشهادتين بل لابد من إستيقان القلب "هذه الترجمه تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة ، القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كاف في الإيمان وأحاديث هذا الباب تدل على فساده ، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها ، ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق والحكم للمنافقين بالإيمان الصحيح ، وهو باطل قطعا "
والمنافقون إنما ثبت لهم عقد الإسلام ظاهراً فقط وإنما يعرف نفاقهم من قرائن تظهر منهم تدل على فساد دينهم ، وأن لم تصل إلى حد الكفر الصراح في مدلولها أو ثبوتها عليهم وإلا فإن دلت عليهم أو ثبتت أقيم عليهم حكم الردة ، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لذلك المنافق الذي تحاكم إلى كعب بن الأشرف .

كمـــــا يقول ابن القيم رحمه الله : "فأحكام الرب تعالى جارية على مايظهر للعباد مالم يقم دليل على أن ماأظهروه خلاف ماأبطنوه"

"ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكونهم "لايعلمون"لايجعلهم على دين الله القيم . فالذي لايعلم شيئاً لايملك الإعتقاد فيه ولا تحقيقه ..فإذا وجد ناس لايعلمون حقيقة الدين ، لم يعد من الممكن عقلا وواقعاً وصفهم بأنهم على هذا الدين ! ولم يكن جهلهم عذراً لهم يسبغ عليهم صفة الإسلام . ذلك أن الجهل مانع للصفة إبتداء ، فإعتقادشيء فرع عن العلم به ..وهذا منطق العقل والواقع .. بل منطق البداهة الواضح .

وأنا لا أتصور كيف أن جهل الناس ابتداء بحقيقة هذا الدين يجعلهم في دائرة هذا الدين!
إن الاعتقاد بحقيقه فرع عن معرفتها . فإذا جهل الناس حقيقة عقيدة فكيف يكونون معتنقين لها؟ وكيف يحسبون من أهلها وهم لا يعرفون ابتداء مدلولها؟

فالذين يجهلون مدلول الدين لا يمكن أن يكونوا معتقدين بهذا الدين . لأن الجهل هنا وارد على أصل حقيقة الدين الأساسية . والجاهل بحقيقة هذا الدين الأساسية لا يمكن عقلا وواقعا أن يكون معتقدا به . إذ الاعتقاد فرع عن الإدراك والمعرفة . . وهذه بديهية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
شُــــــــــــبهات وردود

أصناف المنتسبين إلى الاسلام (شهادة حال على أهل مصر كنموذج)

$
0
0
بواسطة الحديدي الحديدي


1- طائفة الحكام الطواغيت ووزرائهم ومحافظيهم وقضاة المحاكم الكفرية ومحاميها وموظفيها ومنفذى أحكامها ومعلمو القوانين الوضعية ومتعلموها فى كليات الحقوق ، وهؤلاء هم الملأ وعِلية الناس ، وهؤلاء لو أحصوا لبلغوا مئات الألوف .
2- طائفة المتحاكمين إلى المحاكم الوضعية الكفرية يذهبون إليها جهارا نهارا ولا يرون إثم ما يفعلون ، وتعد قضاياهم فى المحاكم بمئات الألوف .
3- طائفة الجيش والشرطة ويعدون بالملايين أيضا ، وهم جنود الطاغوت وأعوانه ونراهم فى كل مكان مجاهرين بأعمالهم فخورين بها .
4- طائفة العلمانين الرافضين للدين تماما إلا داخل المساجد ، وهؤلاء ظاهرون معروفون مجاهرون بمعتقدهم فى وسائل الاعلام المختلفة ، بل ولهم أحزاب سياسية مشهرة ومُعلَنة ومعروفة وأعدادهم تصل إلى الملايين .
5- طائفة الصوفية وهم عباد القبور ، وهؤلاء يعدون بالملايين ، وأضرحتهم وأوثانهم لا تخلو منها قرية أو مدينة يؤمونها بلا حياء ولا نكير ، بل ويفخرون بأنهم صوفية من محبى آل البيت ، ويتهمون من يخالفهم بالزيغ وبغض آل البيت ، وقد زاد عددهم فى الآونة الأخيرة حتى بلغ الملايين ، والأدهى والأمر أن منهم كثير ممن يسمون علماء يتلقى الناس عنهم الدين .
6- طائفة المتدينين وهم المنتسبون إلى جماعات دينية مشهورة ينتسب إليها ملايين الأشخاص مناهجهم معروفة ودعوتهم معلنة ومبادئهم مشهرة ، وليس فيها البراءة من الطاغوت أو اتباعه ، بل والأكبر أنهم لا يرون التحاكم إليه أونصرته كفرا ، بل والأطم أن منهم من يشارك الطاغوت فى كفره ، هذا حال الجماعات الدينية التى تزعم أنها تدعو إلى الله وتجدد مبادئ الاسلام ، فكيف بعوام الناس .
7- طائفة المشاركين فى الانتخابات البرلمانية الكفرية والرئاسية الطاغوتية ، وهى أكبر الطوائف جميعها حيث يبلغون عشرات الملايين حسب الاحصائيات الرسمية .
وبعد هذا التفصيل يتقرر أن الكفر والشرك فى المنتسبين إلى الاسلام اليوم متواتر ومنتشر فى كل مكان ، وظاهر لا خفاء فيه ولا حرج ، وقديم موروث مر عليه أكثر من قرنين من الزمان ، فهل يَعد هناك مجهول الحال فى ديار هذا حال أهلها ؟! وهل يمكن أن يكون بينهم موحدين وهذا كفرهم ظاهر لا خفاء فيه ؟! نعم قد يكون بينهم موحدون ، ولكنهم قلة قليلة جدا مستضعفة مستخفية بإيمانها ، والمعروف أن النادر لا ينفرد بحكم خاص ؛ لذا وجود طائفة قليلة كاتمة لإيمانها لا يطعن فى كون الدار دار كفر ، ولا فى كون أهلها كفار بحكم الدار ، وشهادة الحال الذى مضى عليه أكثر من قرنين من الزمان


يقول صاحب الظلال : (إن البشرية اليوم بجملتها تزاول رجعية شاملة إلى الجاهلية التي أخرجها منها آخر رسول محمد صلى الله عليه وسلم وهي تتمثل في صور شت
ى : بعضها يتمثل في إلحاد بالله سبحانه ، وإنكار لوجوده . . فهي جاهلية اعتقاد وتصور ، كجاهلية الشيوعيين .وبعضها يتمثل في اعتراف مشوه بوجود الله سبحانه ، وانحراف في الشعائر التعبدية وفي الدينونة والاتباع والطاعة ، كجاهلية الوثنيين من الهنود وغيرهم . . وكجاهلية اليهود والنصارى كذلك .وبعضها يتمثل في اعتراف صحيح بوجود الله سبحانه ، وأداء للشعائر التعبدية . مع انحراف خطير في تصور دلالة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . ومع شرك كامل في الدينونة والاتباع والطاعة . وذلك كجاهلية من يسمون أنفسهم « مسلمين » ويظنون أنهم أسلموا واكتسبوا صفة الإسلام وحقوقه بمجرد نطقهم بالشهادتين وأدائهم للشعائر التعبدية ؛ مع سوء فهمهم لمعنى الشهادتين ؛ ومع استسلامهم ودينونتهم لغير الله من العبيد ! ، وكلها جاهلية . وكلها كفر بالله كالأولين . أو شرك بالله كالآخرين . .إن رؤية واقع البشرية على هذا النحو الواضح ؛ تؤكد لنا أن البشرية اليوم بجملتها قد ارتدت إلى جاهلية شاملة ، وأنها تعاني رجعية نكدة إلى الجاهلية التي أنقذها منها الإسلام مرات متعددة ، كان آخرها الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا بدوره يحدد طبيعة الدور الأساسي لطلائع البعث الإسلامي ، والمهمة الأساسية التي عليها أن تقوم بها للبشرية ؛ ونقطة البدء الحاسمة في هذه المهمة .إن على هذه الطلائع أن تبدأ في دعوة البشرية من جديد إلى الدخول في الإسلام كرة أخرى ، والخروج من هذه الجاهلية النكدة التي ارتدت إليها ). اهـ
 
 

حكم الجلوس في مجالس الكفر والمنكر

$
0
0

كتبه : أبو عبد الله محمد محمد القلال .
في غرة محرم الحرام في سنة 1430 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم .
بنغازي ـ ليبيا

 النهي عن القعود في مجالس الكفر والمنكر                     

                     بسم الله الرحمن الرحيم
                         وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين صلاةً وسلاماً دائمين أبداً إلى يوم الدين
اللهم لا سهل إلاّ ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.

وبعــد:
فهذه بعض الأدلة من الكتاب والسنة والنقولات من السلف الصالح عن مسألة القعود في مجالس الكفر والمنكر ، نسأل الله العلي القدير أن تنفع من يقرأها ويتدبرها لتكون له عوناً ومخرجاً من فتن هذا الزمان ؛ ونسأله أن يتقبل هذا الجهد ويجعله خالصاً لوجهه الكريم وابتغاءاً لمرضاته وأن يؤلف به القلوب ويشرح به الصدور، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى اللّهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين .
وأود أن أبين قبل الشروع في المقصود بعون الخالق المعبود بأن النهي بحسب المجلس الذي يكون فيه المكلف ، وهي ثلاث مجالس ، إماّ مجالس كفر، أو مجالس محرمة، أو مكروهة.
فأما الأولى : وهي مثل مجالس الكفر والاستهزاء بجميع أنواعها.فهذه المجالس لا يجوز للمسلم أن يقعد فيها إلاّ في حالة الإكراه أو أن ينكر، أو يقوم من المجلس إذا صادف ذلك في حضوره، وإلاّ فحكمه كحكم من سمع منه الكفر والاستهزاء .
وأما الثانية: فهي مجالس الحرام كالغناء والغيبة والنميمة والكذب وشرب الخمر والميسر والبدع المحرمة...الخ.  فهذه المجالس يأثم المسلم بالبقاء فيها ويقع في الحرام وينبغي عليه أن ينكر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، أو يقوم من المجلس .

وأما الثالثة : فهي كالمجالس التي تكون فيها الصور والنقوش، وستائر الحرير، وأكواب وأواني الذهب والفضة، والتماثيل وما في حكمها. فهذه المجالس لا يقع فيها المسلم في الكفر أو الحرام ، ولكن يستحب له تركها تورعاً لدينه .
ثم نأتي للرد بعون الله تعالى وتوفيقه :



                      ( الفصل الأول )
         بيان معنى بعض الألفاظ كمدخل بين يدي المسألة

أولاً: معنى القعود في اللغة :

جاء في مختار الصحاح للرازي:
ق ع د قعد من باب دخل و مقعداً أيضاً بالفتح أي جلس. أ هـ
                            مختار الصحاح ج1/ص227

   وفي المصباح المنير للرافعي:                     
يقال لمن هو قائم اقعد وقد يكون  جلس  بمعنى قعد يقال جلس متربعاً و  قعد متربعاً وقد يفارقه ومنه جلس بين شعبها أي حصل وتمكن إذ لا يسمى هذا قعوداً فإن الرجل حينئذ يكون معتمداً على أعضائه الأربع ويقال جلس متكئاً ولا يقال قعد متكئاً بمعنى الاعتماد على أحد الجانبين وقال الفارابي وجماعة الجلوس نقيض القيام فهو أعم من القعود وقد يستعملان بمعنى الكون والحصول فيكونان بمعنى واحد ومنه يقال جلس متربعاً و جلس بين شعبها أي حصل وتمكن و الجليس من يجالسك فعيل بمعنى فاعل و المجلس موضع الجلوس والجمع المجالس وقد يطلق المجلس على أهله مجازاً تسمية للحال باسم المحل يقال اتفق المجلس . أ هـ
                           المصباح المنير ج1/ص105
وقال ابن فارس في مقاييس اللغة:
 ( قعد )القاف والعين والدال أصل مطرد من قاس لا يخلف وهو يضاهي الجلوس وإن كان يتكلم في مواضع لا يتكلم فيها بالجلوس يقال قعد الرجل يقعد قعوداً والقعدة المرة الواحدة والقعدة الحال حسنة أو قبيحة في القعود ورجل ضجعة قعدة كثير القعود والاضطجاع والقعيدة قعيدة الرجل امرأته قال لكن قعيدة بيتها مجفوة 
باد جناجن صدرها وبها جنا 
وامرأة قاعدة إن أردت القعود وقاعد عن الحيض والأزواج والجمع قواعد قال الله تعالى: ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً )
                      مقاييس اللغة ج5/ص108
وقد يأتي القعود بمعنى الجلوس والبقاء والتربص والإنتظار في مكان المنكر لا بمعنى القعود المحض أي البقاء مع من  يقومون بأي نوع من أنواع المنكر دون الإنكار عليهم أو تركهم ، ولأن آية الأعراف استنبط منها كثيرٌ من المفسرين النهي عن قطع الطريق وأخذ أموال الناس بالقوة والصد عن سبيل الله ، وقطع الطريق والصد عن سبيل الله لاريب بأن صاحبه لايكون جالساً .
قال الله تعالى : ( وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً ) الأعراف86
 قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :
ينهاهم شعيب عليه السلام عن قطع الطريق الحسي والمعنويبقوله ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) أي تتوعدون الناس بالقتل إن لم يعطوكم أموالهم قال السدي وغيره : كانوا عشارين ، وعن ابن عباس ومجاهد وغير واحد ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) أي تتوعدون المؤمنين الآتين إلى شعيب ليتبعوه والأول أظهر لأنه قال ( بكل صراط ) وهو الطريق وهذا الثاني هو قوله ( وتصدون عن سبيل الله من آمن به تبغونها عوجاً ) أي وتودون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة . أ هـ ( التفسير ج 3 ص 197 )
ويقول الإمام الشوكاني رحمه الله في فتح القدير :
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون"الصراط الطريق: أي لا تقعدوا بكل طريق توعدون الناس بالعذاب، قيل: كانوا يقعدون في الطرقات المفضية إلى شعيب فيتوعدون من أراد المجيء إليه، ويقولون: إنه كذاب فلا تذهب إليه كما كانت قريش تفعله مع النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي وغيرهم، وقيل: المراد القعود على طرق الدين ومنع من أراد سلوكها، وليس المراد به القعود على الطرق حقيقة، ويؤيده "وتصدون عن سبيل الله من آمن به"وقيل: المراد بالآية النهي عن قطع الطريق وأخذ السلب، وكان ذلك من فعلهم، وقيل: إنهم كانوا عشارين يأخذون الجباية في الطرق من أموال الناس فنهوا عن ذلك . والقول الأول أقربها إلى الصواب مع أنه لا مانع من حمل النهي على جميع هذه الأقوال المذكورة . أ هـ
            ( فتح القدير للشوكاني ج 3 ص48 )

ثانياً ـ معرفة معنى الكفر لغةً وشرعاً.
أ ـ معنى الكفر لغةً : فهو بمعنى التغطية والستر، جاء في مختار الصحاح: و( الكافر ) الليل المظلم لأنه ستر بظلمته كل شيء. وكل شيء غطى شيئاً فقد
( كفره ) قال ابن السكيت: ومنه سمي ( الكافر) لأنه يستر نعم الله عليه . والكافر الزَّارع لأنه يُغطي البذر بالتراب و( الكفار) الزَّراع . ( مختار الصحاح فصل الكاف باب الفاء ص547 )
وقال تعالى : ( كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ) أي أعجب الزرَّاع نباته .

ب ـ معنى الكفر كما جاء في الشريعة: فالكفر ضد الإيمان، وهو بمعنى الجحود، قال تعالى: ( إنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) أي جاحدون. وقوله تعالى : ( فَأَبَى الظَّالِمُون إِلاَّ كُفُوراً )  أي إلاّ جحوداَ .
والجحود يتضمن من الفاعل الإباء الاستكبار والعناد ، كقوله تعالى عن  إبليس لعنه الله : (إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )، أي كان من الجاحدين .
قال ابن كثير رحمه الله : وقد كان في قلب إبليس من الكبرـ والكفر ـ والعناد ما اقتضى طرده وإبعاده عن جناب الرحمة وحضرة القدس .أ هـ التفسير ج1 ص135 .
وللكفر أيضاً أنواع ومنها كفر التكذيب والجهل، وكفر الشك والريبة وكفر الإعراض، وغيرها كما جاء ذكرها في القرآن الكريم .[1]

ثالثاً ـ معنى لفظ الآية لغةً وشرعاَ.
فمعنى الآية في اللغة هي العلامة  قال الله تعالى : (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ )[2]ومعنى الآية في هذه الآية الكريمة أي العلامة ، أي علامة ملكه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن أنيس حين قَتَل خالد بن نبيح الهذلي فأعطاه عصا ـ : ( هذه آية بيني وبينك يوم القيامة )[3]أي علامة بيني وبينك يوم القيامة .

وفي الشريعة فالآية هي المعجزة والدليل والحجة والبرهان والعبرة .
وتأتي على عدة معاني ، فالأول : بمعنى آيات القرآن الكريم التي نتعبد لله بتلاوتها ، وهنا تأتي بمعنى الدليل والحجة والبرهان والمعجزة ، قال تعالى : (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) الرعد 1 .
والثاني : بمعنى الآيات الكونية وجميع ما خلق الله تعالى وهنا تأتي بمعنى الدليل والحجة والبرهان والمعجزة ، قال جل ذكره :
  ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) آل عمران 190 .
وبمعنى الحجة خاصة ، كقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ ) الشعراء 197 . أي حجة .
والثالث : بمعنى معجزات الأنبياء ، قال تعالى ذكره : (هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الأعراف 73 .
والرابع : عذاب الله للمكذبين والكافرين من الأمم وهنا تأتي بمعنى العبرة ، قال تعالى ذكره :
 (  وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ () إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ) هود 102 ـ 103 .
         
رابعاً ـ معنى السمع والإستماع.
جاء في مختار الصحاح باب السين فصل العين :
س م ع ـ ( السمع ) سمع الإنسان يكون واحداً وجمعاً كقوله تعالى : ( خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ  ) لأنه في الأصل مصدر قولك ( سَمِعَ ) الشيء بالكسر ( سَمْعاً ) و ( سَماعاً ) وقد يُجمعَ على ( أسْماع ) وجمع الأسماع  ( أسامع ) . وفعله رياءً و ( سُمعةً ) أي ليراه الناس وليسمعوا به . و ( استمع  ) له أي أصغى . أ هـ  باختصار من مختار الصحاح للرازي ص 314
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله : 
( والسمع يراد به إدراك الصوت ويراد به فهم المعنى ويراد به القبول والاجابةوالثلاثة في القرآن فمن الأولقوله: ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) وهذا اصرح ما يكون في إثبات صفة السمع ذكر الماضي والمضارع واسم الفاعل سمع ويسمع وهو سميع وله السمع كما قالت عائشة رضى الله عنها الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله وأنا في جانب البيت وأنه ليخفى على بعض كلامها فأنزل الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها والثانيسمع الفهم كقوله ولو علم الله فيهم خيراً لاسمعهم أي لافهمهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون لما في قلوبهم من الكبر والإعراض عن قبول الحق ففيهم آفتان إحداهما أنهم لا يفهمون الحق لجهلهم ولو فهموه لتولوا عنه وهم معرضون عنه لكبرهم وهذا غاية النقص والعيب والثالثسمع القبول والاجابة كقوله تعالى لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً ولا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم أي قابلون مستجيبون ، ومنه قوله سماعون للكذب أي قابلون له مستجيبون لأهله ، ومنه قول المصلى سمع الله لمن حمده أي أجاب الله حمد من حمده ودعاء من دعاه وقول النبي إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم أي يجيبكم .. ) أ هـ 
             ( مفتاح دار السعادة لابن القيم ص 79ومابعدها )
والإستماع هو أبلغ من السماع وهو بمعنى الإصغاء ـ كما تقدم ـ وهو الذي يقع فيه لامحالة كل مع جلس في مجالس الكفر والمعصية وهو موضوع حديثنا في هذا البحث .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح :
قوله باب الاستماع : أي الإصغاء للسماع فكل مستمع سامع من غير عكس. أ هـ
                        ( فتح الباري ج 2 ص 407 )
وهذا أيضاً مابيّنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال:
أن المحرم هو الاستماع لا السماعفالرجل لو يسمع الكفر والكذب والغيبة والغناء والشبابة من غير قصد منه بل كان مجتازاً بطريق فسمع ذلك لم يأثم بذلك باتفاق المسلمين ولو جلس واستمعإلى ذلك ولم ينكره لا بقلبه ولا بلسانه ولا يده كان آثماً باتفاق المسلمين كما قال تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون، وقال تعالى وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيرهم إنكم إذا مثلهم، فجعل القاعد المستمع من غير إنكار بمنزلة الفاعل... أ هـ
                   ( مجموع الفتاوى ج30 ص 213 )





            ( الفصل الثاني )
بيان النهي في القعود مع الكافرين حال كفرهم واستهزائهم بآيات الله أوخوضهم في أي نوع من أنواع المنكر من أدلة القرآن الكريم ، والسنة ، وإجماع الصحابة، والسيرة النبوية، وأصول الفقه ، واللغة العربية .

أولاً:بيان النهي من القرآن الكريم عن القعود مع الكافرين حال كفرهم واستهزائهم بآيات الله وأقوال الأئمة والمفسرين في ذلك:

أولاًـ تفسير الآية140 من سورة النساء:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }
يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله:
وقد نزل عليكم في الكتاب يقول أخبر من اتخذ من هؤلاء المنافقين الكفار أنصاراً وأولياء بعد ما نزل عليهم من القرآن أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره يعني بعد ما علموا نهى الله عن مجالسة الكفار الذين يكفرون بحجج الله وآي كتابه ويستهزئون بها حتى يخوضوا في حديث غيره يعني بقوله يخوضوا يتحدثوا حديثاً غيره بأن لهم عذاباً أليماً .
وقوله إنكم إذاً مثلهم يعني وقد نزل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزئ بها وأنتم تسمعون فأنتم مثله يعني فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعلهم لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها كما عصوه باستهزائهم بآيات الله فقد أتيتم من معصيةالله نحو الذي أتوه منها فأنتم إذا مثلهم في ركوبكم معصية الله وإتيانكم ما نهاكم الله عنه

وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم .

 

وبنحو ذلك كان جماعة من الأمة الماضية يقولون تأولاً منهم هذه الآية إنه مراد بها النهي عن مشاهدة كل باطلعند خوض أهله فيه

ذكر من قال ذلك حدثني المثنى قال ثنا إسحاق قال ثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي عن أبي وائل قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس من الكذب ليضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم

قال فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال صدق أبو وائل أو ليس ذلك في كتاب الله أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم .  

حدثني المثنى قال ثنا إسحاق قال ثنا عبد الله بن إدريس عن العلاء بن المنهال عن هشام بن عروة قال أخذ عمر بن عبد العزيز قوما على شراب فضربهم وفيهم صائم فقالوا إن هذا صائم فتلا  : ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) . أ هـ   تفسير الطبري ج5/ص330


 ويقول الإمام السمرقندي رحمه الله في تفسيره :

ثم قال عز وجل وقد نزل عليكم في الكتاب وذلك أن المشركين بمكة كانوا يستهزئون بالقرآن فنهى الله تعالى المسلمين عن القعود معهموهو قوله وإذا رأيت الذين يخوضون في ءاياتنا فأعرض عنهم إلى قوله فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . الأنعام 68، فامتنع المسلمون عن القعود معهمفلما قدموا المدينة كانوا يجلسون مع اليهود والمنافقين وكان اليهود يستهزئون بالقرآن فنزل فقد نزل عليكم في الكتاب يعني في سورة الأنعام أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها يعني يجحد بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم يعني فلا تجلسوا معهم   حتى يخوضوا في حديث غيره يعني حتى يأخذوا في كلام آخر .

ثم قال إنكم إذاً مثلهم يعني لو جلستم معهم كنتم معهم في الوزر وفي هذه الآية دليل أن من جلس في مجلس المعصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية أو عملوا بها فإن لم يقدر بأن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآيةوروى جو يبر عن الضحاك أنه قال دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة قرأ عاصم وقد نزل عليكم بنصب النون والزاي وقرأ الباقون بضم النون وكسر الزاي على معنى فعل ما لم يسم فاعله .

ثم قال تعالى :  إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ،  يعني إذا ماتوا على كفرهم ونفاقهم فبدأ بالمنافقين لأنهم أشد من الكفار وجعل مأواهم جميعا النار وقال الكلبي رواية في قوله تعالى   فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره   نسخ بقوله تعالى وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء الأنعام 69وقال عامة المفسرين إنها محكمة وليست بمنسوخة  . أ هـ 
                             تفسير السمرقندي ج1/ص374 .

ويقول الإمام الو احدي رحمه الله في تفسيره :
وقد نزل عليكم أيها المؤمنون في الكتاب في القرآن أن إذا سمعتم الكفر بآيات الله والاستهزاء بهافلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غير الكفر والاستهزاء يعني قوله في سورة الأنعام: ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا)   الآية هذه كانت مما نزل عليهم في الكتاب وقوله: (إنكم إذاً مثلهم ) يعني إن قعدتم معهم راضين بما يأتون من الكفر بالقرآن والاستهزاء بهوذلك أن المنافقين كانوا يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن فنهى الله سبحانه المسلمين عن مجالستهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً يريد أنهم كما اجتمعوا على الاستهزاء بالآيات يجتمعون في جهنم على  العذاب . أ هـ   تفسير الو احديج1/ص296.

ويقول الإمام الألوسي رحمه الله في تفسيره :
أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وذلك قوله تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آيتنا فأعرض عنهم الآية وهذا يقتضي الانزجار عن مجالستهم في تلك الحالة القبيحة فكيف بموالاتهم والاعتزاز بهم و أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدّر أي أنه إذا سمعتم وقدره بعضهم ضمير المخاطبين أي أنكم وكون المخففة لا تعمل في غير ضمير الشأن إلاّ لضرورة كما قال أبو حيان في حيز المنع وقد صحح غير واحد جواز ذلك من غير ضرورة والجملة الشرطية خبر وهى تقع خبراً في كلام العرب و أن وما بعدها في موضع النصب على أنه مفعول به لنزل وهو القائم مقام الفاعل على القراءة الثانية واحتمال أنه يجعل القائم مقامه عليكم وتكون أن مفسرة لأن التنزيل في معنى القول لا يلتفت إليه و يكفر بها ويستهزأفي موضع الحال من الآيات جيء بهما لتقييد النهى عن المجالسة فإن قيد القيد قيدوالمعنى لا تقعدوا  معهم وقت كفرهم واستهزائهم بالآيات وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتشريفها وإبانة خطرها وتهويل أمر الكفر بها والضمير في معهم للكفرة المدلول عليهم بـ يكفر ويستهزأ والضمير في غيره راجع إلى تحديثهم بالكفر والاستهزاء .أ هـ
                                 روح المعاني للألوسي ج5ص172.

 ويقول العلامة الزمخشري رحمه الله :
( فلا تقعدوا معهم  )
إلى من يرجع قلت : إلى من دل عليه
 يكفر بها ويستهزأ بها . 
كأنه قيل فلا تقعدوا مع الكافرين بها والمستهزئين بها
فإن قلت لم يكونوا مثلهم بالمجالسة إليهم في وقت الخوض قلت لأنهم إذا لم ينكروا عليهم كانوا راضين والراضي بالكفر كافر . أ هـ
                         ( الكشاف ج1ص612 )

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ ويتنقص بها وأقررتموهم على ذلك ، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه ، فلهذا قال تعالى : ( إنكم إذاَ مثلهم )، كما جاء في الحديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ) والذي أحيل عليه في هذه الآية من النهي في ذلك هو قوله تعالى : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم ) ؛ قال مقاتل بن حيان : نسخت هذه الآية التي في سورة الأنعام ، يعني نسخ قوله تعالى ( إنكم إذاَ مثلهم ـ لقوله ـ وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون . وقوله : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) أي كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبداً ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الغسلين لا الزلال .
  تفسير ابن كثير ج2 ص415 ـ 416 . 

ويقول الإمام البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :
وقد نزل عليكم في الكتاب"، قرأ عاصم ويعقوب"نزل"بفتح النول والزاي:أي: نزل الله ، وقرأ الآخرون "نزل"بضم النون وكسر الزاي،أي: عليكم يا معشر المسلمين،"أن إذا سمعتم آيات الله"يعني القرآن،"يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهميعني : مع الذين يستهزئون ، "حتى يخوضوا في حديث غيرهأي: يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وهذا إشارة إلى ما أنزل الله في سورة الأنعام "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ). وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة ،"إنكم إذا مثلهمأي:إن قعدتم عندهم وهم يخوضون ويستهزئون ورضيتم به فأنتم كفار مثلهم ،وإن خاضوا في حديث غيره فلا بأس بالقعود معهم مع الكراهة ، وقال الحسن : لا يجوز القعود معهم وإن خاضوا في حديث غيره، لقوله تعالى:"وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمينوالأكثرون على الأول ،وآية الأنعام مكية وهذه مدنية والمتأخر أولى :"إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً .  أ هـ 
                         ( تفسير البغوي ج2 ص 103 )

ويقول الإمام القرطبي رحمه الله :
الخطاب لجميع من أظهر الإيمان من محق ومنافق؛ لأنه إذا أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل أوامر كتاب الله.
فالمنزل قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) وكان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن. وقرأ عاصم ويعقوب ( وقد نزل ) بفتح النون والزاي وشدها ؛ لتقدم اسم الله جل جلاله في قوله تعالى : ( فإن العزة للهِ جميعاً ) وقرأ حُميد كذلك ، إلاّ أنه خفّف الزاي . الباقون ( نزِّل ) غير مسمى الفاعل . ( أن إذا سمعتم آيات الله ) موضع ( أن إذا سمعتم ) على قرأة عاصم ويعقوب نصب بوقوع الفعل عليه . وفي قرأة الباقين رفع ؛ لكونه اسم مالم يسم فاعله ( يكفر بها ) أي إذا سمعتم الكفر والاستهزاء بآيات الله؛ فأوقع السماع على الآيات ، والمراد سماع الكفر والاستهزاء؛ كما تقول سمعت عبد الله يُلام ، أي سمعت اللوم في عبد الله .
قوله تعالى : ( إنكم إذاً مثلهم ) فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا أظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر ؛ قال عز وجل : ( إنكم إذاً مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أنه أخذ قوماً يشربون الخمر ، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم ، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية ( إنكم إذاً مثلهم ) أي الرضا بالمعصية معصية ؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم . وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة ؛ كما قال :
* فكل قرين بالمقارن يقتدي *
وقد تقدّم . وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينّا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى. وقال الكلبي: قوله تعالى ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره ) نسخ بقوله تعالى: ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ). وقال عامة المفسرين : هي محكمة. وروى جويبر عن الضحاك قال : دخل في هذه الآية كل محدث في الدين مبتدع إلى يوم القيامة . أ هـ
          ( أحكام القرآن للقرطبي ج 5 ص 417 ـ 418 ط دار الشام )

ويقول الإمام ابن الفرس الغرناطي رحمه الله :
  ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) الآية استدل بعض  العلماء بهذه الآية على وجوب اجتناب أهل المعاصي وأهل الأهواء إذا ظهر ذلك منهم .أ هـ 
     ( أحكام القرآن لابن الفرس الغرناطي سورة النساء الآية140 ص330 )

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة الاستقامة:
 وقد قال تعالى: ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) فقد أمر سبحانه بالإعراض عن كلام الخائضين في آياته ونهى عن القعود معهم فكيف يكون استماع كل قول محموداً  وقال تعالى: ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيا ت الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) سورة النساء،  فجعل الله المستمع لهذا الحديث مثل قائله. أ هـ    ( الاستقامة ص 217 )


ويقول العلامة الشوكاني رحمه الله في تفسيره لهذه الآية :
"وقد نزل عليكم في الكتاب"الخطاب لجميع من أظهر الإيمان من مؤمن ومنافق، لأن من أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل ما أنزله الله، وقيل: إنه خطاب للمنافقين فقط كما يفيده التشديد والتوبيخ. وقرأ عاصم ويعقوب "نزل"بفتح النون والزاي وتشديدها، وفاعله ضمير راجع إلى اسم الله تعالى في قوله "فإن العزة لله جميعاً"وقرأ حميد بتخفيف الزاي مفتوحة مع فتح النون، وقرأ الباقون بضم النون مع كسر الزاي مشددة على البناء للمجهول. وقوله "أن إذا سمعتم آيات الله"في محل نصب على القراءة الأولى على أنه مفعول نزل. وفي محل رفع على القراءة الثانية على أنه فاعل، وفي محل رفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله على القراءة الثالثة. وأن هي المخففة من الثقيلة، والتقدير أنه إذا سمعتم آيات الله. والكتاب: هو القرآن. وقوله "يكفر بها ويستهزأ بها"حالان : أي إذا سمعتم الكفر والاستهزاء بآيات الله فأوقع السماع على الآيات والمراد سماع الكفر والاستهزاء. وقوله "فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره"أي: أنزل عليكم في الكتاب أنكم عند هذا السماع للكفر والاستهزاء بآيات الله لا تقعدوا معهم ما داموا كذلك حتى يخوضوا في حديث غير حديث الكفر والاستهزاء بها. والذي أنزل الله عليهم الكتاب هو قوله تعالى "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره"وقد كان جماعة من الداخلين في الإسلام يقعدون مع المشركين واليهود حال سخريتهم بالقرآن واستهزائهم به فنهوا عن ذلك. وفي هذه الآية باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقص والاستهزاء للأدلة الشرعية، كما يقع كثيراً من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة ولم يبق في أيديهم سوى قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه بكذا، وإذا سمعوا من يستدل على تلك المسألة بآية قرآنية أو بحديث نبوي سخروا منه ولم يرفعوا إلى ما قاله رأساً ولا بالوا به بالة وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع وخطب شنيع وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع، بل بالغوا في ذلك حتى جعلوا رأيه الفائل، واجتهاده الذي هو عن منهج الحق مائل، مقدماً على الله وعلى كتابه وعلى رسوله، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما صنعت هذه المذاهب بأهلها والأئمة الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم براء من فعلهم، فإنهم قد صرحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم كما أوضحنا ذلك في رسالتنا المسماة بـ[القول المفيد في حكم التقليد] وفي مؤلفنا المسمى بـ[أدب الطلب ومنتهى الأرب] اللهم انفعنا بما علمتنا واجعلنا من المقتدين بالكتاب والسنة وباعد بيننا وبين آراء الرجال المبنية على شفا جرف هار، يا مجيب السائلين. قوله "إنكم إذا مثلهم"تعليل للنهي: أي إنكم إن فعلتم ذلك ولم تنتهوا فأنتم مثلهم في الكفر. قيل: وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر كما في قول القائل: وكل قرين بالمقارن يقتدي وهذه الآية محكمة عند جميع أهل العلمإلاّ ما يروى عن الكلبي فإنه قال : هي منسوخة بقوله تعالى "وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء"وهو مردود فإن من التقوى اجتناب مجالس هؤلاء الذين يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها.قوله "إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً"هذا تعليل لكونهم مثلهم في الكفر، قيل: وهم القاعدون والمقعود إليهم عند من جعل الخطاب موجهاً إلى المنافقين. أ هـ
                      ( فتح القدير ج 2 سورة النساء الآية 140 )
ويقول أبي السعود رحمه الله في تفسيره إرشاد العقل السليم :
أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وذلك قوله تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم الآية وهذا يقتضى الانزجار عن مجالستهم في تلك الحالة القبيحة فكيف بموالاتهم والاعتزاز بهم وأن هي المخففة من أن وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف والجملة الشرطية خبرها وقوله تعالى يكفر بها حال من آيات الله وقوله تعالى ويستهزأ بها عطف عليه داخل في حكم الحاليةوإضافة الآيات إلى الاسمالجليل لتشريفها وإبانة خطرها وتهويل أمر الكفر بها أي نزل عليكم في الكتاب أنه إذا سمعتم آيات الله مكفوراً بها ومستهزأ بها وفيه دلالة على أن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم  وإن خوطب به خاصة منزل على الأمة وأن مدار الإعراض عنهم هو العلم بخوضهم في الآيات. أ هـ      
                      (  تفسير أبي السعود ج2/ ص 244  )

يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
وأولىمراتب النفاق أن يجلس المؤمن مجلساَ يسمع فيه آيات الله يكفر بها ويستهزأبها,فيسكت ويتغاضى . . يسمي ذلك تسامحاَ , أو يسميه دهاء , أو يسميه سعة صدر وأفقوإيماناًبحرية الرأي !!! وهي هي الهزيمة الداخليةتدب في أوصاله ; وهو يموه علىنفسهفي أول الطريق, حياء منه أن تأخذه نفسه متلبساً بالضعف والهوان !
إنالحمية لله , ولدين الله , ولآيات الله . هي آية الإيمان . وما تفتر هذهالحميةإلاّ وينهار بعدها كل سد ; وينزاح بعدها كل حاجز, وينجرف الحطام الواهي عنددفعةالتيار. وإن الحمية لتكبت في أول الأمر عمداً . ثم تهمد . ثم تخمد . ثم تموت !
فمنسمع الاستهزاء بدينه في مجلس, فإما أن يدفع, وإما أن يقاطع المجلس وأهله.فأماالتغاضي والسكوت فهو أول مراحل الهزيمة. وهو المعبر بين الإيمان والكفر علىقنطرةالنفاق !
وقدكان بعض المسلمين في المدينة يجلسون في مجالس كبار المنافقين ـ ذوي النفوذ ـوكانما يزال لهم ذلك النفوذ. وجاء المنهج القرآني ينبه في النفوس تلك الحقيقة . .حقيقةأن غشيان هذه المجالس والسكوت على ما يجري فيها,هو أولى مراحل الهزيمة .وأرادأن يجنبهم إياها . . ولكن الملابسات في ذلك الحين لم تكن تسمح بأن يأمرهمأمرابمقاطعة مجالس القوم إطلاقاً. فبدأ يأمرهم بمقاطعتها حين يسمعون آيات اللهيكفربها ويستهزأ بها . . . وإلا فهو النفاق . . وهو المصير المفزع, مصيرالمنافقينوالكافرين:
وقدنزل عليكم في الكتاب : أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها , فلاتقعدوامعهم , حتى يخوضوا في حديث غيره . إنكم إذا مثلهم . إن الله جامع المنافقينوالكافرينفي جهنم جميعًا . . .
والذيتحيل إليه الآية هنا مما سبق تنزيله في الكتاب , هو قوله تعالى في سورةالأنعام ـ وهي مكية ـ ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فيحديثغيره ). .
والتهديدالذي يرتجف له كيان المؤمن :
( إنكم إذا مثلهم ). .
والوعيدالذي لا تبقى بعده بقية من تردد :
إنالله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعًا . .
ولكنقصر النهي على المجالس التي يكفر فيها بآيات الله ويستهزأ بها , وعدم شمولهلكلعلاقات المسلمين بهؤلاء المنافقين , يشي ـ كما أسلفنا ـ بطبيعة الفترة التيكانتتجتازها الجماعة المسلمة ـ إذ ذاك ـ والتي يمكن أن تتكرر في أجيال أخرى وبيئاتأخرىـكما تشي بطبيعة المنهج في أخذ الأمر رويداً رويداً ; ومراعاة الرواسب والمشاعروالملابساتوالوقائع . . في عالم الواقع . . مع الخطو المطرد الثابت نحو تبديل هذاالواقع! . أ هـ
                   ( في ظلال القرآن ج3 ص 268 وما بعدها )
.ويقول الشيخ الصابوني في تفسيره صفوة التفاسير:
أي نزل عليكم في القرآن، والخطاب لمن أظهر الإيمان من مؤمن ومنافق ( أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ) أي أنزل عليكم أنه إذا سمعتم القرآن يكفر به الكافرون ويستهزئ به المستهزئون ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي لا تجلسوا مع الكافرين الذين يستهزئون بآيات الله حتى يتحدثوا بحديث آخر ويتركوا الخوض في القرآن ( إنكم إذاً مثلهم ) أي إنكم إن قعدتم معهم كنتم مثلهم في الكفر ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) أي يجمع الفريقين الكافرين والمنافقين في الآخرة في نار جهنم لأن المرء مع من أحب،  وهذا الوعيد منه تعالى للتحذير من مخالطتهم ومجالستهم . أ هـ 
             (صفوة التفاسير للصابوني ج1 ص 312 ط دار الصابوني )
ويقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله في بعض الأدلة الدالة على مقاطعة الكفار والمشركين :
الأمر الرابع : الجلوس عند المشركين في مجالس شركهم من غير إنكار والدليل قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } وفي أجوبة آل الشيخ رحمهم الله تعالى: لما سئلوا عن هذه الآية، وعن قوله صلى الله عليه وسلم: ( من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله ) قالوا: الجواب أن الآية على ظاهرها، أن الرجل إذا سمع شيئاً آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، فجلس عند الكافرين المستهزئين بآيات الله من غير إكراه و لا إنكار ولا قيام عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، فهو كافر مثلهم ، وإن لم يفعل فعلهم، لأن ذلك يتضمن الرضا بالكفر، والرضا بالكفر كفر.
وبهذه الآية ونحوها استدل العلماء على أن الراضي بالذنب كفاعله، فإن ادعى أنه يكره ذلك بقلبه لم يقبل منه، لأن الحكم بالظاهر، وهو قد أظهر الكفر فيكون كافراً. أ هـ
( مجموعة التوحيد رسالة بيان النجاة الفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك ص276 ط دار الإسلام )

تنبيـه:
الإنكار القلبي للمنكر له ترجمة عملية وهي الاعتزال وعدم المشايعة بالعمل، أي هجرة أهل المنكر وعدم البقاء معهم حال خوضهم في المنكر، وليس كما يظنه كثير من الناس هو مجرد عدم محبتك لذلك المنكر..!!
فإن قال قائل: لا بل الجالس معهم قد لا يكون راضياً بالكفر وقت خوضهم فيه، فنقول له: علامة عدم الرضا الإنكار على من سمع منه المنكر وإلاّ فالسامع مثل القائل.
وفي هذا يقول العلامة الزمخشري رحمه الله: فإن قلت لم يكونوا مثلهم بالمجالسة إليهم في وقت الخوض قلت لأنهم إذا لم ينكروا عليهم كانوا راضين والراضي بالكفر كافر . أ هـ    ( الكشافج1ص612 )
ويقول القرطبي رحمه الله :
 لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر ؛ قال عز وجل : ( إنكم إذاً مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
         أحكام القرآن للقرطبي ج 5 ص 417 ـ 418 ط دار الشام.

    ويقول أيضاً في تفسيره لسورة المائدة قوله تعالى: (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )المائدة79. قال ابن عطية: الإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأَمِنَ الضرر على نفسه وعلى المسلمين ، فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المـنكر ولا يخالطه ].. أ هـ 
             ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6/ص253 )

ثانياًـ تفسير الآية 72 من سورة الفرقان ، قوله تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً }
قال الإمام القرطبي رحمهالله في أحكام القرآن:
فيه مسألتان الأولى قوله تعالى: ( والذين لا يشهدون الزور ) أي لا يحضرونالكذب والباطل ولا يشاهدونهوالزور كل باطل زور وزخرف وأعظمه الشرك وتعظيم الأنداد وبه فسر الضحاك وبن زيد وبن عباس وفي رواية عن بن عباس أنه أعياد المشركين.. أ هـ
                   تفسير القرطبي ج13/ص79
ويقول رحمه الله في قوله تعالى: { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً }
: أي مروا مر الكرام الذين لا يدخلون في الباطل يقال تكرم فلان عما يشينه أي تنزه وأكرم نفسه عنه وروي أن عبد الله بن مسعود سمع غناء فأسرع وذهب فبلغ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال: ( لقد أصبح بن أم عبد كريماً )وقيل من المرور باللغو كريماً أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.أ هـ
                         تفسير القرطبي ج13/ص81
             
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:
( والذين لا يشهدون الزور )  أي لا يحضرونالزور أي القول والفعل المحرم فيجتنبون جميع المجالسالمشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير والصور ونحو ذلك وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية. أ هـ
                                          تفسير السعدي ج1/ص58
 ويقول أيضاً في تفسير قوله تعالى:
( وإذا مروا باللغو ) إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه. أ هـ
                      تفسير السعدي ج1/ص587

وقال شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً }
قال أبو جعفر وأصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به والشرك قد يدخل في ذلك لأنه محسن لأهله حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل ويدخل فيه الغناء لأنه أيضاً مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه والكذب أيضاً قد يدخل فيه لتحسين صاحبه إياه حتى يظن صاحبه أنه حق فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور،فإذا كان ذلك كذلك فأولى الأقوال بالصواب في تأويله أن يقال والذين لا يشهدون شيئاً من الباطل لا شركاً ولا غناءً ولا كذباً ولا غيرهوكل ما لزمه اسم الزور لأن الله عم في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيء إلاّ بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل.  أ هـ                 تفسير الطبري ج19/49
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
وهذه أيضاً من صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور قيل هو الشرك وعبادة الأصنام وقيل الكذب والفسق والكفر واللغو والباطلوقال محمد بن الحنفية هو اللغو والغناء وقال أبو العالية وطاوس وبن سيرين والضحاك
والربيع بن أنس وغيرهم هو أعياد المشركين وقال عمرو بن قيس هي المجالس السوء والخنا وقال مالك عن الزهري شرب الخمر لا يحضرونه ولا يرغبون فيه كما جاء في الحديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر وقيل المراد بقوله تعالى: (   لا يشهدون الزور )  أي شهادة الزور وهي الكذب متعمداً على غيره كما في الصحيحين عن أبي بكرة قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (  ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً قلنا بلى يا رسول الله قال الشرك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ) والأظهر من السياق أن المراد لا يشهدون الزور أي لا يحضرونه ولهذا قال تعالى: (   وإذا مروا باللغو مروا كراماً )   أي لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا ولم يتدنسوا منه بشيء ولهذا قال: (  مروا كراماً ) أ هـ  
                  تفسير ابن كثير ج3/ص329، 330
وقال الإمام النسفي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
والذين لا يشهدون الزور: أي الكذب يعني ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخاطئين فلا يقربونها تنزهاً عن مخالطة الشر وأهله إذ مشاهدة الباطلشركة فيه وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضاوسبب وجود الزيادة فيه وفى مواعظ عيسى عليه السلام إياكم ومجالسة الخاطئين أو لا يشهدون شهادة الزور على حذف المضاف وعن قتادة المراد مجالس الباطلوعن ابن الحنفية لا يشهدون اللهو والغناء وإذا مروا باللغو بالفحش وكل ما ينبغي أن يلغى ويطرح والمعنى وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا كراماً معرضين مكرمين أنفسهم عن التلوث به كقوله وإذا سمعوا اللغو عرضوا عنه وعن الباقر رضي الله عنه إذا ذكروا الفروج كنوا عنها .. أ هـ
                 تفسير النسفي ج3/ص177 ـ 178


وجاء في تفسير ابن أبي حاتم لهذه الآية الكريمة :
أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلي أنبا اصبغ قال سمعت عبد الرحمن بن زيد يعني ابن أسلم في قول الله والذين لا يشهدون الزور قال هؤلاء المهاجرون قوله تعالى: ( لا يشهدون الزور )

حدثنا محمد بن يحيى أنبا العباس بن الوليد ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة قوله لا يشهدون الزور قال: لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالئونهمقوله تعالى: ( لا يشهدون الزور )
حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن سليمان عن ابن عمر الأسدي  البزار عن ابن الحنفية والذين لا يشهدون الزور قال: اللهو والغناءـ وروى عن مجاهد وأبي الجحاف إنه الغناء.
 والوجه الثاني:
حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور قال: الشرك.
حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا أبو يحيى الرازي عن أبي سنان عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور قال: كلام الشرك.
حدثنا الاشج ثنا عبد الله بن سعيد أبو بكر النخعي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة والذين لا يشهدون الزور قال: لا يمالون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ـ وروى عن السدي نحو قول الضحاك.
 والوجه الثالث :
حدثنا الاشج اخبرنا عبد الرحمن بن سعيد الخراز ثنا الحسين بن عقيل عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور قال: عيد المشركينـ وروى عن أبي العالية وطاووس والربيع بن أنس والمثنى بن الصباح نحو ذلك.
 والوجه الرابع :
حدثنا محمد بن إسماعيل الاحمسي ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد حدثني أبو قتيبة البصري قال سمعت ابن سيرين يقول في قوله والذين لا يشهدون الزور قال هو الشعانين .
والوجه الخامس :
حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا عمرو العنقزي أنبا مسلمة بن جعفر الأحمس عن عمرو بن قيس في قوله والذين لا يشهدون الزور قال: مجالس الخناهحدثنا أبي ثنا احمد بن إبراهيم الدورقي ثنا عثمان بن اليمان عن أبي بكر بن أبي عون عن عمرو بن قيس الملائي والذين لا يشهدون الزور قال: مجالس السوء.
 الوجه السادس :
ذكر عن عمرو بن علي ثنا يزيد بن زريع عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة والذين لا يشهدون الزور قال: لعب كان في الجاهلية.
 والوجه السابع :
ذكر عن عبد الله بن أبي زياد القطواني ثنا زيد بن حباب عن الحسين بن واقد عن خالد بن كثير والذين لا يشهدون الزور قال: مجلس كان يشتم فيه النبي  صلى الله عليه وسلم.
  الوجه الثامن :
أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلي أنبا الحسين بن محمد المروزي ثنا شيبان عن قتادة والذين لا يشهدون الزور قال: الكذب

اخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلي أنبا اصبغ قال سمعت عبد الرحمن بن زيد في قول الله والذين لا يشهدون الزور قال: والزور قولهم لإلهتهم وتعظيمهم إياها ما كانوا فيه من الباطل وقرأ واجتنبوا قول الزور.
 الوجه التاسع :
حدثنا أبي ثنا احمد بن إبراهيم الدورقي ثنا محمد بن يزيد الوسطي عن رجل عن الحسن والذين لا يشهدون الزور قال: الغناء والنياحةلا يحرق له سمعه ولا يرتاح له قلبه ولا يشتهيه قوله تعالى: ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً )
حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا أبو الحسين العكلي عن محمد بن مسلم أخبرني إبراهيم بن ميسرة أن ابن مسعود مر بلهو فلم يقف فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (  لقد أصبح ابن أم عبد أو أمسى كريماً ) . أ هـ
         تفسير ابن أبي حاتم ج8/ص2736 ـ2737 ـ 2738

ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان عن أسماء الغناء:
فصل ـ الاسم الثاني والثالث : الزور واللغو  قال تعالى: (  والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً )  قال محمد بن الحنفية: الزور   هاهنا الغناء وقاله ليث عن مجاهد وقال الكلبي: لا يحضرون مجالس الباطل   واللغو في اللغة  كل ما يلغى ويطرح والمعنى  لا يحضرون مجالس الباطل وإذا مروا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليهويدخل في هذا  أعياد المشركين كما فسرها به السلف والغناء وأنواع الباطل كلها قال الزجاج:  لا يجالسون أهل المعاصي ولا يمالئونهم ومروا مر الكرام الذين لا يرضون باللغو لأنهم يكرمون أنفسهم عن الدخول فيه والاختلاط بأهله وقد روى أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مر بلهو فأعرض عنه فقال رسول الله إن أصبح ابن مسعود لكريماً وقد أثنى الله سبحانه على من أعرض عن اللغو إذا سمعه بقوله: (  وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) وهذه الآية وإن كان سبب نزولها خاصاً فمعناها عام متناول لكل من سمع لغواً فأعرض عنه وقال بلسانه أو بقلبه لأصحابه  لنا أعمالنا ولكم أعمالكم   وتأمل كيف قال سبحانه: (  لا يشهدون الزور )   ولم يقل  بالزور لأن يشهدون بمعنى  يحضرون فمدحهم على ترك حضور مجالس الزورفكيف بالتكلم به وفعله والغناء من أعظم الزور والزور  يقال على الكلام الباطل وعلى العمل الباطل وعلى العين نفسها كما في حديث معاوية لما أخذ قصة من شعر يوصل به فقال  هذا الزور فالزور القول والفعل والمحل وأصل اللفظة من الميل ومنه الزور بالفتح ومنه زرت فلاناً إذا ملت إليه وعدلت إليه فالزور ميل عن الحق الثابت إلى الباطل الذي لا حقيقة له قولاً وفعلاً. أ هـ
                        ( إغاثة اللهفان ج1ص241 ـ 242 )

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم :
( وأما الطريق الثاني الخاص في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، أما الكتاب فمما تأوله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً )  فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: ( والذين يشهدون الزور )  قال: هو الشعانين، وكذلك ذكر عن مجاهد قال: هو أعياد المشركين، وكذلك عن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين، وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة قال: لعب كان لهم في الجاهلية، وقال القاضي أبو يعلى: مسألة في النهي عن حضور أعياد المشركين وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة عن الضحاك في قوله تعالى: ( والذين لا يشهدون الزور )  قال: أعياد المشركين، وبإسناده عن أبي سنان عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور كلام الشرك، وبإسناده عن جويبر عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور قال: أعياد المشركين،  وروى بإسناده عن عمرو بن مرة لا يشهدون الزور لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم،  وبإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم وقول هؤلاء التابعين إنه أعياد الكفار ليس مخالفاً لقول بعضهم إنه الشرك أو صنم كان في الجاهلية ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا وقول بعضهم إنه الغناء لأن عادة السلف في تفسيرهم هكذا يذكر الرجل نوعاً من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه أو لينبه به على الجنس كما لو قال العجمي ما الخبز فيعطى رغيفاً ويقال له هذا بالإشارة إلى جنس لا إلى عين الرغيف  لكن قد قال قوم إن المراد شهادة  الزور التي هي الكذب وهذا فيه نظر فإنه قال لا يشهدون  الزور ولم يقل لا يشهدون بالزور والعرب تقول شهدت كذا إذا حضرته كقول ابن عباس شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول عمر الغنيمة لمن شهد الوقعة وهذا كثير في كلامهموأما شهدت بكذا فمعناه أخبرت به ووجه تفسير التابعين المذكورين أن  الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور لما كان يظهر ما يعظم به مما ليس عنده... ) أ هـ
                 ( اقتضاء الصراط المستقيم ص 180 ـ 181  )

ويقول في الفتاوى الكبرى رحمه الله :
(.. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) وقد روى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروز هم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال:  قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهمفإن السخط ينزل عليهم فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهمفكيف من يفعل بعض أفعالهم أو قصد ما هو من مقتضيات دينهم أليست موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم  وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك.
ثم قوله:  اجتنبوا أعداء الله في عيدهم أليس نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيهفكيف بمن عمل عيدهم وقال ابن عمر في كلام له: من صنع نيروز هم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم وقال عن الجواب اجتنبوا أعداء الله في عيدهم ونص الإمام أحمد على أنه لا يجوز شهود أعياد اليهود والنصارى واحتج بقول الله: ( تعالى  والذين لا يشهدون الزور ) الفرقان72  قال: الشعانين وأعيادهم، وقال عبد الملك بن حبيب من أصحاب مالك في كلام له قال: فلا يعاونون على شيء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم  وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم أنه اختلف فيه وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهيته بل هو عندي أشد وقد سئل أبو القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم  الذي اجتمعوا عليه وقد قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم ) فيوافقهم ويعينهم فإنه منهم .. ) أ هـ
                         الفتاوى الكبرى ج2 ص 101
ويقول الشيخ حمد بن عتيق النجدي ـ رحمه الله ـ :
قال تعالى: ( والذين لا يشهدون الزور ) ، قال الضحاك: الزور : عيد المشركين،رواه أبو الشيخ وبإسناده عنه الزور: كلام الشرك، وبإسناده عن مرة: لا يمالئون أهل الشرك على شركهم، ولا يخالطونهم، وبإسناده عن عطاء بن يسار، قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم. وقول هؤلاء التابعين إنه أعياد الكفار ليس مخالفاً لقول بعضهم أنه شرك أو صنم كان في الجاهلية، ولقول بعضهم: أنه مجلسالخنا، وقول بعضهم: أنه الغناء، لأن عادة السلف في تفسيرهم، هكذا يذكر الرجل نوعاً من أنواع المسمى للحاجة المستمع ( إليها ) ، أو للتنبيه على الجنس. ووجه تفسير التابعين تارةيظهر حسنه لشبهة، أو لشهوة، فالشرك ونحوه يظهر حسنه لشبهة، والغناء ونحوه يظهر حسنه لشهوة، وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة، وهي باطلة، إذ لا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة فعاقبتها ألم، فصارت زوراً، وشهودها محظوراً . وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أوسماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لامجرد شهوده ؟! . أ هـ
      ( مجموعة التوحيد الرسالة الثانية عشرة ص 271 وما بعدها ط دار الإسلام )


فكما تبين واضحاً جلياً أن اسم الزور يدخل فيه كل منكر سواءً كان من الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر بنوعيهما أو البدع بأنواعها أو المعاصي بجملتها أو الأقوال الباطلة المكفرة أو المحرمة..الخ ، كما فسر ذلك أهل العلم وأئمة الإسلام والذين يؤخذ عنهم مثل هذه المسائل فهناك من قال : أنه الغناء، وهناك من قال: إنه الشرك، وهناك من قال:هو كلام الشرك، وهناك من قال: إنها مجالس السوء: وهناك من قال: هي أعياد المشركين، وهناك من قال:إنه مجلس كان يشتم فيه النبي، وهناك من قال: إنه الكذب، وهناك من قال: إنها مجالس الخناه، وهناك من قال: لعب كان في الجاهلية، وهناك من قال: الغناء والنياحة، وهناك من قال: هي مجالس الباطل، وهناك من قال:لا يمالون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم، وهناك من قال: الزور قولهم لإلهتهم وتعظيمهم إياها ما كانوا فيه من الباطل… الخ، والخلاصة هو كل باطل وكفر ومعصية وكل ما يخالف شريعة الإسلام من المنكر يدخل في حكم الزور.
وهذا ما أكده الإمام الطبري رحمه الله فقال :
والذين لا يشهدون شيئاً من الباطل لا شركاً ولا غناءً ولا كذباً ولا غيرهوكل ما لزمه اسم الزور لأن الله عم في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيء إلاّ بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل.  أ هـ     تفسير الطبري ج19/49
وهو ما أكده أيضاً العلامة ابن القيم رحمه الله فقال :
ويدخل في هذا أعياد المشركين كما فسرها به السلف والغناء وأنواع الباطل كلها.. أ هـ        إغاثة اللهفان ج1ص241 ـ 242 
وهذا ما ذكره الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره فقال:
( والذين لا يشهدون الزور )  أي لا يحضرون الزور أي القول والفعل المحرم فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير والصور ونحو ذلك
. أ هـ
                                          تفسير السعدي ج1/ص58
وكما قدمنا ـ في بداية الرد ـ بأن المجالس بحسب ما فيها من المنكر، فإن كان فيها كفراً واستهزاءً فهي مجالس كفر، وإن كان فيها محرّم فهي محرمة، وإن كان فيها مكروه فهي مكروهة يستحب للمسلم تركها تورعاً لدينه.

ثالثاًـ تفسير قوله تعالى في سورة المائدة (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ )المائدة 79
يقول الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ في أحكام القرآن:
واستدلوا بهذه الآية قالوا: لأن قوله:( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه  )يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وأمر بتركهم وهجرانهموأكد ذلك بقوله في الإنكار على اليهود: ( ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا )  وما من قوله: ( ما كانوا ) يجوز أن تكون في موضع نصب وما بعدها نعت لها التقدير لبئس شيئاً كانوا يفعلونه أو تكون في موضع رفع وهي بمعنى الذي. أ هـ 
                      ( تفسير القرطبي ج 6 ص 254 )   
ويقول الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
يخبر تعالى أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل فيما أنزله على داود نبيه عليه السلام وعلى لسان عيسى بن مريم بسبب عصيانهم لله واعتدائهم على خلقه قال العوفي عن ابن عباس: لعنوا في التوراة والإنجيل وفي الزبور وفي الفرقان ثم بين حالهم فيما كانوا يعتمدونه في زمانهم فقال تعالى : (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون )  أي كان لا ينهى أحد منهم أحداً عن ارتكاب المآثم والمحارم ثم ذمهم على ذلك ليحذر أن يركب مثل الذي ارتكبوه فقال: ( لبئس ما كانوا يفعلون ) وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد حدثنا شريك بن عبد الله عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهمقال يزيد وأحسبه قال في أسواقهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم . أ هـ   
                        ( تفسير ابن كثير ج2/ص 83 )
 وجاء في تفسير الإمام السمعاني ـ رحمه الله ـ:
قوله تعالى: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم )  فالذين لعنوا على لسان داود هم أصحاب السبت والذين لعنوا على لسان عيسى أصحاب المائدة وأولئك الذين جعلهم الله قردة وهؤلاء الذين جعلهم الله خنازير، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.  
قوله تعالى: ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون  )  التناهي تفاعل من النهي والمنكر كل ما أنكره الشرعوفي الخبر قال أول
ما دخل النقص في بني إسرائيل أن الرجل منهم كان إذا نهى صاحبه عن منكر كان لا يمنعه بعد ذلك أن يكون جليسه وأكيله وشريبهفضرب الله تعالى  قلب بعضهم بالبعض وعمهم بالعقاب ثم قال : والذي نفسي بيده حتى تأخذوا على يد الظالم فتطروه على الحق أطرا أي تعطفوه. أ هـ
                  ( تفسير السمعاني ج2/ص56 ـ57 )
ويقول الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه )  أي لا ينهى بعضهم بعضاً ( لبئس ما كانوا يفعلون )  أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو اسحق الثعلبي أنا أبو الحسن محمد بن الحسين أنا أحمد بن محمد بن إسحق أنا أبو يعلى الموصلي أنا وهب بن بقية أنا خالد يعني ابن عبد الله الو اسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (  كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل العامل منهم الخطيئة نهاه الناهي تعذيراً فإذا كان من الغد جالسه وآكله وشاربهكأن لم يره على الخطيئة بالأمس فلما رأى الله تبارك وتعالى ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ). أ هـ
                     ( تفسير البغوي ج2/ص55 )
ويقول الإمام السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
  ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه )  أي كانوا يفعلون المنكر ولا ينهى بعضهم بعضاً فيشترك بذلك المباشر وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله وأن معصيته خفيفة عليهم فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه ولغضبوا لغضبه وإنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجباً للعقوبةلما فيه من المفاسد العظيمة منها أن مجرد السكوت فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت فإنه كما يجب اجتناب المعصية فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصيةومنها ما تقدم أنه يدل على التهاون بالمعاصي وقلة الاكتراث بها ومنها أن ذلك يجرئ العصاة والفسقة على الإكثار من المعاصي إذا لم يردعوا عنها فيزداد الشر وتعظم المصيبة الدينية والدنيوية ويكون لهم الشوكة والظهور ثم بعد ذلك يضعف أهل الخير عن مقاومة أهل الشر حتى لا يقدرون على ما كانوا يقدرون عليه أولاً، ومنها أنه بترك الإنكار للمنكر يندرس العلم ويكثر الجهل فإن المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها يظن أنها ليست بمعصية وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالا وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقاًومنها أن بالسكوت على معصية العاصين ربما تزينت المعصية في صدور الناس واقتدى بعضهم ببعض فالإنسان مولع بالاقتداء بأحزابه وبني جنسه ومنها   فلما كان السكوت على الإنكار بهذه المثابة نص الله تعالى أن بني إسرائيل الكفار منهم لعنهم بمعاصيهم واعتدائهم وخص من ذلك هذا المنكر العظيم. أ هـ
             ( تفسير السعدي ج1/ص 241 )  
ويقول الإمام الجصاص ـ رحمه الله ـ  في أحكام القرآن :
أن من شرط النهي عن المنكر أن ينكره ثم لا يجالس المقيم على المعصية ولا يؤاكله ولا يشاربه وكان ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بياناً لقوله تعالى: ( ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا فكانوا بمؤاكلتهم إياهم ومجالستهم لهم تاركين للنهي عن المنكر لقوله تعالى: ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ) 
مع ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من إنكاره بلسانه إلاّ أن ذلك لم ينفعه مع مجالسته ومؤاكلته ومشاربته إياه وقد روي عن النبي  صلى الله عليه وسلم  في ذلك أيضاً ما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن إسماعيل عن قيس قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه: يا أيها الناس إنكم تقرؤن هذه الآية وتضعونها في غير موضعها ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )وأنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم  يقول: ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعقاب ) .. أ هـ    
          ( أحكام القرآن للجصاص ج2/ص 316 ـ 317 )
وقال الإمام أبو محمد عبد الحق بن غالب الأندلسي في تفسيره المحرر الوجيز:
ذم الله تعالى هذه الفرقة الملعونة بأنهم: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه   )أي إنهم كانوا يتجاهرون بالمعاصي وإن نهى منهم ناه فعن غير جد بل كانوا لا يمتنع الممسك منهم عن مواصلة العاصي ومؤاكلته وخلطته وروى ابن مسعود قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: ( إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على ذنب نهاه عنه تعزيراً فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون خليطه وأكيله فلما رأى الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ) قال ابن مسعود: وكان رسول الله متكئاً فجلس وقال: ( لا والله حتى تأخذوا على يدي الظالم فتطروه على الحق إطراء ).
قال القاضي أبو محمد: والإجماع على أن النهي عن المنكر واجب لمن أطاقه ونهى بمعروف وأمن الضرر عليه وعلى المسلمين فإن تعذر على أحد النهي لشيء من هذه الوجوه ففرض عليه الإنكار بقلبه وأن لا يخالط ذا المنكروقال حذاق أهل العلم: ليس من شروط الناهي أن يكون سليماً من المعصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضاً وقال بعض الأصوليين فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً، واستدل قائل هذه المقالة بهذه الآية لأن قوله يتناهون وفعلوه يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي.. أ هـ
           ( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص 224)
رابعاً  ـ تفسير قوله تعالى في سورة الأنعام : ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) الأنعام69
وأود قبل ذكر أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة أن أنبه إلى أمرين .
الأول : أن هذه الآية منسوخة على قول كثيرٌ من المفسرين كما تقدم في تفسير آية سورة النساء .
الثاني : على اعتبار أنها ليست منسوخة فليس في الآية دليل على القعود في مجالس الكفر دون الإنكار على أهلها وتذكيرهم كما هو صريح بنص الآية
(وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )الأنعام69 . فيجب النهي عن المنكر أو الإجتناب و هو الأصل الذي يقوم به المسلم إذا حضر في مجالس الكفر، والضمير في يتقون هاهنا عائد على المشركين ، أي إذا قعدتم معهم فذكروهم بالله وخوفوهم به لعلهم يرجعون إلى الحق ويتركوا ماهم فيه من كفر وباطل ، وهذه كقوله تعالى عن المشركين :
( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) طه113
 وقوله تعالى : ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ ) وهذه في المؤمنين ، ومعنى يتقون أي يجتنبون الوقوع في الكفر وفي مجالسة أهله ، قال الله تعالى في وصف المؤمنين في سورة الأعراف : (  َسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَوَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف 156
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) أي الشرك والعظائم من الذنوب . أ هـ  التفسير ج 3 ص229
ثم نأتي لأقوال المفسرين لهذه الآية الكريمة :

قال الإمام الطبري رحمه الله :
( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ) إن قعدوا معهم ولكن لا تقعدوا ثم نسخ ذلك ( ولكن ذكرى ) يقول: إذا ذكرت فقم ( لعلهم يتقون) مساءتكم إذا رأوكم لا تجالسونهم ، استحيوا منكم فكفوا عنكم . ثم نسخها الله بعد ، فنهاهم أن يجلسوا معهم أبداً، قال : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ) ... أ هـ
        ( تفسير الطبري ج 7 ص 230 )
ويقول الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية :
قال ابن عباس : لما نزل لا تقعدوا مع المشركين وهو المراد بقوله : ( فأعرض عنهم ) قال المسلمون : لا يمكننا دخول المسجد والطواف ؛ فنزلت هذه الآية ( ولكن ذكرى ) أي فإن قعدوا يعني المؤمنين فليذكروهم . ( لعلهم يتقون ) الله في ترك ماهم فيه . ثم قيل نسخ هذا بقوله : ( وقد نزل عليكم أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) النساء 140 . وإنما كانت الرخصة قبل الفتح وكان الوقت وقت تقية . وأشار بقوله : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ )  إلى قوله :( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً ) الأنعام 70، قال القشيري: والأظهر أن الآية ليست منسوخة . والمعنى : ما عليكم شيء من حساب المشركين ، فعليكم بتذكيرهم وزجرهم  فإن أبوا فحسابهم على الله .  وقال الكلبي : قوله تعالى :( فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) نسخ بقوله تعالى : ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ ) الأنعام69  وقال عامة المفسرين : هي محكمة . أ هـ
           ( تفسير القرطبي المجلد الرابع ص 15 ط دار الشآم )
ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ) أي إذا تجنبوهم ، فلم يجلسوا معهم في ذلك ، فقد برئوا من عهدتهم وتخلصوا من إثمهم، قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن سعيد بن جبير ، قوله ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ) قال : ماعليك أن يخوضوا في آيات الله إذا فعلت ذلك ، أي إذا تجنبتهم وأعرضت عنهم ، وقال آخرون : بل معناه وإن جلسوا معهم ، فليس عليهم من حسابهم من شيء ، وزعموا أن هذا منسوخ بآية النساء المدنية ، وهي قوله ( إنكم إذاً مثلهم ) قاله مجاهد والسدي وابن جريج وغيرهم . وعلى قولهم يكون قوله ( ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) أي ولكن أمرناكم بالإعراض عنهم ، حينئذٍ تذكيراً لهم عما هم فيه ، لعلهم يتقون ذلك ولا يعودون إليه . أ هـ ( التفسير ج 3 ص 43 ط دار الأندلس )

وقال الإمام البغوي رحمه الله :
"وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء "، روي عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الآية: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم "، قال المسلمون : كيف نقعد في المسجد الحرام ونطوف بالبيت وهم يخوضون أبداً ؟ وفي رواية قال المسلمون : فإنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم، فأنزل الله عز وجل: "وما على الذين يتقون "، الخوض،"من حسابهم "، أي: من آثام الخائضين "من شيء ولكن ذكرى "، أي: ذكروهم وعظوهم بالقرآن، والذكر والذكرى واحد، يريد ذكروهم ذكرى، فتكون في محل النصب، "لعلهم يتقون "، الخوض إذا وعظتموهم فرخص في مجالستهم على الوعظ لعله يمنعهم ذلك من الخوض،وقيل: لعلهم يستحيون.أ هـ
                   ( تفسير البغوي ج 2 ص 21 )
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير :
قوله تعالى: {وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } فيه قولان .
أحدهما: يتقون الشرك. والثاني : يتقون الخوض .
قوله تعالى: {مِنْ حِسَابِهِم } يعني: حساب الخائضين. وفي {حِسَابَهُمْ } قولان.
أحدهما: أنه كفرهم وآثامهم. والثاني: عقوبة خوضهم.
قوله تعالى: {وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ } أي: ولكن عليكم أن تذكروهم. وفيما تذكرونهم به قولان.
أحدهما: المواعظ .والثاني : قيامكم عنهم . قال مقاتل: إذا قمتم عنهم، منعهم من الخوض الحياء منكم، والرغبة في مجالستكم .
قوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } فيه قولان.
أحدهما: يتقون الاستهزاء. والثاني : يتقون الوعيد . أ هـ
     ( تفسير زاد المسير لابن الجوزي سورة الأنعام الآية 69 ص 34 )
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في فتح القدير :
"وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء"أي ما على الذين يتقون مجالسة الكفار عند خوضهم في آيات الله من حساب الكفار من شيء. وقيل المعنى: ما على الذين يتقون ما يقع منهم من الخوض في آيات الله في مجالستهم لهم من شيء: وعلى هذا التفسير ففي الآية الترخيص للمتقين من المؤمنين في مجالسة الكفار إذا اضطروا إلى ذلك كما سيأتي عند ذكر السبب. قيل: وهذا الترخيص كان في أول الإسلام، وكان الوقت وقت تقية، ثم نزل قوله تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره"فنسخ ذلك. قوله: "ولكن ذكرى لعلهم "، ذكرى في موضع نصب على المصدر، أو رفع على أنها مبتدأ، وخبرها محذوف : أي ولكن عليهم ذكرى. وقال الكسائي: المعنى ولكن هذه ذكرى. والمعنى على الاستدراك من النفي السابق: أي ولكن عليهم الذكرى للكافرين بالموعظة والبيان لهم بأن ذلك لا يجوز. أما على التفسير الأول فلأن مجرد اتقاء مجالس هؤلاء الذين يخوضون في آيات الله لا يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأما على التفسير الثاني فالترخيص في المجالسة لا يسقط التذكير "لعلهم يتقون"الخوض في آيات الله إذا وقعت منكم الذكرى لهم. وأما جعل الضمير للمتقين فبعيد جداً .أ هـ
 ( تفسير فتح القدير للشوكاني ج 3 سورة الأنعام الآية 69 )

ويقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في الظلال :
( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء, ولكن ذكرى لعلهم يتقون ). .
فليستهنالك تبعة مشتركة بين المتقين والمشركين . فهما أمتان مختلفتان - وإناتحدتافي الجنس والقوم فهذه لا وزن لها في ميزان الله , ولا في اعتبار الإسلام .إنماالمتقون أمة , والظالمون [ أي المشركون ] أمة , وليس على المتقين شيء من تبعةالظالمينوحسابهم . ولكنهم إنما يقومون بتذكيرهم رجاء أن يتقوا مثلهم , وينضمواإليهم . . وإلاّ فلا مشاركة في شيء , إذا لم تكن مشاركة في عقيدة !
هذادين الله وقوله . . ولمن شاء أن يقول غيره . ولكن ليعلم أنه يخرج من ديناللهكله إذ يقول ما يقول ! ويستمر السياق في تقرير هذه المفاصلة ; وفي بيان الحدودالتيتكون فيهاالمعاملة : وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا , وذكر به أن تبسل نفسبماكسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع , وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها . أولئكالذينأبسلوا بما كسبوا , لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ). .
ونقفمن الآية أمام عدة أمور:
أولها : أن الرسول صلى الله عليه وسلم وينسحب الأمر على كل مسلم ـ مأمور أن يهمل شأن الذينيتخذوندينهم لعباً ولهواً . . وهذا يتم بالقول كما يتم بالفعل . .فالذي لا يجعللدينهوقاره واحترامه باتخاذه قاعدة حياته اعتقادا وعبادة , وخلقا وسلوكا , وشريعةوقانونا , إنما يتخذ دينه لعباً ولهواً . . والذي يتحدث عن مبادى ء هذا الدين وشرائعهفيصفهاأوصافا تدعو إلى اللعب واللهو . كالذين يتحدثون عن "الغيب" - وهو أصل منأصولالعقيدة ـ حديث الاستهزاء . والذين يتحدثون عن "الزكاة "وهي ركن من أركانالدينحديث الاستصغار . والذين يتحدثون عن الحياء والخلق والعفة ـ وهي من مبادى ءهذاالدين ـ بوصفها من أخلاق المجتمعات الزراعية , أو الإقطاعية , أو "البرجوازية "الزائلة ! والذين يتحدثون عن قواعد الحياة الزوجية المقررة في الإسلام حديث إنكارأواستنكار . والذين يصفون الضمانات التي جعلها الله للمرأة لتحفظ عفتها بأنها"أغلال ! " . . وقبل كل شيء وبعد كل شيء . . الذين ينكرون حاكمية الله المطلقة فيحياةالناس الواقعية . . السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية . .ويقولون :إن للبشر أن يزاولوا هذا الاختصاص دون التقيد بشريعة الله . . . أولئكجميعاًمن المعنيين في هذه الآيات بأنهم يتخذون دينهم لعباً ولهواً . وبأن المسلممأموربمفاصلتهم ومقاطعتهم إلاّ للذكرى . وبأنهم الظالمون ـ أي المشركون ـ والكافرونالذينأبسلوا بما كسبوا , فلهم شرابٌ من حميم وعذاب أليم لما كانوا يكفرون . .
وثانيها:أن الرسول صلى الله عليه وسلم وينسحب الامر على كل مسلم ـ مأمور بعد إهمال شأن هؤلاءالذيناتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا ـ أن يقوم بتذكيرهم وتخويفهممنأن ترتهن نفوسهم بما كسبوا , وأن يلاقوا الله ليس لهم من دونه ولي ينصرهم , ولاشفيعيشفع لهم ; كما أنه لا يقبل منهم فدية لتطلق نفوسهم بعد ارتهانها بما كسبت .
وللتعبيرالقرآني جماله وعمقه وهو يقول :
وَذَرِالَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُالْحَيَاةُالدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَلَهَامِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّيُؤْخَذْمِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْشَرَابٌمِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70)
( وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع, وإنتعدلكل عدل لا يؤخذ منها). .
فكلنفس على حدة تبسل [ أي ترتهن وتؤخذ ] بما كسبت , حالة أن ليس لها من دوناللهولي ولا شفيع ولا يقبل منها عدل تفتدى به وتفك الربقة !
فأماأولئك الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا فهؤلاء قدارتهنوابما كسبوا ; وحق عليهم ما سبق في الآية ; وكتب عليهم هذا المصير:
أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا, لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوايكفرون
لقدأخذوا بما فعلوا ; وهذا جزاؤهم:شراب ساخن يشوي الحلوق والبطون ; وعذاب أليمبسببكفرهم , الذي دل عليه استهزاؤهم بدينهم . .
وثالثها:قول الله تعالى في المشركين: (الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوًا). .
فهلهو دينهم ? . .
إنالنص ينطبق على من دخل في الإسلام , ثم اتخذ دينه هذا لعباً ولهواً . . وقد وجدهذاالصنف من الناس وعرف باسم المنافقين . . ولكن هذا كان في المدينة . .
فهلهو ينطبق على المشركين الذين لم يدخلوا في الإسلام ? إن الإسلام هو الدين . . هو دين البشرية جميعاً . . سواء من آمن به ومن لم يؤمن . . فالذي رفضه إنما رفضدينه . . باعتبار أنه الدين الوحيد الذي يعده الله ديناً ويقبله من الناس بعد بعثةخاتمالنبيين .
ولهذهالأضافة دلالتها في قوله:( وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهوًا ). .
فهيـوالله أعلم ـ إشارة إلى هذا المعنى الذي أسلفناه , من اعتبار الإسلام ديناً للبشريةكافة . فمن اتخذه لعبا ولهوا , , فإنما يتخذ دينه كذلك . . ولو كان منالمشركين. .
ولانزال نجدنا في حاجة إلى تقرير من هم المشركون ? إنهم الذين يشركون باللهأحدافي خصائص الألوهية . سواء في الاعتقاد بألوهية أحد مع الله . أو بتقديمالشعائرالتعبدية لأحد مع الله . أو بقبول الحاكمية والشريعة من احد مع الله . ومنبابأولى من يدعون لأنفسهم واحدة من هذه , مهما تسموا بأسماء المسلمين ! فلنكن منأمرديننا على يقين !
ورابعها:حدود مجالسة الظالمينـ أي المشركين ـ والذين يتخذون دينهم لعبا ولهوا . . وقد سبق القول بأنها لمجرد التذكير والتحذير . فليست لشيء وراء ذلك - متى سمعالخوضفي آيات الله ; أو ظهر اتخاذها لعبا ولهوا بالعمل بأية صورة مما ذكرنا أومثلها. .
وقدجاء في قول القرطبي في كتابه:الجامع لأحكام القرآن بصدد هذه الآية:
"في هذه الآية رد من كتاب الله عز وجل, على من زعم أن الأئمة الذين هم حججوأتباعهم, لهم أن يخالطوا الفاسقين, ويصوبوا آراءهم تقية . . ."
ونحننقول : إن المخالطة بقصد الموعظة والتذكير وتصحيح الفاسد والمنحرف من آراءالفاسقينتبيحها الآية في الحدود التي بينتها . أما مخالطة الفاسقين والسكوت عمايبدونهمن فاسد القول والفعل من باب التقية فهوالمحظور . لأنه ـ في ظاهرة ـ إقرارللباطل , وشهادة ضد الحق . وفيه تلبيس على الناس , ومهانة لدين اللهوللقائمينعلى دين الله . وفي هذه الحالة يكون النهي والمفارقة .أ هـ           
           ( في ظلال القرآن ج 6  من ص 153 إلى ص 157 )

خامساً ـ قوله تعالى في سورة المؤمنون : ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) المؤمنون3
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :
وقوله ( والذين هم عن اللغو معرضون ) أي عن الباطل ، وهو يشمل الشرك كما قاله بعضهم ، والمعاصي كما قاله آخرون ، وما لافائدة فيه من الأقوال والأفعال ،كما قال تعالى ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً ) قال قتادة : أتاهم والله من أمر الله ما وقفهم عن ذلك . أ هـ  ( التفسير ج 5 ص 8 )
وقال الإمام البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :
 قوله عز وجل: ( والذين هم عن اللغو معرضون ) قال عطاء عن ابن عباس: عن الشرك ، وقال الحسن : عن المعاصي. وقال الزجاج : عن كل باطل ولهو ومالا يحل من القول والفعل. وقيل: هو معارضة الكفار بالشتم والسب: قال الله تعالى: ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً ) أي: إذا سمعوا الكلام القبيح أكرموا أنفسهم عن الدخول فيه.أ هـ
                 ( تفسير البغوي ج 3 ص 2 )
ويقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير :
( والذين هم عن اللغو معرضون ) واللغو، قال الزجاج: هو كل باطل ولهو هزل ومعصية وما لا يحمل من القول والفعل،وقد تقدم تفسيره في البقرة. وقال الضحاك: إن اللغو هنا الشرك. وقال الحسن: إنه المعاصي كلها. ومعنى إعراضهم عنه: تجنبهم له وعدم التفاتهم إليه، وظاهره اتصافهم بصفة الإعراض عن اللغو في كل الأوقات،فيدخل وقت الصلاة في ذلك دخولاً أولياً كما تفيده الجملة الإسمية، وبناء الحكم على الضمير.أ هـ
                 ( تفسير فتح القدير ج 5 ص 1 ـ 2 )
سادساً ـ قوله تعالى في سورة القصص : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) القصص 55
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
وقوله تعالى : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) أي لايخالطون أهله ولا يعاشرونهم ، بل كما قال تعالى : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ُ ) أ هـ
                    ( التفسير ج 5 ص 289 )


وقال الإمام البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :
"إذا سمعوا اللغو"، القبيح من القول، "أعرضوا عنه"، وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون : تباً لكم تركتم دينكم، فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم، "وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم"، لنا ديننا ولكم دينكم، "سلام عليكم"، ليس المراد منه سلام التحية، ولكنه سلام المتاركة، معناه: سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم والقبيح من القول، "لا نبتغي الجاهلين"، أي: دين الجاهلين، يعني: لا نحب دينكم الذي أنتم عليه. وقيل: لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه، وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال.أ هـ         ( تفسير البغوي ج 3 ص 17 )
وقال الإمام ابن الجوزي في زاد المسير :
قوله تعالى: ( وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ )  فيه ثلاث أقوال.
أحدها: الأذى والسب، قاله مجاهد.
والثاني: الشرك، قاله الضحاك.
والثالث: أنهم قوم من اليهود آمنوا، فكانوا يسمعون ما غيراليهود من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكرهون ذلك، ويعرضون عنه، قاله ابن زيد. وهل هذا منسوخ أم لا؟ فيه قولان.
وفي قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ } قولان .
أحدهما: لنا ديننا ولكم دينكم .
والثاني: لنا حلمنا ولكم سفهكم . أ هـ  ( زاد المسير ج 27  ص 51 ط الأكترونية  )
ويقول الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير :
ثم مدحهم سبحانه بإعراضهم عن اللغو فقال: ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) تكرماً وتنزهاً وتأدباً بآداب الشرع، ومثله قوله سبحانه: ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً )، واللغو هنا هو ما يسمعونه من المشركين من الشتم لهم ولدينهم والاستهزاء بهم ( وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) لا يلحقنا من ضرر كفركم شيء، ولا يلحقكم من نفع إيماننا شيء "سلام عليكم"ليس المراد بهذا السلام سلام التحية، ولكن المراد به سلام المتاركة، ومعناه أمنة لكم منا وسلامة لا نجاريكم ولا نجاوبكم فيما أنتم فيه. قال الزجاج: وهذا قبل الأمر بالقتال"لا نبتغي الجاهلين"أي لا نطلب صحبتهم. وقال مقاتل: لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه. وقال الكلبي: لا نحب دينكم الذي أنتم عليه.أ هـ
                 ( تفسير فتح القدير للشوكاني المجلد 6 ص 27 )         
                
           ــــــــــــــــ
ثالثاً ـ النهي من السنة عن الجلوس والبقاء في مجالس المنكر
جاء في كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله في باب تحريم الغيبة والنميمة وبعد أن سرد أدلة الباب من الكتاب والسنة قال رحمه الله:
( فصل ) أعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها، يحرم على السامع استماعها وإقرارها فيجب على من سمع إنساناً يبتدئ بغيبة محرّمة أن ينهاه إن لم يخف ضرراً ظاهراً، فإن خاف وجب عليه الإنكار بقلبه ومفارقة ذلك المجلس إن تمكن من مفارقته، فإن قدر على الإنكار بلسانه أو قطع الغيبة بكلام آخر لزمه ذلك، فإن لم يفعل عصى، فإن قال بلسانه اسكت وهو يشتهي بقلبه استمراره، فقال أبو حامد الغزالي: ذلك نفاق لا يخرجه عن الإثم،ولابد من كراهته بقلبه، ومتى اضطّر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغيبة وعجز عن الإنكار أو أنكر ولم يقبل منه ولم يمكنه المفارقة بطريق حرّم عليه الاستماع والإصغاء للغيبة، بل طريقه أن يذكر الله تعالى بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها، ولا يضره بعد ذلك السماع من غير استماع وإصغاء في هذه الحالة المذكورة، فإن تمكن بعد ذلك من المفارقة وهم مستمرون في الغيبة ونحوها وجب عليه المفارقة، قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68
وروينا عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه دعي إلى وليمة، فحضر، فذكروا رجلاً لم يأتهم، فقالوا إنه ثقيل، فقال إبراهيم: أنا فعلت هذا بنفسي حيث حضرت موضعاً يغتاب فيه الناس، فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام. ومما أنشدوه في هذا:
  وسمعك صن عن سماع القبيح        كصون اللسان عن النطق به
  فإنك عند سماع القبيــح           شريك لقائله فانتبـــه
       الأذكار للإمام النووي ص 348 ط المكتبة القيمة
ويقول الإمام الصنعاني رحمه الله في سبل السلام عند شرحه لحديث الذي يحدث فيكذب ليضحك القوم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم معاوية بن حيدة رضي الله عنهما قال :( قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) أخرجه الثلاثة وإسناده قوي وحسنه الترمذي وأخرجه البيهقي .
الحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم وهذا تحريم خاص
ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذبا لأنه إقرار على المنكر بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف. أ هـ سبل السلام ج4ص202 .

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري :
قوله باب هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة
هكذا أورد الترجمة بصورة الاستفهام ولم يبت الحكم لما فيها من الاحتمال كما سأبينه أن شاء الله تعالى قوله ورأى بن مسعود صورة في البيت فرجع كذا في رواية المستملي والأصيلي والقابسي وعبدوس وفي رواية الباقين أبو مسعود والأول تصحيف فيما أظن فأنني لم أر الأثر المعلق إلاّ عن أبي مسعود عقبة بن عمرو وأخرجه البيهقي من طريق عدي بن ثابت عن خالد بن سعد عن أبي مسعود أن رجلاً صنع طعاماً فدعاه فقال أفي البيت صورة قال: نعم فأبى أن يدخل حتى تكسر الصورة وسنده صحيح وخالد بن سعد هو مولى أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري ولا أعرف له عن عبد الله بن مسعود رواية ويحتمل أن يكون ذلك وقع لعبد الله بن مسعود أيضاً لكن لم أقف عليه قوله ودعا بن عمر أبا أيوب فرأى في البيت ستراً على الجدار فقال بن عمر: غلبنا عليه النساء فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك والله لا أطعم لكم طعاماً فرجع، وصله أحمد في كتاب الورع ومسدد في مسنده ومن طريقه الطبراني من رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: أعرست في عهد أبي فآذن أبي الناس فكان أبو أيوب فيمن آذنا وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه فقال: يا عبد الله أتسترون الجدر فقال أبي واستحيا غلبنا عليه النساء يا أبا أيوب فقال: من خشيت أن تغلبه النساء فذكره ووقع لنا من وجه آخر من طريق الليث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سالم بمعناه وفيه فأقبل أصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم  يدخلون الأول فالأول حتى أقبل أبو أيوب وفيه فقال عبد الله: أقسمت عليك لترجعن فقال وأنا أعزم على نفسي أن لا أدخل يومي هذا ثم انصرف وقد وقع نحو ذلك لابن عمر فيما بعد فأنكره وأزال ما أنكر ولم يرجع كما صنع أبو أيوب فروينا في كتاب الزهد لأحمد من طريق عبد الله بن عتبة قال دخل بن عمر بيت رجل دعاه إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكر ور فقال بن عمر يا فلان متى تحولت الكعبة في بيتك ثم قال لنفر معه من أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم  ليهتك كل رجل ما يليه.
إلى أن يقول رحمه الله:
قال بن بطال فيه أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله ورسوله عنه لما في ذلك من إظهار الرضا بهاونقل مذاهب القدماء في ذلك وحاصله أن كان هناك محرم وقدر على إزالته فأزاله فلا بأس وأن لم يقدر فليرجع وأن كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفى الورع ومما يؤيد ذلك ما وقع في قصة بن عمر من اختلاف الصحابة في دخول البيت الذي سترت جدره ولو كان حراماً ما قعد الذين قعدوا ولا فعله بن عمر فيحمل فعل أبي أيوب على كراهة التنزيه جمعاً بين الفعلين ويحتمل أن يكون أبو أيوب كان يرى التحريم والذين لم ينكروا كانوا يرون الإباحة وقد فصل العلماء ذلك على ما أشرت إليه قالوا: أن كان لهواً مما اختلففيه فيجوز الحضور والأولى الترك وأن كان حراماًكشرب الخمر نظر فإن كان المدعو ممن إذا حضر رفع لأجله فليحضر وأن لم يكن كذلك ففيه للشافعية وجهان أحدهما يحضر وينكر بحسب قدرته وأن كان الأولى أن لا يحضر قال البيهقي وهو ظاهر نص الشافعي وعليه جرى العراقيون من أصحابه وقال صاحب الهداية من الحنفية لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يكن يقتدي به فإن كان ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين وفتح باب المعصيةوحكى عن أبي حنيفة أنه قعد وهو محمول على أنه وقع له ذلك قبل أن يصير مقتدى به قال وهذا كله بعد الحضور فإن علم قبله لم تلزمه الإجابة والوجه الثاني للشافعية تحريم الحضور لأنه كالرضا بالمنكر وصححه المراوزة فإن لم يعلم حتى حضر فلينههم فإن لم ينتهوا فليخرج إلاّ إن خاف على نفسه من ذلك وعلى ذلك جرى الحنابلة وكذا اعتبر المالكية في وجوب الإجابة أن لا يكون هناك منكر وإذا كان من أهل الهيئة لا ينبغي له أن يحضر موضعا فيه لهو أصلاً حكاه بن بطال وغيره عن مالك ويؤيد منع الحضور حديث عمران بن حصين نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عن إجابة طعام الفاسقين أخرجه الطبراني في الأوسط ويؤيده مع وجود الأمر المحرم ما أخرجه النسائي من حديث جابر مرفوعاً من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر وإسناده جيد وأخرجه الترمذي من وجه آخر فيه ضعف عن جابر وأبو داود من حديث بن عمر بسند فيه انقطاع وأحمد من حديث عمر ..) أ هـ
                     فتح الباري ج9/ص249 ـ 250
وقال الإمام محمد بن أبي بكر الرازي في تحفة الملوك:
ومن دعي إلى ضيافة فوجد لعباً وغناء يقعد إن كان غير قدوة ويمنع إن قدر وإن كان قدوة كالقاضي والمفتي ونحوهما يمنع ويقعد فإن عجز خرج وإن كان ذلك على المائدة أو كانوا يشربون الخمر خرج وإن لم يكن قدوة وإن علم قبل الحضور لا يحضر في الوجوه كلها.أ هـ
                 تحفة الملوك ج1 ص 224 ـ 224

وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في فيض القدير في صدد حديثه عن أهل البدع :
ولم أر من تعرض للعمل المنفي قبوله في هذا الحديث ما المراد به العمل المشوب بالبدعة فقط أو حتى الموافق للسنة فظاهر الخبر التعميم أما المشوب بها فظاهر لأنه إذا عمل عملا على قانون بدعته عده سنة وهو لا يشعر ولا ثواب فيما خالف السنة وأما غيره فلأنه إذا عمل عمل السنة فهو حال عمله يعتقد كونه بدعة فهو بمعزل عن قصد التقرب والإمتثال.
وقد قال ابن القاسم لا تجد مبتدعاً إلاّ وهو منتقص للرسول وإن زعم أنه يعظمه بتلك البدعة فإنه يزعم أنها هي السنة إن كان جاهلاً مقلداً وإن كان مستبصراً فيها فهو مشاق لله ولرسوله انتهى
وقد ذم الله قوما رأوا الخير شراً وعكسه ولم يعذرهم فقال: ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ) الكهف 104   (  أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً )     فاطر 8،  ثم هذه الجملة توطئة وتأسيس إلى ما هو المقصود من السياق وهو الحث على سلامة العقيدة والتنفير من ملازمة البدعة ومجالسة أهلها. أ هـ   
                  فيض القدير شرح الجامع الصحيح ج1/ص72

             ــــــــــــــــــــــ

رابعا ًـ الإنكار على الكافرين حال كفرهم أواستهزائهم بآيات الله من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

أ ـكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في الطواف أو في أي موضع يسمع فيه كلام الكفر والشرك ينكر على قائله، سواءً قبل البعثة أم بعدها
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية :
وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمعهم يقولون لبيك لا شريك لك يقول: قد قد أي حسب حسب. أ هـ
                        البداية والنهاية ج2/ص188         
ومعنى ذلك : أي قفوا عند هذا الحد وحسبكم انتهوا عن قولكم الشركي الذي يليه: إلاّ شريكاً هو لك تملكه وما ملك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
ب ـوقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لسورة الكافرون :
وأبلغ معنى إذ كان الرسول عليه السلام يعتمدهم في ناديهم فيقول لهم يأيها الكافرون وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر ويدخلوا في جملة أهله . أ هـ  (  تفسير القرطبي ج20/ص226 )
وهاتين الواقعتين هما في حالة الإستضعاف في الفترة المكية ضف إليهما آية سورة الفرقان المكية قوله تعالى :( وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) وآية سورة المؤمنون المكية ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) المؤمنون3وآية سورة القصص المكية( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) القصص55 ، أي أن النهي عن القعود في مجالس الكفر والمنكر تقرر في الفترة المكية وأكده الله تعالى أيضاً في الفترة المدنية، وأما آية سورة الأنعام المكية فقد نسختها آية سورة النساء المدنية كما قال أكثر المفسرين بذلك ، وعلى اعتبار أنها ليست منسوخة فهي لاتخالف قول الله تعالى في النهي عن القعود في مجالس الكفر والمنكر أو القعود بشرط التذكير والإنكار على من يقومون بالمنكر.  والذي يأخذ بآية سورة الأنعام المكية قوله تعالى : ( ومَا عَلَى الّذِينَ يَتَقُونَ مِنْ حِسَابِهم مِنْ شَيء ) ـ هذا مع إهماله لبقية الآية (وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) ـ بحجة أننا الآن في حالة استضعاف كما في الفترة المكية نقول له : إن المنهيات لايؤخذ بها بحال الفترة المكية بل بما استقر وثبت عليه أمر الشريعة وإلاّ للزم هذا القائل بأن لايرى بأساً في الجلوس مع المشركين حال استهزاءهم الصريح وسبهم لدين الله، لماذا يستثنى هذه من مجالس الكفر إذا كان قياسه بالحالة المكية الآن ؟ !! وكذلك أن لا يرى حرمة تحريم الخمر والربا والميسر وأكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وأكل الحمر الأهلية . لأنها إنما حرمت كلها في المدينة .!!
ففي الكفر لا رخصة إلاّ في الإكراه الملجيء بشروطه .
و في الحرام لا رخصة إلاّ في الضرورة بحدودها .
نعم الفترة المكية يؤخذ بها في بعض الأمور بحسب ماتقتضيه حالة المسلمين كالدعوة السرية وكيفيتها والمنهج الحركي ..الخ  لا في جواز الكفر أو المحرم أو الوقوع فيهما .
( كل هذا على افتراض لو أننا قلنا بأن النهي إنما تقرر في الفترة المدنية فكيف إذا تبين واضحاً جلياً بأن النهي إنما تقرر في الفترة المكية وزاد الله بأن أكّده في الفترة المدنية ، ولله الحمد والمنة . )

ج ـقال الأموي في مغازيه: حدثنا محمد ابن إسحق عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذني قومي فقالوا: إنك امرؤ شاعر فإن شئت أن تعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض العلة ثم يكون ذنباً تستغفر الله منه، وذكر الحديث بطوله إلى أن قال: وكان ممن تخلف من المنافقين ونزل فيه القرآن منهم  ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم الجلاس بن سويد بن الصامت، وكان على أم عمير بن سعد، وكان عمير في حجره، فلما نزل القرآن وذكرهم الله بما ذكر مما أنزل في المنافقين قال الجلاس: والله لئن كان هذا الرجل صادقاً فيما يقول لنحن شر من الحمير؟ فسمعها عمير بن سعد فقال: والله ياجلاس إنك لأحب الناس إليّ وأحسنهم عندي بلاء وأعزهم عليّ أن يصله شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحني ولئن كتمتها لتهلكني ولأحداهما أهون عليّ من الأخرى. فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال الجلاس، فلما بلغ ذلك الجلاس خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فحلف بالله ما قال ما قال عمير بن سعد ولقد كذب عليّ، فأنزل الله عز وجل فيه: ( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ) إلى آخر الآية، فوقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فزعموا أن الجلاس تاب فحسنت توبته ونزع فأحسن النزوع.
هكذا جاء هذا مدرجاً في الحديث متصلاً به وكأنه  والله أعلم من كلام ابن إسحق نفسه لا من كلام كعب بن مالك، وقال عروة بن الزبير: نزلت هذه الآية في الجلاس بن سويد بن الصامت، أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء، فقال الجلاس: إن كان ما جاء به محمد حقاً فنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها، فقال مصعب: أما والله يا عدو الله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وخفت أن ينزل فيّ القرآن أو تصيبني قارعة أو أن أخلط بخطيئته،فقلت: يا رسول الله أقبلت أنا والجلاس من قباء فقال كذا وكذا ولولا مخافة أن أخلط بخطيئة أو تصيبني قارعة ما أخبرتك، فقال: فدعا الجلاس فقال: ( ياجلاس أقلت الذي قاله مصعب؟ ) فحلف فأنزل الله: ( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ ) الآية، وقال محمد بن إسحق: كان الذي قال تلك المقالة فيما بلغني الجلاس بن سويد بن الصامت فرفعها عليه رجل كان في حجره يقال له عمير بن سعد فأنكرها فحلف بالله ما قالها، فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته فيما بلغني. أ هـ
                   تفسير ابن كثير ج3ص424، 425    

وجاء في البداية والنهاية :
 ذكر ابن إسحاق من مال إلى هؤلاء الأضداد من اليهود من المنافقين من الأوس والخزرج فمن الأوس زوي بن الحارث وجلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري وفيه نزل ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم )  وذلك أنه قال حين تخلف عن غزوة تبوك لئن كان هذا الرجل صادقاً لنحن شر من الحمر فنماها ابن امرأته عمير بن سعد إلى رسول الله فأنكر الجلاس ذلك وحلف ما قال فنزل فيه ذلك قال وقد زعموا أنه تاب وحسنت توبته حتى عرف منه الإسلام والخير. أ هـ
                  البداية والنهاية لابن كثير ج3/ص237

وجاء في السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي رحمه الله:
وقد ذكر بعضهم أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ثلاثمائة منهم الجلاس بجيم مضمومة فلام مخففة فألف فسين مهملة ابن سويد بن الصامت قال يوماً إن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فسمعها عمير بن سعد رضي الله تعالى عنه وهو ابن زوجة جلاس أي فإن الجلاس كان زوجاً لام عمير وكان عمير يتيماً في حجره ولا مال له وكان يكفله ويحسن إليه فجاء الجلاس ليلة فاستلقى على فراشه فقال لئن كان ما يقوله محمد حقاً فلنحن شر من الحمير فقال له عمير: يا جلاس إنك لأحب الناس وأحسنهم عندي يداً ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنكولئن صمت عليها أي سكت عنها ليهلكن على ديني ولإحداهما أيسر علىمن الأخرىفمشى إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فذكر له مقالة جلاس فأرسل رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى جلاس فحلف بالله لقد كذب على عمير وما قلت ما قال عمير فقال عمير: بلى والله لقد قلته فتب إلى الله ولولا أن ينزل القران فيجعلني معك ما قلته، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم  الله استحلف الجلاس عند المنبر فحلف أنه ما قال واستحلف الراوي عنه فحلف لقد قال وقال اللهم أنزل على نبيك تكذيب الكاذب وتصديق الصادق فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  آمين فنزل قوله تعالى:  ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم )  إلى قوله: (   فإن يتوبوا يك خيراً لهم )  فاعترف الجلاس وتاب وقبل منه صلى الله عليه وسلم  توبته وحسنت توبته ولم ينزع عن خير كان يصنعه مع عمير فكان ذلك مما عرف به حسن توبته فقال  صلى الله عليه وسلم  لعمير وقيت أذنك. أ هـ   (  السيرة الحلبية ج2/ص338  )
 والشاهد من هذا الموقف لذلك الصحابي الجليل كما في السيرة وهوعلى المسلم إذا سمع أي كلمة من كلام الكفر يجب عليه أن ينكر أو يقوم وإلاّ فحكمه حكم من سمع منه .
        ــــــــــــــــــــــ

خامساً ـ إجماع الصحابة في النهي عن القعود مع من يقول الكفر أو الاستهزأ، والإنكار عليه ومعاقبته بذلك الفعل.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:
الدليل الثاني قصة أخرى وقعت في زمن الخلفاء الراشدين:
وهي أن بقايا من بني حنيفة لما رجعوا إلى الإسلام وتبرأوا من مسيلمة وأقروا بكذبه كبر ذنبهم عند أنفسهم وتحملوا بأهاليهم إلى الثغر لأجل الجهاد في سبيل الله لعل ذلك يمحوا عنهم آثار تلك الردة لأن الله تعالى يقول   إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات   ويقول   وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى فنزلوا الكوفة وصار لهم بها محلة معروفة فيها مسجد يسمى مسجد بني حنيفة فمر بعض المسلمين على مسجدهم بين المغرب والعشاء فسمعوا منهم كلاماً معناه أن مسيلمة كان على حق وهم جماعة كثيرون لكن الذي لم يقله لم ينكره على مَن قالهفرفعوا أمرهم إلى عبد الله بن مسعود فجمع مَن عنده من الصحابة واستشارهم هل يقتلهم وإن تابوا أو يستتيبهم فأشار بعضهم بقتلهم من غير استتابة وأشار بعضهم باستتابتهم فاستتاب بعضهم وقتل بعضهم ولم يستتبه فتأمل ـ رحمك الله ـ إذا كانوا قد أظهروا من الأعمال الصالحة الشاقة ما أظهروا لما تبرأوا من الكفر وعادوا إلى الإسلام ولم يظهر منهم إلاّ كلمة أخفوها في مدح مسيلمة لكن سمعها بعض المسلمين ومع هذا لم يتوقف أحد في كفرهم كلهم ـ المتكلم والحاضر الذي لم ينكر ـولكن اختلفوا هل تقبل توبتهم أو لا والقصة في صحيح البخاري فأين هذا من كلام مَن يزعم أنه من العلماء ويقول البدو ما معهم من الإسلام شعرة إلاّ أنهم يقولون لا إله إلاّ الله ومع ذلك يحكم بإسلامهم بذلك أين هذا مما أجمع عليه الصحابة فيمن قال تلك الكلمة أو حضرها ولم ينكر .أ هـ
                    مختصر السيرة ج1/ص 42ـ43

سادساً ـ بيان النهي عن القعود مع الكافرين وقت خوضهم في أي نوع من أنواع المنكر من ناحية أصول الفقه:

أولاً: من جهة العموم والخصوص.
فإن العام لا يقيد الخاص، بل إذا تعارض الخاص والعام قُدِم الخاص على العام، كما هو مقرر في أصول الفقه وعليه العمل في الشريعة، وهذا من قواعد الفهم الصحيح، وأحد أصول استنباط الأحكام من النصوص.
فاستدلال البعض في بقاء المسلم في مثل ديارنا المعاصرة وشيوع الكفر وتفشي المعاصي فيها بمثل ماكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية ، وعليه فلا بأس بالجلوس مع الكافرين في حال كفرهم مع إنكار القلب [4]وطمأنينته بالإيمان ، فهذا استدلال في غير محله وباطل ، لأن عموم ما في الدار من المنكر هو من المنكر العام والذي إن استطاع المسلم إزالته فبها ونعمت وأما إن لم يستطع وكان مستضعفاً ولم توجد دار إسلام يهاجر إليها فلا إثم عليه إذا لم يشايعهم في ما هم عليه من الكفر والمعاصي ، وأما آية سورة النساء فقد خصص الله تعالى الحكم فيها بالجلوس وقت الخوض والكفر بآيات الله والاستهزاء بها ، فليتقي الله كل من يقيس هذه بتلك ، فإن الله عليه حسيباً رقيباً .
ولنضرب مثالاً على ذلك : جاء في الحديث الصحيح : (.. وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) متفق عليه. فهذا نص عام في جواز الصلاة في جميع بقاع الأرض.ثم ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يخصص بعض البقع التي لا تجوز فيهن الصلاة ومن هذه الأماكن: الصلاة عند القبور، وفي معطن الإبل، وفي أماكن النجاسة، وعند قارعة الطريق.. الخ،روى ابن عمر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة مواطن لا تجوز فيها الصلاة ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الإبل ومحجة الطريق ) رواه ابن ماجة .  وهي من عموم الأرض، ولكن لا يجوز شرعاً وعقلاً أن نستدل بالنص العام على جواز الصلاة في هذه الأماكن المخصصة بالنهي.
ثانياً: من جهة العلة.
فإن العلة تدور مع الحكم وجوداً وعدماً، فأينما وجدت العلة وجد الحكم وأينما انتفت العلة انتفى الحكم ، فالعلة هنا هي في القعود مع الكافرين حال كفرهم واستهزائهم بآيات الله لقوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم ) والحكم هو الكفر، لقوله تعالى: ( إنكم إذاً مثلهم ) ومتى انتفى القعود في المكان المحدد مع المستهزئين والكافرين بآيات الله تعالى وهي العلة انتفى الحكم بانتفائها، ومتى لم تنتفي العلة يبقى الحكم باقياً، ولزيادة توضيح ذلك :
 نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس مع من يشرب الخمرـ سواءً فرد أو جماعة ـ فالعلة هنا هي في الجلوس من الجالس في المكان المحدد بفعل المعصية والحكم هو الحرام وقد جاء بلفظ اللعن وكل لعن في السنة معناه الحرام، فمتى فارق المكلف المجلس عند رؤيته من يشربون الخمر وابتعد عنهم انتفت العلة في حقه فينتفي الحكم بانتفائها، ومتى لم يغادر أو يبتعد فلن تنتفي العلة فلا ينتفي الحكم في حقه وهو الحرام، لأن العلة مرتبطة بالحكم و تدور معه وجوداً وعدماً.


ثالثاً: من جهة القياس.

فإن القياس في الشريعة أنواع ومنها، قياس الأولى، وقياس الشبه، وقياس العكس، والقياس الجلي والخفي.
ومسألتنا هذه تدخل ضمن قياس الأولى، فقياس الأولى ها هنا هو: إذا كان لا يجوز للمسلم مجرد الجلوس في المكان الذي يعصى فيه الله تعالى كحانات الخمر ـ حتى وإن لم يشاركهم الجالس في الشراب ـ فمن باب قياس الأولى شرعاً وعقلاً أن يجتنب المسلم المكان الذي يكفر به بآيات الله ويستهزأ بها أو يسمع فيه أي نوع من أنواع الكفر . فإذا كان المسلم يعرض عن هذه المجالس ويمتنع عنها أشد الامتناع بينما لا يعرض ولا يمتنع في الجلوس والبقاء في مجالس الكفر والاستهزاء فهذا مثله كمثل الذين قال الله تعالى فيهم من بني إسرائيل: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة85   
وهذا الحكم هو في بني إسرائيل ويدخل فيه غيرهم بعموم اللفظ لأن العبرة في القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معروف في الأصول، وهو أن بني إسرائيل كانوا يؤمنون بحكم الله في فداء الأسرى من بني عمومتهم بينما يكفرون بحكم الله في قتالهم وإخراجهم من ديارهم وهو محرم عليهم ، فيأخذون ما يوافق أهوائهم ويذرون ما يعارضها، فكفرهم الله بذلك الصنيع.

سابعاً ـ بيان النهي في القعود مع الكافرين في حال نطقهم بالكفر والإستهزأ من ناحية اللغة العربية.
أولاً : كلمة "معهم". كما جاء في قوله تعالى : (فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ )
وهي كلمةٌ تفيد المعية والمصاحبة .
جاء في مختار الصحاح للرازاي :
( مع ) كلمة تدل على المصاحبة والدليل على أنه اسم حركة آخره مع تحرك ما قبله وقد يسكن وينون تقول جاءوا معاً . أ هـ ( مختار الصحاح ص 628 )
ومعهم : جار ومجرور، فـ "مع "حرف جر و "هم "ضمير متصل مبني على السكون في محل اسم مجرور.

ثانياً : حرف "حتى "في قوله تعالى ذكره: ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )
فإن "حتى" : استثنائية وهي حرف نصب ، وهي في الآية استثنائية تفيد الاستثناء وليست "حتى"التي تفيد انتهاء الغاية لأنه لا يستقيم الكلام عقلاً وشرعاً لأنها لو كانت لانتهاء الغاية لأفادت معنى آخر مغاير، أي: اقعدوا مع الكافرين وقت خوضهم وكفرهم حتى يخوضوا في حديث غيره، فلما سبقها النهي أفادت "حتى"معنى الإستثناء، بمعنى لا تقعدوا مع الكافرين وقت خوضهم في كفرهم  واستهزاءهم "إلاّ أن"يخوضوا في حديثٍ غيره.
يقول عباس حسن في النحو الوافي :
ومن أمثلة "حتى"التي بمعنى: "إلاّ "قول على بن أبي طالب رضي الله عن: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه.
وكذلك قول شوقي:
ما السلاح لقومٍ كل عدتهم       حتى يكونوا من الأخلاق في أهبِ
ومن الأمثلة أيضاً قول المتنبي:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى    حتى يراق على جوانبه الدمُ
وقول آخر:
و لا ألين لغير الحق أتبعه         حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
 وكذلك:
لا تسدين إلى عارفة       حتى أقوم بشكر ما سلفا
ويقول في موضع آخر:
وتدل على الإسثناء ـ كإلاّ ـ إذا لم تصلح لدلالة على الغاية أو على التعليل، فلا بد من القطع بعدم صلاحيتها ( للغاية، أو التعليل ) قبل جعلها للإستثناء الخالص، نحو: ( لا يصلح الوالي للحكم حتى يلتزم العدل، ويحرص عليه ) ...والتقدير: لا يصلح الوالي للحكم إلاّ أن يلتزم العدل. ( فحتى ) هنا بمعنى: ( إ لاّ ) ـ وعند التقدير نقول معناها: ( إلاّ أَنْ ) ، فتظهر ( أَنْ ) بعد ( إلاّ ) في حالة التقدير فقط، لمجرد الإيضاح، ولا يصح إظهارها بعد ( حتى ) ـ ولا تصح أن تكون ( غائية ) ولا ( تعليلة ) ، إذ لو كانت ( غائية ) لوجب أن ينقضي المعنى قبلها تدريجياً ـ كما سبق ـ والنفي من المعاني التي تنقضي دفعة واحدة، لأنه حكم بالسلب على أمر، والحكم بالسلب ينْصبُّ سريعاً، دفعة واحدة، لا تدريجياً ـ في الصحيح ..أ هـ
ويقول في هامش نفس الصفحة :
وهنا اعتبار آخر؛ وهو أن الكلام قبل ( حتى ) منفي في هذه الصورة؛ ولا يزول معنى نفيه إذا كانت ( حتى ) للغاية وتحققت الغاية . فعند تحققها يبقى معنى النفي قبل ( حتى ) على حاله. ويترتب على بقائه فساد المعنى؛ إذ يكون التقدير: لا يصلح الوالي للحكم إلى أن يلتزم العدل، فإذا تحقق إلتزامه العدل لا يصلح للحكم. أ هـ
         ( النحو الوافي للأستاذ عباس حسن ج4 ص 336 ط دار المعارف بمصر )

             ( الفصل الثالث )
بيان أن مجالس الكفر ومجالس الاستهزاء في الحكم سواء والفرق هو في نوع الكفر واختلاف الألفاظ.
فنقول وبالله تعالى التوفيق ومنه العون والسداد والرشاد :
أولاً ـ ذكر الله تعالى لفظ الكفر بآيات الله مع لفظ الاستهزاء بل قدّم الله تعالى لفظ الكفر بآيات الله تعالى قبل الاستهزأ ، فقال جل ذكره: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ).

ثانياً ـ لم يقول الله تعالى ذكره: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِيُسْتَهْزَأُ بِهَا )حتى يحصر النهي في الآية الكريمة على مجرد الاستهزأ، فكيف إذا كان الكفر هو المقدم في النهي على الاستهزأ.

ثالثاً ـ ذكر الله تعالى الكفر بآياته وهي مسألة أخرى غير مسألة الاستهزاء ـ وإن كانت لازمة لها ـ فالاستهزاء باب آخر وهو زيادة على مجرد الكفر بآياته كما هو واضح من ظاهر النص ولا يجوز تجميد النص على الاستهزاء فقط ، وقد فصلت بين الكفر والاستهزاء واو العطف ، والعطف يقتضي المغايرة كما هو معلوم في كلام العرب . قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح الطحاوية :  وعطف الشيء على الشيء يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع الاشتراك في الحكم الذي ذكر لهما [5]. أهـ
والخلاصة في عطف النسق والذي نحن بصدده : إذا اتفق المعنيان عطفا المعطوف والمعطوف عليه على بعضهما وإن تغير اللفظان كقولنا : شحيح وبخيل ، وخائف وجبان ، ونحوها فهي بمعنى واحد لزيادة تأكيد معنى المعطوف عليه ، وإلاّ فيبقى على أصله وهو تغاير اللفظ والمعنى ، كقوله تعالى : ( فعموا وصموا ) فالعمى غير الصمم ، وقوله تعالى : ( فكفروا وتولّوا ) فالكفر غير التولي فكلاهما يفيد معنى مغاير خاص لما وضع له وإن كان يجمعهما حكم الكفر . وكذلك قوله تعالى: (  فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى () وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) فترك التصديق غير ترك الصلاة[6]، والتكذيب غير التولي وإن كان يجمعهما حكم الكفر .


رابعاً  ـ إن مجالس الكفر ليست محصورة على الكفر بآيات الله المكتوبة في القرآن الكريم بل على الكفر بها وبكل مجلس يذكر فيه أي نوع من أنواع الكفر وكل باطل من القول ( وقد تقدم ) وفي ذلك، يقول علماء الأمة من المفسرين لنص كلام الله تعالى في الآية الكريمة، (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا )وسنذكر بعضاً من أقوالهم:
يقول شيخ المفسرين الطبري رحمه الله:
   وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم .
وبنحو ذلك كان جماعة من الأمة الماضية يقولون تأولاً منهم هذه الآية إنه مراد بها النهي عن مشاهدة كل باطل عند خوض أهله فيه ) أ هـ
 وقال الإمام البغوي في تفسيره:
 وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة،"أ هـ  ( تفسير البغوي ج2 ص 103)

وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
وقال عامة المفسرين: هي محكمة. وروى جويبر عن الضحاك قال : دخل في هذه الآية كل محدث في الدين مبتدع إلى يوم القيامة . أ هـ
أحكام القرآن للقرطبي ج 5 ص 417 ـ 418 ط دار الشام .
ويقول الإمام ابن الفرس الغرناطي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :
استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب اجتناب أهل المعاصي وأهل الأهواء إذا ظهر ذلك منهم.أ هـ
              أحكام القرآن لابن الفرس الغرناطي سورة النساء الآية140 ص330

وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:( والذين لا يشهدون الزور )  أي لا يحضرون الزور أي القول والفعل المحرم فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير والصور ونحو ذلك..)                                             
                               تفسير السعدي ج1/ص58
  ويقول الإمام القرطبي رحمهالله في أحكام القرآن في قوله تعالى:
 ( والذين لا يشهدون الزور )
فيه مسألتان الأولى قوله تعالى: ( والذين لا يشهدون الزور ) أي لا يحضرون الكذب والباطلولا يشاهدونه والزور كل باطل زور وزخرف وأعظمه الشرك وتعظيم الأنداد وبه فسر الضحاك وبن زيد وبن عباس وفي رواية عن بن عباس أنه أعياد المشركين..أ هـ
                   تفسير القرطبي ج13/ص79

                         ****************
والله تعالى أعلم وأحكم وهو الهادي إلى سواء السبيل
وصلى اللّهم وسلّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين
 ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
كتبه : أبو عبد الله محمد محمد القلال .
في غرة محرم الحرام في سنة 1430 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم .
بنغازي ـ ليبيا



[1] ـ راجع مثلاً في معرفة أنواع الكفر كتب أئمة الدعوة النجدية، وهي معروفة ومشهورة.
2ـ  سورة البقرة الآية 248 .
3ـ فقه السيرة النبوية لابن قيم الجوزية ص 214 ط دار الفكر .
 9 ـ وكذلك فإن الأصل في إنكار القلب هو "الاعتزال وعدم المشايعة بالعمل "فإن من لم يعتزل أهل الكفر والباطل في مجالسهم فهو مثلهم ولو لم يقول بقولهم. والقاعدة أن الرضا بالكفر كفر.
[5] ـ راجع شرح الطحاوية ص 344 وما بعدها . وجاء في النحو الوافي ج3 ص659 لعباس حسن : يقول النحاة : إن "المغايرة "هي الأصل الغالب في عطف النسق بين المتعاطفين . يريدون : أن يكون المعطوف مغايراً المعطوف عليه في لفظه وفي معناه معاً ، فلا يعطف الشيء على نفسه . هذا هو الأصل الغالب ، لكن العرب قد تعطف ـ لغرض بلاغي ـ الشيء على نفسه إذا اختلف اللفظان ؛ كقولهم ... ( وألفى قولها كذباً وميناً ) فقد عطفوا المين على الكذب  ( ومعناهما واحد واللفظان مختلفان ) لغرض بلاغي وهو تقوية معنى المعطوف عليه وتأكيده . وهذا النوع من العطف ـ على قلته ـ قياسي . أ هـ
[6] ـ والمراد بترك الصلاة هنا بمعنى جحودها من الكفار أما مسألة ترك الصلاة تكاسلاً من المسلم فتلك لها حكم آخر .

كفريات الألباني

$
0
0

وقفـــــات مع عقيدته
---------------------
- قول الالباني بقول ومعتقد المرجئة في أن تارك جنس العمل، هو تارك لكمال الإيمان وليس لأصله.

أ) قال في كتابه (حكم تارك الصلاة) ص67 فما بعدها ما نصه: (فإن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال عند أهل السنة، خلافاً للخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد أهل الكبائر في النار؛ مع تصريح الخوارج بتكفيرهم.
فلو قال قائل بأنالصلاة شرط لصحة الإيمان، وأن تاركها مخلد في النار، فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا، وأخطر من ذلك أنه خالف حديث الشفاعة هذا كما تقدم بيانه) ا.هـ

ب) وقال قولاً أعظم من ذلك في كتابه (التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام) حيث قال بقول جهم في الإيمان فقد قال (16-17) ما نصه: (ومنها قوله –صلى الله عليه وسلم-: "من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره"؛ أي كانت هذه الكلمة الطيبة –بعد معرفة معناها- منجية له من الخلود في النار- وهذا ما أكرره لكي يرسخ في الأذهان- وقد لا يكون قد قام بمقتضاها من كمال العمل الصالح والانتهاء عن المعاصي) ا.هـ

ج) وقال في كتابه (التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام) (16-17) أيضاً: (فإذا قال المسلم: لا إله إلا الله، فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة هذه الكلمة بإيجاز ثم بالتفصيل، فإذا عرف وصدّق وآمن فهو الذي يصدقُ عليه تلك الأحاديث التي ذكرتُ بعضها آنفاً ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره) ا.هـ
فهذه هي الوقفة الأولى في موافقة الألباني المرجئة في أن تارك جنس العمل، هو تارك لكمال الإيمان وليس لأصله.

ثانياً: الوقفة الثانية:
-------------------
في موافقته لهم في أن ترك الفرائض بمنزلة ركوب المحارم:

أ) السلف يرون أن ترك الفرائض كفر، وأن ركوب المحارم من غير استحلال لها فسق، فأفعال المحرمات ليست من جنس ترك الفرائض، وهذا كما ورد عن إسحاق بن راهويه وغيره من السلف، حيث قال إسحاق –رحمه الله-: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم، إن قوماً يقولون من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها إنا لا نكفره، يرجؤ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم (يعني في أنهم مرجئة)،

فهذا هو مذهب المرجئة، أن ترك الفرائض بمنزلة ركوب المحارم عندهم، فانظر كيف وافقهم الألباني في هذا الأصل الرديء، فقد قال في كتابه (حكم تارك الصلاة)/ ص54/ بعد ذكره لحديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- الذي فيه ذكر الشفاعة، فقال الألباني ما نصه: (ثم يتفضل الله –تبارك وتعالى- على من بقي في النار من المؤمنين، فيخرجهم من النار بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه) ا.هـ

ب) وقال في (الصحيحة) برقم [87] (1/175)، بعد ذكره لحديث حذيفة بن اليمان في حديثه المرفوع: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى ما يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك.. ) الحديث، قال بعده موضحاً لمعانيه: (وفي الحديث فائدة فقهية هامة، وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة، ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى؛ كالصلاة وغيرها) ا.هـ

ج) وقال في (التعليق على الطحاوية) ص60 ما نصه: (أن الذنب أي ذنب كان هو كفر عملي لا اعتقادي) ا.هـ قلت: نقل هذا عن شارح الطحاوية وأقرّه.

د) وقال في (حكم تارك الصلاة) /ص90/ ما نصه: (فإن تكفير المسلم الموحّد بعمل يصدر منه غير جائز، حتى يتبين منه أنه جاحد، ولو لبعض ما شرع الله) ا.هـ

هـ) قال في شريط "فتنة التكفير"عندما سئل عن قول الطحاوي: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)، فقال ما نصه: (نعم لا نكفر أحداً من أهل القبلة بأي ذنب صدر منه، بالشرط الذي كنا ذكرناه بشيء من التفصيل بجلسة سابقة، ألا وهو ألاّ يستحل بقلبه ذلك الذنب، أما إذا واقع ذنباَ من الذنوب، حتى ولو كانت من الذنوب الكبائر، حتى ولو كان ذلك الذنب هو ترك الصلاة، إذا كان ما ارتكبه بهذا الذنب أو ذلك يعترف بقرارة قلبه أنه مذنب مع ربه عز وجل، فلا يكفر بهذا الذنب مهما كان هذا شأنه. ثم قال: فمهما المسلم ارتكب كبيرة من الكبائر وهو غير مستحلها في قلبه، فهنا يأتي قوله عليه الصلاة والسلام (من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره) ا.هـ

قلت: فهذا يبين بوضوح تام أن الرجل لا يفرق بين تارك الفرائض وركوب المحارم، ويدخل ذلك كله تحت مذهب أهل السنة في عدم تكفيرهم لمرتكب الكبائر.

ثالثاً: الوقفة الثالثة:
-------------------

في موافقته للمرجئة في حصرهم الكفر بالاستحلال المتضمن للتكذيب!
فالناظر في كلام ومصنفات الألباني، يجد أن الرجل يجعل جل تركيزه في الكفر على القلب، وأنه لا يكفر أحد بعمل حتى يستحله، فمدار الكفر عنده استحلال القلب، وهذا بخلاف مذهب أهل السنة في إجماعهم على أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد أو الشك، فالاستحلال عندهم هو نوع من أنواع الكفر، لا ينحصر الكفر فيه فقط، كما بينا ذلك في الأجوبة السابقة عند كلامنا عن مذهب المرجئة في الإيمان، فدونك كلام هذا الرجل في حصره للكفر بالاستحلال:

أ) قال في كتابه (حكم تارك الصلاة) ص90: (فإن تكفير المسلم الموحد بعمل يصدر منه غير جائز، حتى يتبين منه أنه جاخد، ولو لبعض ما شرع الله) ا.هـ

ب) قال في الصحيحة [2552] (ج6/112) ما نصه: (أن الكفر قسمان: اعتقادي وعملي. فالاعتقادي مقره القلب. والعملي محله الجوارح. فمن كان عمله كفراً لمخالفته للشرع، وكان مطابقاً لما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبداً.. وأما إذا كان مخالفاً لما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفراً اعتقادياً، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له) ا.هـ

أقول: وهذا التقسيم للكفر المذكور أعلاه، يدل على أن الرجل يحصر الكفر المخرج من الملة بكفر الاعتقاد، وأن ما دون ذلك من الأعمال والأقوال هي كفر عملي عنده، لا تخرج إلى الكفر الأكبر حتى يقترن بها الاعتقاد، وهذا عين قول المرجئة الذين حصروا الكفر بالتكذيب والاستحلال، ومن أعظم الأدلة التي تبين تناقض المرجئة في ذلك، أنهم إذا أورد عليهم مسألة الاستهزاء بالدين، أو سب الله أو رسوله، أو إلقاء القرآن في الحش، أو غير ذلك مما اتفقت الأمة الإسلامية على كفر الواقع في هذه الأعمال الشنيعة، قالوا هذا دليل على أنه مكذب في الباطن أو مستحل لمثل هذه الأمور، فهم يجعلون مثل هذه الأعمال مستلزمة لكفر الباطن بمعنى الاستحلال أو التكذيب، وهذا خلاف ما نطق به القرآن، مثل قوله: (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ... )، فأثبت الله لهم الإيمان، وفي هذا رد على المرجئة وأمثالهم ممن ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين في الباطن، فهؤلاء المستهزئون بآيات الله قد أثبت لهم القرآن الكفر بنفس الاستهزاء، ولم يجعله دليلاً على الكفر، كما تقوله المرجئة، وهذا من أعظم الفارق بينهم وبين أهل السنة، الذين يجعلون هذه الأعمال والأقوال من الاستهزاء والشتم أو رمي القرآن في الحش كفراً بذاتها، وهذا من أعظم ما يميزهم عن المرجئة في أن الإيمان قول وعمل.

فإذا أورد هذا السؤال على الألباني وهو: هل الاستهزاء الذي جاء بقوله تعالى: (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)؟

نقول: إذا قيل له ذلك هل هذا الكفر اعتقادي أو عملي، فجوابه عن ذلك هو الذي سيكشف لنا عن مذهب الرجل أكان مرجئاً أو هو على مذهب السلف في مسائل الإيمان والكفر، ويشاء الله تعالى أن يأتي إنسان ليسأل الشيخ هذا السؤال بعينه، فيكون جواب الشيخ كالتالي: قال: (لا شك أن هذا كفر اعتقادي... لأن الاستهزاء بآيات الله عز وجل، لا يمكن أن يصدر من مؤمن مهما كان ضعيف الإيمان، وهذا النوع من الكفر هو الذي يدخل في كلامنا السابق حينما كنا نقول: لا يجوز تكفير مسلم إلا إذا ظهر من لسانه شيء يدلنا عما وقر في قلبه، فهنا استهزاؤه بآيات الله عز وجل، هذا أكبر إقرار منه على أنه لا يؤمن بما استهزأ به، فهو إذاً كافر كفراً اعتقادياً) أهـ كما في شريط: "فتنة التكفير"برقم (671/1).

قلت: فهذا يبين بوضوح تام، أن الرجل كان مرجئاً جلداً، حينما وضع هذا الكفر تحت بند الاعتقاد الذي يوافق به مذهب المرجئة،
وذلك من وجهين:

الأول: أنه جعل هذا الفعل دليلاً على الكفر ولم يجعله كفراً بذاته.

الثاني: أنه جعل هذا العمل من الكفر مستلزماً لتكذيب الباطن، حينما قال: (هذا أكبر إقرار منه على أنه لا يؤمن بما استهزء به)، وبهذا يكون الشيخ الألباني لم يترك لأحد الاعتذار عنه في هذا الباب البتة، ولا يذب عنه بعد هذا، إلا متعصب غير منصف.

ج- ومما يبين –أيضاً- حصره الكفر بالاستحلال أو الجحود، ما كان علّقه على قول الطحاوي في "عقيدته": (ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه)، حيث أن كثيراً من أهل السنة عاب على الإمام الطحاوي عبارته هذه، حين حصر الكفر بالجحد، لأن هذا ليس بجارٍ على أصول أهل السنة، الذين جعلوا الجحد نوعاً من أنواع الكفر وليس الكفر كله، وأما الألباني فقد أقره على ذلك كما في تعليقه على الطحاوية، وأعظم من ذلك أنه كان وافق صاحبه "علي بن عبد الحميد الحلبي"في كتابه (التحذير) حين قال فيه ص27: (الحكم على المتروكات وفق قاعدة الترك الاعتقادي، المبني على الجحود والإنكار، أو التكذيب أو الاستحلال، لا على الترك المجرد، وإلا كان هذا قول الخوارج بعينه)، هذا الكلام قاله (علي الحلبي) في كتابه المذكور أعلاه: (التحذير من فتنة التكفير) فجعل ترك الفرائض بمنزلة ركوب المحارم، ووافقه الألباني على ذلك، حيث لم يعلق عليه بشيء، وهذا يدل على أن التلميذ كشيخه في الإرجاء، وقد تكلم الإمام أحمد إمام أهل السنة –رحمه الله-، كلاماً عظيماً فيمن يذهب هذا المذهب الباطل، فقال حنبل سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: (من قال هذا كفر بالله وردّ على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به عن الله)، كما في كتاب الإيمان لابن تيمية/ ص197/، والسلف قد أجمعوا على بطلان هذا المذهب أيضا، كما هو مبسوط في مصنفاتهم، ومصنفات عقائد أهل السنة الذين نقلوا أقوالهم، ومن ذلك ما حكاه إسحاق بن راهويه –رحمه الله- وهو من أصحاب الإمام أحمد، حتى أنه سئل عنه الإمام أحمد فقال: (أنا أُسأل عن إسحاق، إسحاق يسأل عني)، فقد قال هذا الإمام السلفي: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم أن من ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج وعامة الفرائض، أنا لا نكفره، يرجؤ أمره إلى الله، فهؤلاء الذين لا يشك فيهم يعني أنهم مرجئة) أو كما قال –رحمه الله-. راجع "الفتح"لابن رجب (1/25). وهذا الذي فهمه وارث علم السلف –أيضاً- وهو العلامة ابن تيمية في مسألة ترك الفرائض من غير جحود، حيث قرر تكفيره، كما في كتابه الإيمان (7/611)، قال: (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه، بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح) ا.هـ

قال الطحاوي في موطن آخر من عقيدته: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)، فعلق الالباني على قوله هذا، مقراً له على ذلك، كما في تعليقه على الطحاوية ص60 حيث قال: (يعني استحلالاً قلبياً اعتقادياً.. ولذلك فلا بد من التفريق بين المستحل اعتقاداً فهو كافر إجماعاً، وبين المستحل عملاً لا اعتقاداً فهو مذنب يستحق العذاب اللائق به إلا أن يغفر الله له..) ا.هـ

قال مقيده: فهذا النص الذي قاله الطحاوي: قد برىء منه كثير من أهل السنة –أيضاً-، وذلك أنه حصر الكفر بالاستحلال، ولم يفرق بين ترك الفرائض وركوب المحارم، هذا من وجه، ومن وجه آخر فقد يكفر الإنسان عند أهل السنة ببعض الأقوال والأفعال كمن يشتم الله ورسوله، أو يلقى المصحف في الحش، فإن هذه الأعمال والأقوال كفر أكبر تخرج من الملة بإجماع السلف، ولا يلزم فيها الاستحلال.

فا الألباني لم يعلق على هذا النص للطحاوي تعليق أهل السنة، بل أقره وأكده بأن الكفر لا بد أن ينحصر بالقلب، وهذا دليل على أن الرجل كان على مذهب غلاة المرجئة.

الوقفة الرابعة:
=======
في موافقته المرجئة بإطلاقه العمل على حركة اللسان:
أهل السنة يقولون أن الإيمان قول وعمل، ويعنون بالقول اللسان، وبالعمل الجوارح، وهذا الظاهر لازم للباطن من قول القلب وعمله، والعكس صحيح، فهما متلازمان، لا ينفك الظاهر عن الباطن، هذا فيما يظهر لنا، وإلا فإن المرء قد يكون يبطن الكفر في الباطن مع قوله وعمله في الظاهر.
والشاهد من ذلك: أن السلف خصوا القول بحركة اللسان، والعمل بحركة الجوارح، ولذلك كانوا يقولون عن الإيمان: قول وعمل، ولم يكونوا يجعلون حركة اللسان من ضمن عمل الجوارح، فهذا قول غريب عن مذهب أهل السنة، وقد أنكره بعض السلف، وذلك كالإمام أحمد فيما أخرجه الخلال عنه في "السنة" (ص570-571) حيث قال: (أخبرنا محمد بن علي ثنا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله وقيل له "شبابة"أي شيء تقول فيه؟ فقال: شبابة كان يدعو إلى الإرجاء. قال: وقد حكى شبابة قولاً أخبث من بهذه الأقاويل ما سمعت أحداً عن مثله، قال: قال شبابة إذا قال فقد عمل، قال الإيمان قول وعمل كما يقولون فإذا قال فقد عمل بجارحته أي بلسانه، فقد عمل بلسانه حين تكلم. ثم قال أبو عبد الله: هذا قول خبيث ما سمعت أحداً يقول به ولا بلغني) ا.هـ

ولذلك نقل بعض الأئمة المحققين أن هذا كان قولاً لبعض المرجئة، وأن السلف أنكروه عليهم، وممن نقل هذا العلامة ابن رجب في كتابه (فتح الباري)، حيث قال: (وقد كان طائفة من المرجئة يقولون: الإيمان قول وعمل موافقة لأهل الحديث، ثم يفسرون العمل بالقول، ويقولون هو عمل اللسان وقد ذكر الإمام أحمد هذا القول عن شبابة بن سوّار، وأنكره عليه، وقال: هو أخبث قول، ما سمعت أحداً قال به ولا بلغني. يعني: أنه بدعة لم يقله أحد ممن سلف)ا.هـ
قلت: وهذا يدل على أن من يجعل حركة اللسان من العمل فهو مرجئ جلد، ولقد أدخل الألباني القول ضمن عمل الجوارح، فقال في شريطه: (فتنة التكفير) وأنا أنقله بلفظه، قال ما نصه:
(فالكفر القلبي يساوي الكفر الاعتقادي، والكفر اللفظي يساوي الكفر العملي... فإذاً نحن يجب أن نضع أمام أعيننا دائماً وأبداً هذه القسمة الصحيحة:
1- كفر اعتقادي أو قلبي. 2- كفر عملي أو لفظي لأن اللفظ من العمل) ا.هـ

فهذا يوضح ويبين أن الرجل يجعل حركة اللسان داخلة في حركة الجوارح، فقوله: (كفر عملي أو لفظي) يدل بمدلوله على أن الإيمان قول وعمل، وأنه إذا انتفت أعمال الجوارح، يبقى الرجل مؤمناً عنده، ما دام أنه يتلفظ، ويدل على ذلك قوله: (لأن اللفظ من العمل) وهذا عين ما يقول به المرجئة، بل هو الذي أنكره الإمام أحمد على شبابة بن سوّار.
ومن أمعن النظر في هذه الوقفات الأربع، التي فتحناها على سجل عقيدة الألباني، بان له بما لا يدع مجالاً للشك أو الاعتذار، بأنه كان على مذهب المرجئة في مسائل الإيمان، وأن الإيمان عنده هو شيء واحد ألا وهو التصديق ودليله اللسان، وهذا الذي أعظم السلف الكلام فيه، والتحذير منه، وأن الكفر عنده هو شيء واحد ألا وهو التكذيب والجحد، وأن الذي كان عليه ليس هو مذهب السلف، ولذلك لما انتقده بعض أهل العلم المعاصرين له، وأبانوا أن عقيدته على مذهب الإرجاء، كانوا مصيبين بذلك.

وعليه؛ فلا يلتفت إلى قول الألباني في كتابه (الذب الأحمد) ص33 حين قال في الحاشية: (هذا ما كنت كتبته منذ أكثر من عشرين عاماً، مقرراً مذهب السلف وعقيدة أهل السنة ولله الحمد في مسائل الإيمان، ثم يأتي اليوم بعض الجهلة الأغمار والناشئة الصغار فيرموننا بالإرجاء!!، فإلى الله المشتكى من سوء ما هم عليه من جهالة وضلالة وغثاء)ا.هـ
أقول: وهذا يدل على أن بعض أهل العلم، قد نبه على ما كان عليه الألباني من عقيدة الإرجاء وهو على قيد الحياة، ولكنه لم ينتبه إلى ما كانوا يحكونه عنه، وفي هذا رد صارخ على بعض أصحابه المتعصبين له، الذين زعموا أنه لم يجرؤ أحد الرد عليه في حياته، وإنما تطاول عليه الناس بعد مماته!، وهذا قول باطل يرده قلم الألباني نفسه في المثبت أعلاه،

وايضا
فتياه في أن جهاد الدفع لا يحل إلا بإمام، وفتياه بوجوب هجرة أهل فلسطين منها، وما كان عليه من فهم خاطئ في مسألة إعداد العدة لإقامة دولة الإسلام، وذلك فيما كان يسميه بـ"التصفية والتربية"، حيث أن هذا المنهج قاصر في بناء المجتمع الإسلامي لقيام دولة الإسلام.
هذا علاوة عن بعض فتاويه في مسائل فقهية خرج بها عن إجماع الأمة، وقد كان يلتمس بعض الأقاويل الشاذة من هنا وهناك لبعض السلف، حتى يدعي أنه لم يخرق إجماع الأمة، وأن المسألة لا إجماع فيها –أصلاً-، وذلك كقوله في "الذهب المحلق"وأنه حرام على النساء، وفتواه في مسألة "بيعتين في بيعة"وهو ما يسمى ببيع التقسيط، وفتواه في مسألة "الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة"إلى غير ذلك من فتاويه الشاذة، التي تنبىء عن أن الرجل كان عنده أخطاءاً ليست بالمهينة، هذا، وكيف إذا أضيف إلى ذلك منهجه في علم الحديث، الذي انتقده عليه بعض معاصريه ممن هم من تلامذته في هذا الشأن...


يقول الألباني:
--------------
"يستحيل أن يكون الكفر العملي خروجاً عن الملة إلا إذا كان الكفر قد انعقد في قلب الكافر عملا"
ويقول الألباني ؛؛؛
"لا بد من معرفة أن الكفر –كالفسق والظلم- ينقسم إلى قسمين:
- كفر وفسق وظلم يخرج من الملة، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.
- وآخر لا يخرج من الملة، يعود إلا الاستحلال العملي
ويقول الألباني:
"لكننا نفرق بين الكفر المقصود قلباً وبين الكفر الذي لم يقصد قلباً، وإنما قالبا وفعلا"
ويقول مخاطباً سامي:
"أنت –بارك الله فيك- هل انتبهت سابقا أو لاحقا في هذه الجلسة أن الكفر [الأكبر] عمل قلبي وليس عملاً بدنياً"
ويقول أيضا:
"المسلم إذا صدر منه كفر عملي وأيضا مقترن معه كفر اعتقادي ككفر الكافر هو كفر لا إشكال فيه، أما إذا لم يخرج منه ما يدل على أنه قد اقترن بالكفر العملي كفر اعتقادي، حينئذ لا يكون كفرا اعتقاديا، لأن الكفر الاعتقادي يختلف عن الكفر العملي من حيث أنه كفر قلبي، أما الكفر العملي ليس كفرا قلبيا وإنما هو كفر عملي"
ويقول:
"التفريق بين كفر وكفر هو أن ننظر في القلب، فإن كان القلب مؤمنا والعمل كافرا / فهنا يتغلب الحكم المستقر في القلب على الحكم المستقر في العمل؛؛
وقال أيضا:
"إن الذنب أي ذنب كان هو كفر عملي لا اعتقادي"، وقوله "الكفر العملي"يدل على أنه يقصد بالذنب الذنوب التي وصفها الشارع بالكفر، وهذا يتمشى مع اشتراطه الاستحلال القلبي للتكفير حتى بالأعمال المكفرة بذاتها.
وقد جادل الألباني (تلميذه العنبري) ليثبت له أن الكفر يؤول في حقيقة الأمر إلى انتفاء التصديق القلبي (أي التكذيب)، محتجا بأن الإيمان في النصوص الشرعية يأتي بمعنى التصديق!!
والغريب في الأمر أن (التلميذ) أذعن لما يقوله الشيخ وتنازل عما كان يقوله في تلك المسألة وهو الصواب الذي لا مرية فيه، لا لشيء إلا للرغبة في عدم مخالفة الشيخ، على ما يبدو!! والله أعلم.
يقول الألباني:
"إن تكفير الموحّد بعمل يصدر منه غير جائز، حتى يتبين منه أنه جاحد [أي مكذب]، ولو لبعض ما شرع الله"
ويقول تلميذه (شقرة): "إن المرء إذا نطق بالشهادة، وصدق بها قلبه، واعتقدها جازما، وآمن بحقها كله، فهو مؤمن، وإن اجترح المعاصي كلها، ما ظهر منها وما بطن، ما لم يصاحبها جحود أو نكران لما هو معلوم من الدين بالضرورة"
واشتراطه الجحود الذي هو تكذيب باللسان، والإنكار الذي هو تكذيب أيضا، دليل على اعتقادهم بأن الكفر الأكبر مرادف للتكذيب، ولهذا ترى (الحلبي) في تقديمه لكتاب (التحذير) يتكلف العناء الشديد وينتقي من الأقوال ما يظن أنه على وفق ما يهوى ليثبت أن الكفر الأكبر تعود أنواعه كلها إلى الجحود والتكذيب. فلا يخرج من الملة عنده إلا من كذّب بأمر شرعي (أي جحد به) أو كذّب بنهي شرعي (أي استحل ما نهى عنه الشارع)، على أن يكون هذا التكذيب بالقلب!!
وقد يرد اعتراض مفاده أن (أدعياء السلفية) قد رجعوا عن اشتراط الاستحلال للتكفير بالأعمال المكفرة بذاتها إلى القول بقول (مرجئة الفقهاء) وهو أن تلك الأعمال يكفر صاحبها لا لأنها كفر أكبر بذاتها ولكن لأنها تدل وتنبىء عن الكفر الاعتقادي أي التكذيب والاستحلال القلبي.

فنقول أما كونهم يقولون أحيانا بقول (مرجئة الفقهاء) فصحيح؛ ولكن هيهات هيهات أن يدعوا القول باشتراط (الاعتقاد) للتكفير بالعمل المكفر؛ ذلك أنهم لما أدركوا خروجهم عن الإجماع في اشتراطهم الاستحلال والجحود لتكفير من أتى بالكفر العملي الأكبر و "خشوا مبادرة جميع أهل الإسلام لهم، فقالوا: لكنه دليل على أن في قلبه كفراً"فلجأوا إلى ما لجأ إليه (مرجئة الفقهاء) من القول بأن الأعمال المكفرة بذاتها إنما هي كفر لدلالتها على الكفر القلبي، لا لأنها كفر بنفسها كما يقول أهل السنة، ولكن (أدعياء السلفية) مع ذلك يشترطون من جديد (قصد الكفر بالقلب) للتكفير بتلك الأعمال، فيعودون بذلك إلى قولهم الأول وهو أن الكفر الأكبر لا يمكن أن يتعلق بالعمل وحده ما لم يصاحبه الاعتقاد المكفر.

يقول الألباني متحدثاً عن (العمل المكفر بذاته):
"هذا العمل يكون دالا على ما في القلب من الكفر، لماذا هذا العمل كان كفراً؟ لأنه دل على ما في القلب من الكفر"

ويقول الألباني:
"ومن الأعمال أعمال قد يكفر بها صاحبها كفرا اعتقادا، لأنها تدل على كفره دلالة قطعية يقينية، بحيث يقوم فعله هذا مقام إعرابه بلسانه عن كفره، كمثل من يدوس المصحف مع علمه به وقصده له"
لكن هذه "الدلالة"التي يقول بها الشيخ وفاقاً لمرجئة الفقهاء، قد تتخلف – في نظر الشيخ وسائر (أدعياء السلفية)- إذا لم يصاحبها الكفر القلبي الاعتقادي.
ومعنى ذلك –مثلا- أن شخصاً ما لو كان عالما بكون هذا الكتاب مُصحفاً ثم داسه برجله، فقد يكفر إذا صرّح بأنه يقصد الكفر بقلبه (أي قصد بقلبه إهانة المصحف) ولا يكفر إذا صرّح بأنه لم يقصد الكفر بقلبه ولم يقصد استحلال ذلك العمل، (أدعياء السلفية) و(الجهمية) يضيفون شرطاً آخر وهو (قصد الكفر بالقلب)، فإذا انتفى هذا الشرط ولو مع وجود التعمد فلا يكون الشخص كافرا عندهم في (الحقيقة)

فتنبه لهذا الأمر تكن على بينة من الخلاف بين أهل السنة و(أدعياء السلفية)، وهاك الدليل من أقوالهم وصريح اعتقادهم لتعلم صدق ما نقول، والله المستعان.

سأل أحدهم الألباني فقال: "هل يكون الكفر بالقلب فقط، أم أنه يكون بالقلب واللسان والعمل؟ وبعبارة أخرى هل يكون الكفر بالاعتقاد فقط، أم يكون بالاعتقاد والقول والعمل؟".

فأجاب الألباني: "الذي أفهمه في هذه المسألة، أن الأصل هو الكفر القلبي، لكن هناك أقوال وأعمال قد تصدر من الإنسان تنبىء عما وقع في قلبه من الكفر، لكننا لا نرى ضرورة الجمع بين أن يكفر بقلبه وبشيء من عمله، فقد يجتمعان وقد يفترقان، بمعنى المنافق لا يصدق فيه أن كفره بقلبه وعمله، فإنه مسلم بعمله، لذلك جاء في صريح القرآن في هذا الصدد بالنسبة للأعراب.
فما يبدو لي أن هناك ضرورة التوفيق بل والتساهل، هل يكون الكفر بالقلب والعمل، قد يكون، لكن لا يشترط أن يقترن العمل مع الكفر القلبي، لأن الأصل هو الكفر القلبي"

فصرّح الألباني بوضوح لا مزيد عليه أنه يعتقد:

أ- أن الأعمال التي سماها الشرع كفرا مخرجا من الملة، إنما هي كذلك لأنها تدل وتنبىء عما في القلب من الكفر، لا لأنها كفر بذاتها.
ب- وأن هذه الأعمال إذا لم يقترن معها الكفر القلبي أي (قصد الكفر)، فلا تكون كفرا مخرجا من الملة، فقد يجتمع الكفر القلبي مع هذه الأعمال وقد لا يجتمع!! فإذا اجتمع معها كانت كفرا أكبر، وإذا لم يجتمع معها لم تكن كذلك؛ فقد يكون الإنسان عند الشيخ الألباني كافراً في الظاهر (بركوبه العمل المكفر) مؤمناً في الباطن أي في الحقيقة (لعدم قصده الكفر بالقلب)، وهذا نفس اعتقاد (الجهم بن صفوان) و(الصالحي)

وقال الألباني: "إذا سب الرسول عليه السلام كما كان في بعض الأسئلة، هذا يُستتاب فإن تاب وإلا قتل، أما وهو فوراً استغفر الله وأناب، فهذا دليل أن ذلك لم يخرج عن قصد منه للكفر"
والشاهد عندنا هو قوله: "فهذا دليل أن ذلك لم يخرج عن قصد منه للكفر"، أي من سب رسول الله صل الله عليه وسلم لا يكفر إلا إذا قصد الكفر والاستخفاف بقلبه. أما إذا لم يقصد الساب الكفر بقلبه فلا شيء عليه!!
وهذا لعمر الله هو الإرجاء الذي ما بعده إرجاء! وهذا هو القول الذي ما استطاع الجهم حكايته! لأنه يجري أحكام الكفر في الدنيا على من كفر في الظاهر دون الباطن حسب زعمه! أما (أدعياء السلفية) فلا تثريب عندهم على من لم يقصد الكفر بقلبه لا في الدنيا ولا في الآخرة!

وقد تبين سابقا أن القصد عندهم ليس هو قصد الفعل أي (تعمده)، وإنما هو قصد الكفر (أي الاستحلال القلبي)، كما في قول الألباني: "لكننا نفرق بين الكفر المقصود قلبا وبين الكفر الذي لم يقصد قلبا وإنما قالبا وفعلاً،
والألباني يعذر من سب الله عز وجل إذا كان هذا الساب سيىء التربية!! وسيىء التربية قاصد للفعل غير قاصد للكفر!!

ويقول ا(الحلبي): "فالأمر كله في دائرة الكفر مبني على نقض الإيمان وعدم الاعتقاد"
ويقول (الحلبي) عن (تبديل شرع الله) وهو عمل مكفر بذاته:
"الاستبدال دليل على الكفر وعلامة عليه، إذا لم يكن مجرداً وحده فصاحبه اعتقاد تحليل الحرام أو تحريم الحلال"
ثم قال (الحلبي) متبرئاً حتى من قول (مرجئة الفقهاء) وعاضّاً بالنواجذ على قول :غلاة (غلاة المرجئة))
"ومن زعم بعد هذا كله أن الأعمال الظاهرة كلها، أو بعضها، تقوم مقام الاعتقاد قطعا، وتدل على الباطن من كره أو جحود جزما، وأن فاعل ذلك مستبدل وكافر فقد حمل ثقلا وساء فعلا"
قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون............

يقول الألباني: "إن تكفير الموحد بعمل يصدر منه غير جائز، حتى يتبين منه أنه جاحد، ولو لبعض ما شرع الله"

وبهذا يتضح أن لجوء (أدعياء السلفية) إلى قول (مرجئة الفقهاء) لا يدوم طويلا، إذ سرعان ما يعودون إلى قولهم الأصلي، ألا وهو قول الجهمية، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فمرجئة الفقهاء يكفِّرون بالعمل المكفر بذاته لأنه عندهم علامة ودليل على الكفر القلبي أي دليل على انتفاء الإيمان القلبي، وهذا ما يقوله أيضا الألباني وتلامذته، ولكن هؤلاء يزيدون على (مرجئة الفقهاء) باشتراط (قصد الكفر والاستحلال القلبي)؛ فلو نفى الفاعل أن يكون قاصدا الكفر والاستحلال بفعله المكفّر، لكان عند (أدعياء السلفية) مؤمنا لأنه لم يعتقد الكفر بقلبه، أما عند (مرجئة الفقهاء) فهو كافر لأن فعله يدل على انتفاء الإيمان من قلبه وإن أنكر ذلك بلسانه.

وسار وتابع علي هذا الغلو في الارجاء كثير من المدارس ولااقول الدعاة فقط فمثلا ( مدرسة الاسكندريه ) التابعه للمدعوا ...ياسر برهامي ... والتي تعج اصداراتها واقوالها فضلا عن اعمالها ..بهذا الدين الجديد والدعوة اليه .. ورمي المخالف لهم بالغلو والتشدد والتطرف
ولاحول ولاقوة الا بالله
والكثير والكثير الان ممن تابعوهم وسايروهم ولنا معهم بإذن الله وقفات
------------------------------------------------------------------------
مرجع القول للالباني بكلامه من شريط ( الكفر كفران ) تسجيلات بيت المقدس ... عمان
والحلبي ... كتابه التحذير من فتنة التكفير ( حتي انه سمي الحكم الشرعي ) فتنه

كفـريات ابن بـاز (1)

$
0
0
1-ابن باز.. والحاكم بغير ما أنزل الله
2-ابن باز.. والصلح مع اليهود
3- ابن باز.. والاستعانة بالامريكان
4-ابن باز.. والشيوعية
5-ابن باز.. وجهاد الصليبين وتكفيره للمجاهدين
6-ابن باز.. وتعبيد الناس لآل سعود
7-ابن باز.. والخروج على طواغيت الحكم

ابن باز.. والحاكم بغير ما أنزل الله
----------------------------------

1) يقول ابن باز للدعاة الذين جاءوا ليباحثوه في حكم الحاكم بغير ما أنزل الله: (الأصل عدم الكفر حتى يستحل، يكون عاصياً وأتى كبيرة ويستحق العقاب، كفر دون كفر، حتى يستحل) اهـ شريط "الدمعة البازية".

2) نقل له احد الذين ناقشوه الاجماع الذي حكاه ابن كثير رحمه الله على كفر الحاكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر ، فقال ابن باز: (ولو، ولو، ابن كثير ما هو معصوم، يحتاج تأمل، قد يغلط هو وغيره) اهـ من شريط "الدمعة البازية".

3-وفي موقف آخر يقول ابن باز: (اطلعت على الجواب المفيد القيم، الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وفقه الله، المنشور في صحيفة "المسلمون"الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله ، فألفيتها كلمة قيمة، قد أصاب فيها الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح - وفقه الله - أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه) اهـ جريدة "المسلمون"، عدد (557)، (12/5/1416) هـ، مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء التاسع.

ابن باز.. والصلح مع اليهود
----------------------------
افتى ابن باز - قبل ان تصل أوامر امريكا لال سلول بقبول الصلح مع اليهود علانية - بان حل "القضية الفلسطينية"هو الجهاد ولا حل لها سوى الجهاد، فقال: (فإنني أرى أنه لا يمكن الوصول إلى حل لتلك القضية، إلا باعتبار القضية إسلامية، وبالتكاتف بين المسلمين لإنقاذها، وجهاد اليهود جهادا إسلاميا، حتى تعود الأرض إلى أهلها، وحتى يعود شذاذ اليهود إلى بلادهم التي جاءوا منها) اهـ .
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الثامن: "أجوبة على أسئلة تتعلق بالحوار السابق حول الصلح مع اليهود"، ونشرت أيضاً في جريدة "المسلمون"، (عدد520)، (19/8/1415) هـ.

2) افتى بعد ان وصلت الأوامر من "البيت الابيض"لال سلول بقبول الصلح - علانية - بجواز الصلح مع اليهود:

أ) فقال: (ننصح الفلسطينيين جميعا بأن يتفقوا على الصلح، ويتعاونوا على البر والتقوى، حقنا للدماء، وجمعا للكلمة على الحق، وإرغاما للأعداء الذين يدعون إلى الفرقة والاختلاف) اهـ .

ب) وقال: (فهذه أجوبة على أسئلة تتعلق بما أفتينا به من جواز الصلح مع اليهود وغيرهم من الكفرة صلحا مؤقتا أو مطلقا على حسب ما يراه ولي الأمر ) اهـ

3) وليته وقف عند تجويز الصلح مع العدو اليهودي، بل صار من دعاة التطبيع وتبادل فتح السفارات! حيث سئل: (هل يجوز بناء على الهدنة مع العدو اليهودي تمكينه بما يسمى بمعاهدات التطبيع من الاستفادة من الدول الإسلامية اقتصاديا وغير ذلك من المجالات، بما يعود عليه بالمنافع العظيمة، ويزيد من قوته وتفوقه، وتمكينه في البلاد الإسلامية المغتصبة، وأن على المسلمين أن يفتحوا أسواقهم لبيع بضائعه، وأنه يجب عليهم تأسيس مؤسسات اقتصادية، كالبنوك والشركات يشترك اليهود فيها مع المسلمين، وأنه يجب أن يشتركوا كذلك في مصادر المياه كالنيل والفرات، وإن لم يكن جاريا في أرض فلسطين؟)، فاجاب: (لا يلزم من الصلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اليهود ما ذكره السائل بالنسبة إلى بقية الدول، بل كل دولة تنظر في مصلحتها، فإذا رأت أن من المصلحة للمسلمين في بلادها الصلح مع اليهود في تبادل السفراء والبيع والشراء، وغير ذلك من المعاملات التي يجيزها شرع الله المطهر، فلا بأس في ذلك) اهـ

ابن باز.. والاستعانة بالامريكان
-------------------------------
افتى ابن باز - قبل حرب الخليج الثانية – بمنع الاستعانة بالكفار في "الجهاد"، مستدلا بآيات واحاديث كثيرة، جازما بالحرمة، فقال: (وليس للمسلمين أن يوالوا الكافرين أو يستعينوا بهم على أعدائهم، فإنهم من الأعداء ولا تؤمن غائلتهم وقد حرم الله موالاتهم، ونهى عن اتخاذهم بطانة، وحكم على من تولاهم بأنه منهم، وأخبر أن الجميع من الظالمين... وثبت في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة، أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه، قال لرسول الله: جئت لأتبعك وأصيب معك، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا!، قال: فارجع فلن استعين بمشرك، قالت: ثم مضى، حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، فقال: لا!، قال: فارجع فلن استعين بمشرك، قالت: ثم رجع فأدركه في البيراء فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟، قال: نعم! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانطلق"، فهذا الحديث الجليل، يرشدك إلى ترك الاستعانة بالمشركين، ويدل على أنه لا ينبغي للمسلمين أن يدخلوا في جيشهم غيرهم... لأن الكافر عدو لا يؤمن، وليعلم أعداء الله أن المسلمين ليسوا في حاجة إليهم، إذا اعتصموا بالله، وصدقوا في معاملته، لأن النصر بيده لا بيد غيره، وقد وعد به المؤمنين وإن قل عددهم وعدتهم كما سبق في الآيات وكما جرى لأهل الإسلام في صدر الإسلام... فانظر أيها المؤمن إلى كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام كيف يحاربان موالاة الكفار والاستعانة بهم واتخاذهم بطانة، والله سبحانه أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم، فلو كان في اتخاذهم الكفار أولياء... والاستعانة بهم مصلحة راجحة، لأذن الله فيه وأباحه لعباده، ولكن لما علم الله ما في ذلك من المفسدة الكبرى، والعواقب الوخيمة، نهى عنه وذم من يفعله... فكفى بهذه الآيات تحذيرا من طاعة الكفار، والاستعانة بهم، وتنفيرا منهم، وإيضاحا لما يترتب على ذلك من العواقب) اهـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الأول.

2) كما افتى المجاهدين الافغان بعدم جواز الاستعانة بالشيعة الروافض في حربهم ضد الاتحاد السوفيتي، جواباً على سؤال نصه: (هل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟)، فقال: (لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسدا واحدا) اهـ

3) لكنه عاد وقال بخلاف هذا لما طلب منه ال سلول ان يصدر فتوى بجواز الاستعانة بالأمريكان، فقال: (أن الدولة في هذه الحالة قد اضطرت إلى أن تستعين ببعض الدول الكافرة على هذا الظالم الغاشم، لأن خطره كبير، ولأن له أعوانا آخرين، لو انتصر لظهروا وعظم شرهم، فلهذا رأت الحكومة السعودية وبقية دول الخليج أنه لا بد من دول قوية تقابل هذا العدو... وهيئة كبار العلماء... لما تأملوا هذا ونظروا فيه، وعرفوا الحال بينوا أن هذا أمر سائغ، وأن الواجب استعمال ما يدفع الضرر، ولا يجوز التأخر في ذلك، بل يجب فورا استعمال ما يدفع الضرر... ولو بالاستعانة بطائفة من المشركين فيما يتعلق بصد العدوان وإزالة الظلم، وهم جاءوا لذلك وما جاءوا ليستحلوا البلاد ولا ليأخذوها، بل جاءوا لصد العدوان وإزالة الظلم ثم يرجعون إلى بلادهم... وما يتعمدون قتل الأبرياء، ولا قتل المدنين، وإنما يريدون قتل الظالمين المعتدين وإفساد مخططهم والقضاء على سبل إمدادهم وقوتهم في الحرب) اهـ

4) واتهم من يشكك في نوايا القوات الأمريكية بانه مستأجر من حاكم العراق!! فقال: (ولكن بعض المرجفين المغرضين يكذب على الناس، ويقول: إنهم حاصروا الحرمين، وأنهم فعلوا، وأنهم تركوا، كل هذا من ترويج الباطل والتشويش على الناس لحقد في قلوب بعض الناس، أو لجهل من بعضهم وعدم بصيرة، أو لأنه مستأجر من حاكم العراق ليشوش على الناس) اهـ ، وقال: (وأما ما أشاعته بعض الأقليات الإسلامية التي صدقت أقوال صدام وأكاذيبه، حول تدخل الإمبريالية في شؤون المسلمين ومقدساتهم وغيرها من الإشاعات الباطلة، فإن هذه خطأ كبير، والذي أشاعه هو حزب صدام) اهـ

محاضرة بعنوان "موقف المؤمن من الفتن"، ألقاها في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، (14/5/1411) هـ، ونشرت في الصحف السعودية، مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء السادس.

5) كما زعم ان الحكم الشرعي في استقدام الجيوش الامريكية معروف عند العلماء! وهو الجواز!، فقال: (أما ما يتعلق بالاستعانة بغير المسلمين فهذا حكمه معروف عند أهل العلم والأدلة فيه كثيرة، والصواب ما تضمنه قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية؛ أنه يجوز الاستعانة بغير المسلمين للضرورة إذا دعت إلى ذلك لرد العدو الغاشم والقضاء عليه وحماية البلاد من شر، إذا كانت القوة المسلمة لا تكفي لردعه جاز الاستعانة، بمن يظن فيهم أنهم يعينون ويساعدون على كف شره وردع عدوانه، سواء كان المستعان به يهوديا أو نصرانيا أو وثنيا أو غير ذلك، إذا رأت الدولة الإسلامية أن عنده نجدة ومساعدة لصد عدوان العدو المشترك)

ابن باز.. والشيوعية
--------------------

1- افتى ابن باز بكفر الشيوعيين وان جهادهم فرض عين - لما كان هوى الامريكان ومن خلفهم ال سلول في استمرار الجهاد الافغاني لاستزاف الاتحاد السوفيتي الشيوعي – فقال: (الجهاد الأفغاني جهاد شرعي لدولة كافرة، فالواجب دعمه ومساعدة القائمين به بجميع أنواع الدعم، وهو على إخواننا الأفغان فرض عين للدفاع عن دينهم وإخوانهم ووطنهم) اهـ .

2- بل افتى ان الاقامة بين الشيوعيين محرمة، وان المقيم بينهم مع قدرته على الهجرة آثم، فقال: (عليهم أن يبادروا بالهجرة من حين يقدرون عليها... أما إذا قدر أحد على الهجرة وتساهل فهو آثم، وهو على خطر عظيم... أن الهجرة واجبة مع القدرة من كل بلد يظهر فيها الكفر، ولا يستطيع المسلم إظهار دينه فيها) اهـ
لقاء مع مجلة "المجاهد"، عدد (10)، (صفر1410) هـ، مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الخامس.

3- ولكنه عاد وافتى بعكس هذا، وان على المحاربين للشيوعية ان يكفوا ويحقنوا دماء الشيوعيين - لما قامت حرب الانفصال في اليمن بين الشيوعيين وغيرهم وكان هوى ال سلول ضد علي عبد الله "طالح"ومع الشيوعيين – فقال: (من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى زعماء بلاد اليمن وقادتها وإلى جميع عقلائهم والمقاتلين من شطري اليمن... لا تشمتوا بأنفسكم أعداء الإسلام، ولا تدمروا بلادكم ومقدراتها بأيديكم، ولا تملئوا البيوت والقلوب بالأحقاد، احقنوا الدماء وأبقوا على بقية الأواصر والأرحام وأخوة الإسلام) اهـ :

4) وزعم ان قبلة المسلمين وقبلة الشيوعين واحدة! وكتابهم ونبيهم واحد! فقال عن القتال الدائر مع الشيوعيين في اليمن: (فإن هذا أمر منكر مستنكر لو كان من أعدائكم في الدين، فكيف إذا كان ذلك بين من قبلتهم واحدة وكتابهم واحد ونبيهم صلى الله عليه وسلم واحد؟!) اهـ

مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الثامن، نشرت في مجلة الصحوة، العدد (1447)، (21/1/1415) هـ، كما نشرت في جريدة "عكاظ"، العدد (10181)، (14/1/1415) هـ، وفي مجلة "الدعوة"، (21/1/1415) هـ.

ابن باز.. وجهاد الصليبين وتكفيره للمجاهدين
------------------------------------------------

قال ابن باز عن تفجير الرياض والمجاهدين الذين قاموا به (لا شك أن هذا الحادث أثيم ومنكر عظيم يترتب عليه فساد عظيم وشرور كثيرة وظلم كبير، ولا شك أن هذا الحادث إنما يقوم به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، لا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحا يعمل هذا العمل الإجرامي الخبيث الذي حصل به الضرر العظيم والفساد الكبير، إنما يفعل هذا الحادث وأشباهه نفوس خبيثة مملوءة من الحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله، نسأل الله العافية والسلامة، ونسأل الله أن يعين ولاة الأمور على كل ما فيه العثور على هؤلاء والانتقام منهم لأن جريمتهم عظيمة وفسادهم كبير... وإني أوصي وأحرض كل من يعلم خبرا عن هؤلاء أن يبلغ الجهات المختصة... فلا شك أن هذا من أعظم الجرائم ومن أعظم الفساد في الأرض، وأصحابه أحق بالجزاء بالقتل والتقطيع بما فعلوا من جريمة عظيمة) اهـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء التاسع.

ابن باز.. وتعبيد الناس لآل سعود
-----------------------------------

1- قال ابن باز مزكيا دولة الطاغوت ابن سعود: (وهذه الدولة السعودية؛ دولة مباركة نصر الله بها الحق ونصر بها الدين وجمع بها الكلمة وقضى بها على أسباب الفساد, وأمن بها البلاد, فحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله) اهـ
من كلمة له نشرت في جريدة "جريدة الشر الأوسط"، وجريدة "المسلمون".

2- وقال: (وهذه الدولة بحمد الله لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنما الذي يستبيحون الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان) اهـ
مجموع فتاوى ابن باز : 4/91-92.

3- ولا يكتفي ابن باز بتزكية مملكة ال سعود هذه التزكية التي هي "شهادة الزور"بل يطالب المسلمين بالدعاء لابن سعود رغما عن انوفهم، ومن لم يسأل الله ان يديم ظل ابن سعود فهو "جاهل عديم البصيرة"، فقال مجيبا على سؤال عن من يمتنع عن الدعاء لهؤلاء الطواغيت الذين يراهم ولاة لأمره؟: (هذا من جهله، وعدم بصيرته، لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات) اهـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الثامن.

سُئل ابن باز (هل الكلمة تؤثر في الأمن وتزعزعه مثل الأوراق التي تأتي بالفاكسات من خارج هذه البلاد، من بعض الحاقدين على هذه البلاد وولاتها وعلمائها؟)، فأجاب: (توزيع الأشرطة الخبيثة التي تدعو إلى الفرقة والاختلاف، وسب ولاة الأمور والعلماء، لا شك أنها من أعظم المنكرات، والواجب الحذر منها، سواء كانت جاءت من لندن من الحاقدين والجاهلين الذين باعوا دينهم وباعوا أمانتهم على الشيطان، الذين أرسلوا الكثير من الأوراق الضارة المضلة والمفرقة للجماعة، يجب الحذر منهم، ويجب إتلاف ما يأتي من هذه الأوراق؛ لأنها شر وتدعو إلى الشر) اهـ

حكم سب ولاة الأمور والعلماء، جواب سؤال وجه من مجلة "الدعوة" (19/12/1415) هـ، ونشر في جريدة "عكاظ"، العدد (10541)، (25/1/1416) هـ، مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الثامن.

ابن باز.. والخروج على طواغيت الحكم
-----------------------------------------

1- يرى ابن باز ان ذكر كفر وضلالات وردة الطواغيت لا يجوز: (ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر) اهـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء الثامن.

2- وتحذير الناس من الدخول في طائفتهم، ومحاولة تغيير الحاكم الكافر بالقوة مخالفة للشريعة، فقال مجيبا على سؤال نصه (يرى البعض أن حال الفساد وصل في الأمة لدرجة لا يمكن تغييره إلا بالقوة وتهييج الناس على الحكام، وإبراز معايبهم، لينفروا عنهم، وللأسف فإن هؤلاء لا يتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه، ماذا يقول سماحتكم؟): (هذا مذهب لا تقره الشريعة؛ لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف) اهـ /مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء السابع.

3- ويقول: (ان الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء... ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا) اهـ /مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء السابع.

4- وسئل عن كيفية معاملة الحاكم المرتد، فقال: (نطيعه في المعروف وليس في المعصية، حتى يأتي الله بالبديل) اهـ لقاء مجلة "المجتمع"، (18/5/1412) هـ، العدد (977)، مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء السابع.

5- ولكنه افتى بالخروج على حاكم العراق الكافر – واين بطش وطغيان حاكم العراق من بطش الطواغيت الذين ينهى ابن باز عن الخروج عليهم؟! - فقال: (لا ريب أن مبايعة مثل هذا الطاغوت ومناصرته من أعظم الجرائم، ومن أعظم الجناية على المسلمين وإدخال الضرر عليهم، لأن من شرط البيعة أن يكون المبايَع مسلما ينفع المسلمين ولا يضرهم) اهـ

6- بل افتى ان جهاد صدام من اعظم الجهاد: (ومن أعظم الجهاد جهاد حاكم العراق، لبغيه وعدوانه واجتياحه دولة الكويت وسفكه الدماء ونهبه الأموال وهتكه الأعراض وتهديده الدول المجاورة له من دول الخليج) اهـ مجموع فتاوى ومقالات ابن باز/الجزء السابع.

7- افتى ابن باز وهيئة كبار علماء ال سعود بكفر حاكم ليبيا - القذافي - وعللوا سبب تكفيره بـ "تهجمه على حكام وأمراء ومشايخ مملكة ال سعود"!! فقالوا في بيانهم: (فإن مجلس هيئة كبار العلماء بدورته التاسعة عشرة... قد اطلع على بعض ما نشرته إذاعة حكومة ليبيا في برنامجها المحدث المسمى "أعداء الله"وما تعرض فيه لأئمة الدعوة السلفية رحمهم الله في هذه المملكة العربية السعودية من علماء وحكام بالطعن الكاذب ومحاولة التشكيك في عقيدتهم...) اهـ .الدورة (19)، (11/5/1402) هـ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال ابن تيمية رحمه الله:
(ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسـوله؛ كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة)"مجموع الفتاوي"
--------------------------------

قال سيد قطب
(وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها، ويعلن غيرها، ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة, والفتاوى المطلوبة لسلطان الأرض الزائل، يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي على سلطان الله وحرماته في الأرض جميعاً، لقد رأينا من هؤلاء من يعلم ويقول: "إن التشريع حق من حقوق الله سبحانه من ادعاه فقد ادعى الألوهية، ومن ادعى الألوهية فقد كفر، ومن أقر له بهذا الحق وتابعه عليه فقد كفر أيضاً"، ومع ذلك، مع علمه بهذه الحقيقة, التي يعلمها من الدين بالضرورة, فإنه يدعو للطواغيت الذين يدّعون حق التشريع, ويدّعون الألوهية بادعاء هذا الحق، ممن حكم عليهم هو بالكفر، ويسميهم"المسلمين"ويسمي ما يزاولونه إسلاما لا إسلام بعده) الظلال

----------------

قال ابن القيم رحمه الله:
(ومن أعظم الحدث؛ تعطيل كتاب الله وسنة رسوله واحداث ما خالفهما, ونصر من أحدث ذلك والذب عنه, ومعاداة من دعا الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)
"أعلام الموقعين"

----------------
قال ابن القيم رحمه الله:
(علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس؛ هلموا، قالت أفعالهم؛ لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطاع طرق)"الفوائد"
 
و فوق كل هذا هو أنه و أصحابه كالفوزان... أجازوا التحاكم الى الظاغوت لإسترداد الحقوق و المحافظة عليها زعما و زورا أنه يجوز من باب الإضطرار و الله المستعان فهذا تجويز شرك اكبر في غير الإكراه

فهو و الباقي أحبار حقا و ليس فقط تشبها و الله يهدي من يشاء الى
صراطه المستقيم


118 - حكم المضطر للتحاكم إلى القوانين الوضعية

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم هـ ع. م. سلمه الله.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد أجاب عنه سماحته برقم 21635/ 2 وتاريخ 1/ 8/ 1407 هـ. : .

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 2151 وتاريخ 6/ 6/ 1407 هـ الذي تسأل فيه عن حكم المتحاكم إلى من يحكم بالقوانين الوضعية إذا كانت المحاكم في بلده كلها تحكم بالقوانين الوضعية ولا يستطيع الوصول إلى حقه إلا إذا تحاكم إليها هل يكون كافرا .

وأفيدك بأنه إذا اضطر إلى ذلك لا يكون كافرا ولكن ليس له أن يتحاكم إليهم إلا عند الضرورة إذا لم يتيسر له الحصول على حقه إلا بذلك وليس له أن يأخذ خلاف ما يحله الشرع المطهر.

وفق الله الجميع لما فيه رضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

"فتاوى الشيخ ابن باز " ( 23 / 214)

السؤال الثالث عشر والخامس عشر من الفتوى رقم ( 19504 ) ).

س 13: ما حكم تحكيم القضاء الأمريكي في النزاع بين المسلمين، أمور الطلاق والتجارة وغيرها من الأمور؟

ج 13: لا يجوز للمسلم التحاكم إلى المحاكم الوضعية إلا عند الضرورة إذا لم توجد محاكم شرعية، وإذا قضي له بغير حق له فلا يحل له أخذه.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... بكر بن عبد الله أبو زيد ...

"فتاوى اللجنة الائمة " ( 23 / 502 ، 503)

ملــــــة الخـلـــــــــيل إبراهــــيــــــــــم علــيه الســـــــلام

$
0
0


قال تعالى: ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ).

وقال تعالى: ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

وقال تعالى: ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

وقال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا )

وقال تعالى: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ )

قال الشيخ محمد عبد الوهاب:
____________________

ملّة إبراهيم هي الكفر بالطاغوت والإيمان بالله.
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب:[ أعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على بني آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله والدليل قوله تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
وقال ايضآ: "واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل قوله تعالى {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}

وقال وملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها ، وهي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرءاء منكم ومما تعبدون من دون الله {كفرنا بكم} وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده.
وإتباعا لملّة إبراهيم عليه السلام حينما قال لأبيه وقومه{ كَفَرْنَا بِكُم } وهى تقتضى وتعـني "تكفير المشركين و الكفر بمعبوداتهم الباطلة وألهتهم المزعومة وطواغيتهم المعبودة والمتبوعة والمطاعة في غير طاعة الله كما قال تعالى ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا )

فاعلم هدانا الله وإياك إلى الحق إن التوحيد الذي أوجبه الله عليك له أركان كما إن للصلاة أركانا لا تصح الصلاة إلا بالإتيان بها كتكبيرة الإحرام و الركوع و السجود وغير ذلك من أركان الصلاة التي إذا اخل العبد باي ركن منها بطلت صلاته فكذلك التوحيد له أركان إذا اخل العبد بأحد هذه الأركان لم يكن موحدا ولن تنفعه لا اله الا الله شيئا و أما أركان التوحيد فهما ركنان
------------------------------
الركن الأول : الكفر بالطاغوت وهو معنى (لا إله)

الركن الثاني : الإيمان بالله وحده وهو معنى (إلا الله )

ودليل ذلك قول الله تعالى ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ) و العروة الوثقى هي كلمه لا اله الا الله و هي الاسلام
فقدم الله الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله فلا تصح عبادة الله إلا بالكفر بالطاغوت أي الكفر بالطاغوت مقدم عن جميع العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج فلابد لمن أراد سلوك طريق الحق ومن أراد إن تقبل منه العبادة عند الله إن يعرف ما هو الطاغوت وكيف الكفر به
فركن النفي وهو الكفر بالطاغوت ( لا إلــه ) يشمل أمرين الكفر والتكفير

الأمر الأول : هو اعتقاد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها اى الكفر بجميع الآلهة

الأمر الثاني : تكفير عابد غير الله ومعداته فهذان مفهوم النفي فلا يصح احدهما عن الأخر وهذا الركن هو الذي صعب على جميع المشركين من قبل وفى وقتنا الحاضر ممن يزعمون الإسلام والكفر بالطاغوت هو الذي جعل الله فيه القدوة

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
-----------------------------------------------------
(في كيفية الكفر بالطاغوت قال:أن تعتقد بطلان عبادة غير الله ، وتتركها ، وتبغضها ، وتكفر أهلها ، وتعاديهم.

ويقول الشيخ محمد عبد الوهاب:
----------------------------------
أصل دين الإسلام وقاعدته أمـران :
الأول ـ الأمر بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، والتحريض على ذلك والمولاة فيه ، وتكفير من تركه. الثاني ـ الإنذار عن الشرك في عبادة الله تعالى ، والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه ، وتكفير من فعله
قال تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )

هذه القدوة لم يجعلها الله في كثرة الصلاة ولا كثرة الحج ولا كثرة الزكاة بل جعلها في البراءة من المشركين ومما عبدوه من دون الله قال تعالى (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) هذه هي القدوة وهى ملة إبراهيم ومن اجل ذالك لابد إن نعرف ما هو الشرك حتى نجتنبه ونعرف من هو المشرك حتى نتبرأ منه ونبغضه في الله ومعرفة هذا الأمر مقدم على معرفة جميع العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج

يقول الشيخ حمد بن عتيق
----------------------------
هنا نكت فعليك بها
في قوله تعالى (إنا براءوا منكم ومما تعبدون من دون الله ( وهي إن الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله ؛ لأن الأول أهم من الثاني ، فإنه يتبراء من الأوثان ، ولايتبراء ممن عبدها ، فلا يكون آتيا بالواجب عليه ،- وهذه هي حالة كثيرا من أدعيا التدين والعلم في هذا الزمان .. تجدهم يتبرؤون من الشرك ولايتبرؤون من الذين يفعلونه ، بل وعجبا بجادلون عنهم .. فياسبحان الله كم يهلكون أنفسهم !!
وأما إذا تبرء من المشركين ، فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم وهذا كقوله تعالى وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا )مريم48 .. فقدم إعتزالهم على إعتزال معبوداتهم ، وكذا قوله )فلما إعتزلهم وما يعبدون من دون الله )مريم ، وقوله( وإذ إعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله )
فعليك بهذه النكت ، فإنها تفتح بابا إلى عداوة أعداء الله فكم من إنسان لايقع منه الشرك ، ولكن لايعادى أهله ، فلا يكون مسلما بذلك إذا ترك دين جميع المرسلين تعليق ) يقول الشيخ من لم يعاد المشركين فقد ترك دين جميع المرسلين لأن الإسلام لا يقوم إلا على البراءة من الشرك وأهله

ويقول الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ :
----------------------------------------
والمرء قد ينجو من الشرك ويحب التوحيد ، لكن يأتيه الخلل من عدم البراءة من أهل الشرك ، وترك موالاة أهل التوحيد ، ونصرتهم ، فيكون متبعاً لهواه داخلاً من الشرك في شُعب ، تهدم دينه وما بناه ، تاركاً من التوحيد أصولاً وشُعباً لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه ، فلا يحـب ولا يبغض ولا يعادي ولا يوالي لجـلال من أنشأه وسوّاه ، وكل هذا يؤخذ من شهادة لا إله إلا لله اهــ

قال رسول الله : ( من قال لا إله إلا الله وكفربما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ).حديث صحيح

يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب :
---------------------------------------------
وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال ، بل ولامعرفة معناها مع لفظها ، بل ولاكونه لايدعوا إلا الله وحده لاشريك له ، بل لايحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله ، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه .

يقول الشيخ محمد عبد الوهاب
---------------------------------
تعليقا على من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم مالة ودمه وحسابه على الله فقال وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله ونحن نقول والله أن هذا لهو الحق المبين وندين لله به فيقول الشيخ أن من تلفظ بها وعرف معناها ولم يدعو غير الله أى لم يفعل الشرك لم يكن مسلمآ حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فماهو الكفر بما يعبد من دون الله قال احفاد الشيخ محمدعبدالوهاب وتلاميذه فى الدرر السنية قالوا : والمراد بذلك تكفير المشركين، والبراءة منهم، ومما يعبدون مع الله اهــ فهذا هو الكفر بالطاغوت

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن
--------------------------------------
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله "فهذا: شرط عظيم لا يصح قول: لا إله إلا الله إلا بوجوده وإن لم يوجد لم يكن من قال لا إله إلا الله معصوم الدم والمال لأن هذا هو معنى لا إله إلا الله فلم ينفعه القول بدون الإتيان بالمعنى الذي دلت عليه , من ترك الشرك , والبراءة منه وممن فعله ، فإذا أنكر عبادة كل ما يعبد من دون الله، وتبرأ منه وعادى من فعل ذلك: صار مسلما , معصوم الدم والمال وهذا معنى قول الله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)

وجاء في الدرر السنية،
-----------------------
وذلك في تفسير قوله تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) هذه الآية تدل على أن الإنسان إذا عبد ربه بطاعته ومحبته ومحبة ما يحبه، ولم يبغض المشركين ويبغض أفعالهم ويعاديهم فهو لم يجتنب الطاغوت، ومن لم يجتنب الطاغوت لم يدخل في الإسلام فهو كافر، ولو كان من أعبد هذه الأمة يقوم الليل ويصوم النهار، وتصبح عبادته كمن صلى ولم يغتسل من الجنابة، أو كمن يصوم في شدة الحر وهو يفعل الفاحشة في نهار رمضان.

تفسير سور الفاتحة ______________ للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

$
0
0

Photo: ‎تفسير سور الفاتحة  ______________ للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله __________________________  تفسير سورة الفاتحة ----------------------- قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:   اعلم أرشدك الله لطاعته, وأحاطك بحياطته, وتولاك في الدنيا والآخرة, أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها, فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه, ويدل على هذا قوله تعالى: {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون} (سورة الماعون 4-5), ففسر السهو بالسهو عن وقتها, أي إضاعته- والسهو عن ما يجب فيها, والسهو عن حضور القلب, ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لايذكر فيها إلا قليلاً)) (رواه مسلم) . فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: ((يرقب الشمس)) وبإضاعة الأركان بذكره النقر , وبإضاعة حضور القلب بقوله: ((لا يذكر الله فيها إلا قليلا)).  إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة , وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.  ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي , فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي , فإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل , فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم , صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) انتهى الحديث. (اخرجه مسلم).  فإذا تأمل العبد هذا , وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إالى قوله: (إياك نعبد) ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه , وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى , وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة , وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب تبين له ما أضاع أكثر الناس.  قد هيئوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب , ويعلم قلبك ما نطق به لسانك , لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم). (سورة الفتح 11). وأبدأ بمعنى الاستعاذة , ثم البسملة , على طريق الاختصار والإيجاز , فمعنى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ألوذ بالله وأعتصم بالله وأستجير بجنابه من شر هذا العدو , أن يضرني في ديني أو دنياي , أو يصدني عن فعل ما أمرت به , أو يحثني على فعل ما نهيت عنه , لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة وقراءة أو غير ذلك , وذلك أنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم). (سورة الأعراف 27) , فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه , واعتصمت به كان هذا سببا في حضور القلب فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس.  وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك (بسم الله) لا بحولي ولا بقوتي , بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله , ومتبركا باسمه تبارك وتعالى , هذا في كل أمر تسمى في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا , فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به , متبرئا من الحول والقوة كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب , وطرد الموانع من كل خير.  (الرحمن الرحيم) اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر , مثل العلام والعليم , قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان احدهما أرق من الآخر أي أكثر من الآخر رحمة.  وأما الفاتحة فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله , وثلاث ونصف للعبد , فاولها (الحمد لله رب العالمين) فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري , فأخرج بقوله الثناء باللسان الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال فذلك نوع من الشكر.  وقوله على الجميل الاختياري أي الذي يفعله الإنسان بإرادته , وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل الجمال ونحوه فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا.  والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحسانا إلى الحامد أو لم يكن , والشكر لا يكون إلا على أحسان المشكور , فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر , لأنه يكون على المحاسن والإحسان , فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى , وما خلقه في الآخرة والأولى , ولهذا قال: (الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا). (سورة الإسراء 111) , وقال: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض). (سورة الأنعام 13) , إلى غير ذلك من الآيات.  وأما الشكر فإنه لا يكون إلا على الإنعام, فهو أخص من الحمد من هذا الوجه, لكنه يكون بالقلب واليد واللسان, ولهذا قال تعالى: (اعملوا ءال داود شكراً) (سورة الإنعام , الآية: 1) , والحمد يكون بالقلب واللسان, فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه, والحمد أعم من جهة أسبابه.  الألف واللام في قوله: (الحمد) للاستغراق أي جميع أنواع الحمد لله لا لغيره , فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان, وخلق السمع والبصر والسماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح, وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثني به على الصالحين والأنبياء والمرسلين, وعلى من فعل معروفاً خصوصاً إن أسداه إليك, فهذا كله لله أيضاً بمعنى أنه خلق ذلك الفاعل, وأعطاه ما فعل به ذلك, وحببه إليه وقواه عليه, وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار.  وأما قوله: (لله رب العالمين) فالله علم على ربنا تبارك وتعالى, ومعناه: الإله أي المعبود لقوله: (وهو الله في السموت وفي الأرض) (سورة الأنعام, الآية: 3), أي المعبود في السموات والمعبود في الأرض: (إن كل من في السموت والأرض إلا ءاتي الرحمن عبداً) (سورة مريم, الآية: 93), وأما الرب فعناه المالك المتصرف, وأما (العالمين) فهو اسم لكل ماسوى الله تبارك وتعالى فكل ماسواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه, فقير محتاج كلهم صامدون إلى واحد لاشريك له في الدين, وهو الغني الصمد, وذكر بعد ذلك (مالك يوم الدين) وفي قراءة أخرى (ملك يوم الدين) فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك, كما ذكره في آخر سورة من المصحف (قل أعوذ برب الناس * ملك الناس) (سورة الناس, الآيات: 1-3).  فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضه واحد في أول القرآن, ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد في آخر القرآن ما يطرق سمعك من القرآن. فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضوع, ويبذل جهده في البحث عنه, ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفتها, ومعرفة الفرق بين هذه الصفات, فكل صفة لها معنى غير معنى الأخرى, كما يقال: محمد رسول الله , وخاتم النبيين, وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير ذلك الوصف الآخر.  إذا عرفت أن معنى الله هو الإله, وعرفت أن الإله هو المعبود, ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله , فإن دعوت مخلوقاً طيباً أو خبيثاً, أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله , فمن عرف أنه قد جعل شمسان أو تاجا (شمسان وتاج - ومثلهما يوسف - رجال كان الناس في عصر الشيخ يعتقدون فيهم الولاية, ويرفعون لهم من العبادة والدعاء ونحوها ما لا ينبغي أن يرفع إلا لله عز وجل) (راجع رسالة كشف الشبهات للشيخ) برهة من عمره هو الله, عرف ماعرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل, فلما تبين لهم ارتاعوا, وقالوا ماذكر الله عنهم: (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لَئِنْ لم يرحمنا ربنا ريغفر بنا لنوكنن من الخسرين) (سورة الأعراف, الآية: 149).  وأما الرب فمعناه المالك المتصرف, فالله تعالى مالك كل شئ وهو المتصرف فيه, وهذا حق, ولكن أقر به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصر ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيسقولون الله قل أفلا تتقون) (سورة يونس, الآية: 31).  فمن دعا في تفريج كربته وقضاء حاجته, ثم دعا مخلوقاً في ذلك خصوصاً إن اقترن بدعائه نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه (فلان عبدك) أو قول (عبد علي) أو (عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية, وفي دعائه علياً أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية, ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شراً مع تسمية نفسه عبداً له, قد أقر له الربوبية, ولم يقر لله رب العالمين كلهم بل جحد بعض ربوبيته, فرحم الله عبداً نصح نفسه, وتفطن هذه المهمات, وسأل عن كلام أهل العلم, وهم أهل الصراط المستقيم, هل فسروا السورة بهذا أم لا؟.  وأما الملك فيأتي الكلام عليه, وذلك أن قوله: (مالك يوم الدين) وفي القراءة الأخرى (ملك يوم الدين) فمعناه عند جميه المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: (ومآ أدراك مايوم الدين * ثم مآ ما أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئٍذ لله) (سورة الأنفطار, الآيات: 17 - 19).  فمن عرف تفسير هذه الآية, وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم, مع أنه سبحانه مالك كل شئ ذلك اليوم وغيره, عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها, وبسبب الجهل بها دخل النار من دخلها, فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيا أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها, فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن, مع قوله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً), (أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة), من قول صاحب البردة:  ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريـم تحلى باسـم منتقم فإن لي ذمـة منه بتسـميتـي محمداً وهو أوفي الخلق بالذمم إن لم تكـن في مادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقـل يا زلة القـدم فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها, ومن فتن بها من العباد, وممن يدعي انه من العلماء, واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن.  هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئٍذ لله) وقوله: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً) لا والله , لا والله , لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق, وأن فرعون صادق, وأن محمداً صادق على الحق, وأن أبا جهل صادق على الحق. لا والله ما استويا ولن يتلاقيل حتى تشيب مفارق الغربان.  فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة, ومن فتن بها عرف غربة الإسلام, وعرف أن العداوة واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا, ليس عند التكفير والقتال, بل هم الذين بدءونا بالتكفير والقتال, بل عند قوله: (فلا تدعوا مع الله أحداً) (سورة الجن, الآية: 18) , وعند قوله: (اولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) سورة الإسراء, الآية: 57), وقوله: (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ) (سورة الرعد, الآية: 14), فهذه بعض المعاني في قوله: (مالك يوم الدين) بإجماع المفسرين كلهم, وقد فسرها الله سبحانه في سورة ((إذا السماء انفطرت) كما قدمت لك.  واعلم أرشدك الله أن الحق لا يتبين إلا بالباطل كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.  فتأمل ما ذكرت لك ساعة بعد ساعة, ويوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر, وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبرهيم ودين نبيك فتحشر معهما, ولا تصد عن الحوض يوم الدين, كما يصد عنه من صد عن طريقهما , ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة, ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل, فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور القلب وخوف وتضرع.  وأما قوله: (إياك نعبد وإياك نستعين) فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع, والخوف والذل, وقدم المفعول وهو إياك, كرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك, ولا نتوكل إلا عليك, وهذا هو كمال الطاعة, والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين, فالأول التبرؤ من الشرك, والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: (إياك نعبد) أي إياك نوحد, ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك في عبادته أحداً, لا ملكاً ولا نبياً ولا غيرهما, كما قال للصحابة: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبين أرباباً أيامركم بالكفر بعذ إذ أنتم مسلمون) (سورة آل عمران, الآية: 80),فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية, أنها التي نسبت إلى تاج ومحمد بن شمسان, فإذا كان الصحابة لو يفعلوها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟  وقوله: (وإياك نستعين) هذا فيه أمران أحدهما سؤال الإعانة من الله وهو التوكل والتبرئ من الحول والقوة. وأيضاً طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.  وأما قوله: (اهدنا الصراط المستقيم) فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله , وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم, الذي لـم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه, كما مـن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بقوله: (ويهديك صراطاً مستقيماً) (سورة الفتح, الآية: 2), والهداية هم هنا التوفيق والإرشاد, وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة, فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.  والصراط: الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه, والمراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو (صراط الذين أنعمت عليهم) وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وأنت دائماً في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم, وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم, وكلما خالفه من طريق أو علم أو عبادة, فليس بمستقيم, بل معوج. وهذه أول الواجبات من هذه الآية, وهو اعتقاد ذلك بالقلب, وليحذر المؤمن من خدع الشيطان, وهو اعتقاد ذلك مجملاً وتركه مفصلاً, فإن أكفر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإن ما خالفه باطل, فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: (فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون) (سورة المائدة, الآية: 70). وأما قوله: (غير المغضوب عليهم ولا الضـآلين) فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم, والضالون العاملون بلا علم, فالأول صفة اليهود, والثاني صفة النصارى, وكثير من الناس إذا رأي في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون, ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم, وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء, ويعوذ من طريق أهل هذه الصفات, فياسبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له, ويفرض عليه أن يدعو به دائماً مع ظنه أنه لا حذر علي منه, ولا يتصور أنه يفعله, هذا من ظن السوء بالله , والله أعلم هذا آخر الفاتحة.  أما آمين فليست من الفاتحة, ولكنها تأمين على الدعاء, معناها اللهم استجب, فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله.   مسائل مستنبطة من سورة الفاتحة : ==================== الأولى: (إياك نعبد وإياك نستعين) فيها التوحيد. الثانية: (اهدنا الصراط المستقيم) فيها المتابعة. الثالثة: أركان الدين الحب والرجاء والخوف. فالحب في الأولى والرجاء في الثانية والخوف في الثالثة. الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين. الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين. السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم. السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين. الثامنة: دعاء الفاتحة مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل. التاسعة: قوله (صراط الذين أنعمت عليهم) فيه حجة الإجماع. العاشرة: مافي الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه. الحادية عشر: مافيها من النص على التوكل. الثانية عشر: مافيها من التنبية على بطلان الشرك. الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع. الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيهاً, وكل آية أفرد معناها بالتصانيف. والله سبحانه وتعالى أعلم.  =================================‎تفسير سورة الفاتحة
-----------------------
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

اعلم أرشدك الله لطاعته, وأحاطك بحياطته, وتولاك في الدنيا والآخرة, أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها, فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه, ويدل على هذا قوله تعالى: {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون} (سورة الماعون 4-5), ففسر السهو بالسهو عن وقتها, أي إضاعته- والسهو عن ما يجب فيها, والسهو عن حضور القلب, ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لايذكر فيها إلا قليلاً)) (رواه مسلم) .
فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: ((يرقب الشمس)) وبإضاعة الأركان بذكره النقر , وبإضاعة حضور القلب بقوله: ((لا يذكر الله فيها إلا قليلا)).
إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة , وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب.
ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي , فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي , فإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل , فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم , صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)) انتهى الحديث. (اخرجه مسلم).
فإذا تأمل العبد هذا , وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إالى قوله: (إياك نعبد) ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه , وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى , وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة , وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب تبين له ما أضاع أكثر الناس.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب , ويعلم قلبك ما نطق به لسانك , لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم). (سورة الفتح 11). وأبدأ بمعنى الاستعاذة , ثم البسملة , على طريق الاختصار والإيجاز , فمعنى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ألوذ بالله وأعتصم بالله وأستجير بجنابه من شر هذا العدو , أن يضرني في ديني أو دنياي , أو يصدني عن فعل ما أمرت به , أو يحثني على فعل ما نهيت عنه , لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة وقراءة أو غير ذلك , وذلك أنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم). (سورة الأعراف 27) , فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه , واعتصمت به كان هذا سببا في حضور القلب فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس.
وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك (بسم الله) لا بحولي ولا بقوتي , بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله , ومتبركا باسمه تبارك وتعالى , هذا في كل أمر تسمى في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا , فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به , متبرئا من الحول والقوة كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب , وطرد الموانع من كل خير.
(الرحمن الرحيم) اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر , مثل العلام والعليم , قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان احدهما أرق من الآخر أي أكثر من الآخر رحمة.
وأما الفاتحة فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله , وثلاث ونصف للعبد , فاولها (الحمد لله رب العالمين) فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري , فأخرج بقوله الثناء باللسان الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال فذلك نوع من الشكر.
وقوله على الجميل الاختياري أي الذي يفعله الإنسان بإرادته , وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل الجمال ونحوه فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا.
والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحسانا إلى الحامد أو لم يكن , والشكر لا يكون إلا على أحسان المشكور , فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر , لأنه يكون على المحاسن والإحسان , فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى , وما خلقه في الآخرة والأولى , ولهذا قال: (الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا). (سورة الإسراء 111) , وقال: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض). (سورة الأنعام 13) , إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الشكر فإنه لا يكون إلا على الإنعام, فهو أخص من الحمد من هذا الوجه, لكنه يكون بالقلب واليد واللسان, ولهذا قال تعالى: (اعملوا ءال داود شكراً) (سورة الإنعام , الآية: 1) , والحمد يكون بالقلب واللسان, فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه, والحمد أعم من جهة أسبابه.
الألف واللام في قوله: (الحمد) للاستغراق أي جميع أنواع الحمد لله لا لغيره , فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان, وخلق السمع والبصر والسماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح, وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثني به على الصالحين والأنبياء والمرسلين, وعلى من فعل معروفاً خصوصاً إن أسداه إليك, فهذا كله لله أيضاً بمعنى أنه خلق ذلك الفاعل, وأعطاه ما فعل به ذلك, وحببه إليه وقواه عليه, وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار.
وأما قوله: (لله رب العالمين) فالله علم على ربنا تبارك وتعالى, ومعناه: الإله أي المعبود لقوله: (وهو الله في السموت وفي الأرض) (سورة الأنعام, الآية: 3), أي المعبود في السموات والمعبود في الأرض: (إن كل من في السموت والأرض إلا ءاتي الرحمن عبداً) (سورة مريم, الآية: 93), وأما الرب فعناه المالك المتصرف, وأما (العالمين) فهو اسم لكل ماسوى الله تبارك وتعالى فكل ماسواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه, فقير محتاج كلهم صامدون إلى واحد لاشريك له في الدين, وهو الغني الصمد, وذكر بعد ذلك (مالك يوم الدين) وفي قراءة أخرى (ملك يوم الدين) فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك, كما ذكره في آخر سورة من المصحف (قل أعوذ برب الناس * ملك الناس) (سورة الناس, الآيات: 1-3).
فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضه واحد في أول القرآن, ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد في آخر القرآن ما يطرق سمعك من القرآن. فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضوع, ويبذل جهده في البحث عنه, ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفتها, ومعرفة الفرق بين هذه الصفات, فكل صفة لها معنى غير معنى الأخرى, كما يقال: محمد رسول الله , وخاتم النبيين, وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير ذلك الوصف الآخر.
إذا عرفت أن معنى الله هو الإله, وعرفت أن الإله هو المعبود, ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله , فإن دعوت مخلوقاً طيباً أو خبيثاً, أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله , فمن عرف أنه قد جعل شمسان أو تاجا (شمسان وتاج - ومثلهما يوسف - رجال كان الناس في عصر الشيخ يعتقدون فيهم الولاية, ويرفعون لهم من العبادة والدعاء ونحوها ما لا ينبغي أن يرفع إلا لله عز وجل) (راجع رسالة كشف الشبهات للشيخ) برهة من عمره هو الله, عرف ماعرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل, فلما تبين لهم ارتاعوا, وقالوا ماذكر الله عنهم: (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لَئِنْ لم يرحمنا ربنا ريغفر بنا لنوكنن من الخسرين) (سورة الأعراف, الآية: 149).
وأما الرب فمعناه المالك المتصرف, فالله تعالى مالك كل شئ وهو المتصرف فيه, وهذا حق, ولكن أقر به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصر ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيسقولون الله قل أفلا تتقون) (سورة يونس, الآية: 31).
فمن دعا في تفريج كربته وقضاء حاجته, ثم دعا مخلوقاً في ذلك خصوصاً إن اقترن بدعائه نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه (فلان عبدك) أو قول (عبد علي) أو (عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية, وفي دعائه علياً أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية, ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شراً مع تسمية نفسه عبداً له, قد أقر له الربوبية, ولم يقر لله رب العالمين كلهم بل جحد بعض ربوبيته, فرحم الله عبداً نصح نفسه, وتفطن هذه المهمات, وسأل عن كلام أهل العلم, وهم أهل الصراط المستقيم, هل فسروا السورة بهذا أم لا؟.
وأما الملك فيأتي الكلام عليه, وذلك أن قوله: (مالك يوم الدين) وفي القراءة الأخرى (ملك يوم الدين) فمعناه عند جميه المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: (ومآ أدراك مايوم الدين * ثم مآ ما أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئٍذ لله) (سورة الأنفطار, الآيات: 17 - 19).
فمن عرف تفسير هذه الآية, وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم, مع أنه سبحانه مالك كل شئ ذلك اليوم وغيره, عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها, وبسبب الجهل بها دخل النار من دخلها, فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيا أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها, فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن, مع قوله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً), (أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة), من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريـم تحلى باسـم منتقم
فإن لي ذمـة منه بتسـميتـي محمداً وهو أوفي الخلق بالذمم
إن لم تكـن في مادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقـل يا زلة القـدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها, ومن فتن بها من العباد, وممن يدعي انه من العلماء, واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن.
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئٍذ لله) وقوله: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً) لا والله , لا والله , لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق, وأن فرعون صادق, وأن محمداً صادق على الحق, وأن أبا جهل صادق على الحق. لا والله ما استويا ولن يتلاقيل حتى تشيب مفارق الغربان.
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة, ومن فتن بها عرف غربة الإسلام, وعرف أن العداوة واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا, ليس عند التكفير والقتال, بل هم الذين بدءونا بالتكفير والقتال, بل عند قوله: (فلا تدعوا مع الله أحداً) (سورة الجن, الآية: 18) , وعند قوله: (اولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) سورة الإسراء, الآية: 57), وقوله: (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ) (سورة الرعد, الآية: 14), فهذه بعض المعاني في قوله: (مالك يوم الدين) بإجماع المفسرين كلهم, وقد فسرها الله سبحانه في سورة ((إذا السماء انفطرت) كما قدمت لك.
واعلم أرشدك الله أن الحق لا يتبين إلا بالباطل كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.
فتأمل ما ذكرت لك ساعة بعد ساعة, ويوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر, وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبرهيم ودين نبيك فتحشر معهما, ولا تصد عن الحوض يوم الدين, كما يصد عنه من صد عن طريقهما , ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة, ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل, فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور القلب وخوف وتضرع.
وأما قوله: (إياك نعبد وإياك نستعين) فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع, والخوف والذل, وقدم المفعول وهو إياك, كرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك, ولا نتوكل إلا عليك, وهذا هو كمال الطاعة, والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين, فالأول التبرؤ من الشرك, والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: (إياك نعبد) أي إياك نوحد, ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك في عبادته أحداً, لا ملكاً ولا نبياً ولا غيرهما, كما قال للصحابة: (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبين أرباباً أيامركم بالكفر بعذ إذ أنتم مسلمون) (سورة آل عمران, الآية: 80),فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية, أنها التي نسبت إلى تاج ومحمد بن شمسان, فإذا كان الصحابة لو يفعلوها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟
وقوله: (وإياك نستعين) هذا فيه أمران أحدهما سؤال الإعانة من الله وهو التوكل والتبرئ من الحول والقوة. وأيضاً طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
وأما قوله: (اهدنا الصراط المستقيم) فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله , وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم, الذي لـم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه, كما مـن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بقوله: (ويهديك صراطاً مستقيماً) (سورة الفتح, الآية: 2), والهداية هم هنا التوفيق والإرشاد, وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة, فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
والصراط: الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه, والمراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو (صراط الذين أنعمت عليهم) وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وأنت دائماً في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم, وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم, وكلما خالفه من طريق أو علم أو عبادة, فليس بمستقيم, بل معوج. وهذه أول الواجبات من هذه الآية, وهو اعتقاد ذلك بالقلب, وليحذر المؤمن من خدع الشيطان, وهو اعتقاد ذلك مجملاً وتركه مفصلاً, فإن أكفر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإن ما خالفه باطل, فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: (فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون) (سورة المائدة, الآية: 70).
وأما قوله: (غير المغضوب عليهم ولا الضـآلين) فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم, والضالون العاملون بلا علم, فالأول صفة اليهود, والثاني صفة النصارى, وكثير من الناس إذا رأي في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون, ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم, وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء, ويعوذ من طريق أهل هذه الصفات, فياسبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له, ويفرض عليه أن يدعو به دائماً مع ظنه أنه لا حذر علي منه, ولا يتصور أنه يفعله, هذا من ظن السوء بالله , والله أعلم هذا آخر الفاتحة.
أما آمين فليست من الفاتحة, ولكنها تأمين على الدعاء, معناها اللهم استجب, فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله.

مسائل مستنبطة من سورة الفاتحة :
====================
الأولى: (إياك نعبد وإياك نستعين) فيها التوحيد.
الثانية: (اهدنا الصراط المستقيم) فيها المتابعة.
الثالثة: أركان الدين الحب والرجاء والخوف. فالحب في الأولى والرجاء في الثانية والخوف في الثالثة.
الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين.
الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين.
السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم.
السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين.
الثامنة: دعاء الفاتحة مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل.
التاسعة: قوله (صراط الذين أنعمت عليهم) فيه حجة الإجماع.
العاشرة: مافي الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه.
الحادية عشر: مافيها من النص على التوكل.
الثانية عشر: مافيها من التنبية على بطلان الشرك.
الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع. الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيهاً, وكل آية أفرد معناها بالتصانيف.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
=================================

القول المضبوط في حكم إدخال الأبناء في مدارس الطاغوت

$
0
0
ملحوظة: هذه الفتوي في من يدخل الأبناء المدارس دون ان يهتم بالأقوال الكفرية التي تصدر من المعلمين او يرضي بذلك, وليس في من له الامكانية والإستطاعة في تجنب كل الكفريات التي تتعلق بالمدارس....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:

إن من البديهي والمتعارف عليه أن مناهج التعليم في مدارس الطاغوت هي مناهج كفرية شركية تقتل الإسلام في نفوس الأطفال وتخرج أجيالا من الكفرة يتنكرون لمبادئ الدين وتصبح سمتهم المميزة هو الانسلاخ منه، والتنكر له ويصبحون الأداة الفعالة التي يستخدمها أعداء الدين ويتسترون وراءها من أجل الإجهاز عليه

ويقومون بفعل هذا عن طريق بناء قلاع الكفر التى من خلالها يدرسون المناهج الكفرية في مراحل متقدمة من عمر الأطفال ..
فإن الطفل يتشرب كل ما يتلقاه في صغره ،ففترة الطفولة فترة تلقي وأتباع وتقليد ،فاستغل هؤلاء الطواغيت تلك النقطه فأقامو تلك القلاع الكفرية التى ترسخ للكفر وتهدم أى شيء يمت للدين بصله ، فبدل أن ينشاء الأطفال على حب الدين والتفاني من أجله ينشاء على حب الوطن وروح المواطنة وبدل تلقين الأطفال مبادئ الشريعة الإسلامية يلقنونهم مبادئ الديمقراطية العفنة ويزرعون فيهم العلمانية والرأسمالية والأشتراكية وغيرها من المناهج الكفريه، والله المستعان وإليه المشتكى

أما عن تمجيد الطواغيت فحدث ولا حرج فمنذ المرحلة الابتدائيه يحضونهم على حب الطاغوت والإخلاص له ،كما ينزعون من قلوبهم عقيدة الولاء والبراء بحضهم على حب الآخر وان جميع أبناء البشر سواسية لا فرق بين بوذي ولا صليبي ولا مسلم
كذلك يلزمونهم على اللهج بالكفر الصريح من خلال أدائهم للسلام الوثني وألتزامهم ببعض الطقوس الكفرية التى يمارسونها كالأحتفال بالأعياد القومية والوطنية وغيرها من مظاهر الكفر والشرك بالله

ولو تناولنا كل مادة من المواد التى تدرس داخل هذه القلاع في السنين الأولى للمرحلة الأبتدائية على سبيل المثال ،لوجدنا أن هذه المرحلة خاصةً هى اكثر المراحل التى تمتلىء فيها كل مواد المنهج بالكفر فوالله لا يكاد كل درس في كل مادة أن يخلو من ترسيخ مبداء كفرى أو نظرية كفرية أو شعار كفرى ،سواء كان هذا بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة كوضع صور لها إحاء معين له مدلول ومضمون يتأثر به الطفل كوضع الصور التى تحس على الأختلاط والتبرج والسفور وتعظيم الأصنام وتعظيم بعض شخصيات الكفر والزندقة وهذا معلوم لكل من أطلع على هذه المناهج

فبعد هذه الصورة الموجزة الملخصة والنظرة السريعه على ما يتم داخل قلاع الكفر ومعابد التعليم الطاغوتى، وجب علينا أن ننبه على عدة أمور يقع فيها بعض الأخوة الذين يقولون أنهم موحدين وأنهم من الداعين للحق الساعيين لنصرة دين الله ممن يُلقون بأبناهم في مهلكة الطاغوت بحجة تعلم القراءة والكتابه والحساب وغيرها من الحجج الفارغه التى لا يعذر صاحبها بها ،ومن عرف حقيقة قلاع الكفر هذه التى لا أظن أن حالها يخفي على أحد فأغلبنا قد نشاء وتربي فيها ،أقول من علم حقيقة قلاع الكفر هذه وأدخل أولاده إليها بالرغم من علمه بما فيها من كفر فهذه إعانه ظاهرة منه ولا ينفع معها أن يقول نيتي كذا أوكذا فهذا كفر بالله لا ينفع معه عذر ،نسأل الله السلامة والعافيه

قال الله تعالى:

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}

ويقول جل شأنه:

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}

قال ابن كثير رحمه الله:

"وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا “أي بالتكذيب والاستهزاء” فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره “أي حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب"، وإما ينسينك الشيطان “والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسيا” فلا تقعد بعد الذكرى “بعد التذكر” مع القوم الظالمين “

ولهذا ورد في الحديث “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”

وقال السدي عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله “وإما ينسينك الشيطان” قال: إن نسيت فذكرت “فلا تقعد” معهم، وكذا قال مقاتل بن حيان. وهذه الآية هي المشار إليها في قوله “وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم” الآية. أي إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك فقد ساويتموهم فيما هم فيه.

قال القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى :

((فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره))

"أي غير الكفر . إنكم إذا مثلهم فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر ؛ قال الله عز وجل : إنكم إذا مثلهم . فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية"

قال الطبري في تفسيره عند قوله تعالى :

((إنكم إذا مثلهم ))

"يعني : وقد نزل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزئ بها وأنتم تسمعون ، فأنتم مثله يعني : فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال ، مثلهم في فعلهم ، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله . فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوه منها ، فأنتم إذا مثلهم في ركوبكم معصية الله ، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه"

يقول الشيخ حمد بن عتيق في رسالة "سبيل النجاة و الفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك " :
"إنّ الرجل إذا سمع آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فجلس عند الكافرين المستهزئين بآيات الله من غير إكراه و لا إنكار و لاقيام عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره فهو كافر مثلهم و إن لم يفعل فعلهم لأن ذلك يتضمن الرضى بالكفر و الرضى بالكفر كفر، و بهذه الآية و نحوها استدل العلماءعلى أنّ الراضي بالذنب كفاعله ، فإن ادعى أنّه يكره ذلك بقلبه لم يقبل منه لأن الحكم بالظاهر و هو قد أظهر الكفر فيكون كافراً "

ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله :

"{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ }فذكر الله تعالى أنه نزّل على المؤمنين في الكتاب أنهم إذا سمعوا آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، فلا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، وأن من جلس مع الكافرين بآيات الله ، المستهزئين بها في حال كفرهم واستهزائهم ، فهو مثلهم ، ولم يفرّق بين الخائف وغيره ، إلا المكره "

فلابد علينا أيها الأخوة الكرام أن نتنبه ونحذر من هذا الأمر فهو أمر يتساهل فيه الكثير ،فإن التمسنا عذر لبعض أخواننا لأنهم يجهلو حال هذه القلاع الكفرية ،فلا عذر لمن يعلم ما بها من كفر !!

فإن من يعلم حال هذه القلاع الكفرية ورغم ذلك يذهب ويطلب أن يمضي أوراق ألتحاق لأبنه في هذه القلاع الكفرية هذا وحده مناط مكفر لأنه عالم بحال هذه القلاع الكفرية ورغم ذلك ذهب بإرادته وبكامل عقله وألقي بأبنه فيها ،فبالله عليكم أليست هذه دلالة ظاهرة على كفر صاحبها ولا ينفع معها أى عذر ،ثم يخرج علينا بعد ذلك بعض الجاهلين بأحكام رب العالمين يقولون طالما أنه يجنب أبنه الكفر فهذا لا يكفر ومثل هذه الترهات الفارغه !!

فنقول لمثل هذا أيها الجهول ،أنت نفسك يا كبير السن يا ناقص العقل والدين تخشي على نفسك من الفتنه في دينك وسط هذه المجتمعات الكفرية ،فكيف تأمن على طفل صغير أن تضعه في منبع هذا الكفر ليتَشرب منه قلبه وتُلقي به وسط مناهج كلها كفر وبيئة كلها كفار (مدرسيين ومديرين وأبناء مشركين ووو) فهل تأمن على أبنك لحظة واحدة داخل هذه القلعه الكفرية ؟!!

هل تأمن عليه أن يتأثر بعقيدة كفرية من العقائد التى يدرسونها في قلاع الكفر هذه؟!!
هل تستطيع أن تمنع من يدرسون له الكفر وهو بينهم أن يأصلو لكفرهم ويملئونه بالشبهات؟!!

فنقول له إن الله قال على من جلس مع الكفار وهو يسمع آيات الله يُكفر بها ويُستهزيء بها كافر ،فكيف بمن أدخل أبنائه لأماكن هو يعلم علم اليقين أنها تدعو للكفر بآيات الله وتدعو لهدمها وتحارب دين الله بكل الصور ،ورغم ذلك يُقحم أولاده في هذه القلاع الكفرية المحاربة للدين والملة الحنيفية ،فمثل هذا يكون مسلم موحد؟!!

نسأل الله أن يعافينا من المنافحة عن الشرك والمشركين ويهدينا إلى الطريق القويم ،ويصرف عنا شياطين الأنس والجن الذين يصدون عن السبيل

هذه كلمات موجزة حتى أكون بينت ما أدين لله به في هذه المسألة ،وليرضي من رضي وليسخط من سخط

والحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمداً الهادى الأمين
بواسطة حمادة الطلياني

((( فتح المنان في الرد على من أكفر المتوقف في مجهول الحال )))

$
0
0
بسم الله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد : 

بالنسبة لمسألة حكم مجهول الحال ، وهي من المسائل التي ثار حولها الكثير من الجدال .. هل هي من أصل الدين والإيمان أم خارجة عنه ببرهان ؟ 

◄ وللجواب عن هذا يجب أن نتصور أولاً من هو المجهول، ولماذا سُمي مجهولاً، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، وما حصل التخبط في الأحكام إلا بسبب فسادٍ في التصورات .. 

◄ ثم يكون الحكم بعد التصور بالرد إلى قاعدة جامعة مانعة نستطيع من خلالها التمييز بين ما هو من أصل دين وما هو من دونه ، والقاعدة الجامعة في هذا بالاتفاق هي ( شهادة أن لا إله إلا الله ) ، فهذه هي الفيصل في نزاع كل من تنازعوا في شئٍ هل هو من الأصل ( =أي منها )، أم من الفرع ( = أي خارج عن تلك القاعدة الجامعة)..

◄ وأنطلق الآن للجواب والبيان من جوهر وحقيقة هذه القاعدة ( شهادة أن لا إله إلا الله ) ببيان سريع لمعنى ( الشهادة ) ومتعلقاتها وما تفيده، كونها الأصل المتفق عليه بين الجميع، وكذا واضعها هو الله، وليس العقل، فالعقول تتباين، وليس الفهم فالأفهام تختلف ..

◄ فـ ( شهادة ) أن لا إله إلا الله هي شهادة الحق وهي قاعدة الإيمان، وهي أصل الدين ، ولا أصل غيره، فإن دخلت مسألتنا فيه ( = أي مسألة مجهول الحال) فهي من الأصل، وإن خرجت منه فإما برهان قطعي ممن أدخلها على أنها داخلة فيه، وإما أن يستقر على أنها خارجة عن الأصل أياً كانت درجتها ..

◄و (شهادة) أن لا إله إلا الله لابد فيها من العلم الجازم ، واليقين القاطع، بأنه لا إله إلا هو ،
← فالشهادة قد تكون عن شك، وقد تكون عن غالب ظن ، وقد تكون عن يقين قاطع،
◄والقدر الذي يحقق به المرء شهادة التوحيد هو الأخير أي العلم واليقين ،
فالشهادة هي الإقرار، وأشهد أي أقر وأقطع بعلمٍ ويقين وصدق أنه لا إله إلا الله ،
فشرط تحقيق الشهادة وقبولها هو العلم واليقين والصدق، والثلاثة من شروط لا إله إلا الله المجمع عليهم،

← قال تعالى :"إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "

← وقال أيضاً :"وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا "

← وقال :"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "

فمن شهد هنا بوحدانيته هم أولو العلم، الذين أقروا باليقين والصدق بأنه لا إله إلا الله ،
وهذه الشهادة اليقينية مطلوب من العبد تحقيقها ليس في الإثبات وحسب ، بل وفي النفي كذلك ،
فتشهد بعلم ويقين في النفي أنه ( لا إله ) ، وهذا يقتضي منك الشهادة على متعلقات النفي الثلاثة ..

←1- تشهد بعلم ويقين بنفي وكفر الآلهة الباطلة،
←2- تشهد بعلم ويقين بنفي وكفر من عبدها ،
←3- تشهد بعلم ويقين بنفي الشرك والبراءة منه،

وبمثله في الإثبات ( = إلا الله ) تشهد بعلم ويقين ،
وبهذا تكون محققا للتوحيد وصح دينك الذي بُني على الشهادة،،،

◄فقد شهدت بكفر الطاغوت يقينا عالما ( أنه وقع في الطغيان)، وهذا لا يكون إلا في حق المعلوم ،

← فلا يعقل أن تشهد على مجهول حال أو شخص لا تعرفه بأنه طاغوت قطعاً!..

◄وبنفس اليقين والعلم تشهد على من تلبس بعبادة الطاغوت بالكفر والشرك، وهذا لا يكون أيضاً إلا في حق المعلوم،

← فلا يُعقل ثانيةً أن تشهد على شخص لا تعرفه أنه من جملة عبيد الطاغوت يقينا قطعاً بعلمٍ جازمٍ وصدق قاطع..

◄وبنفس اليقين تشهد بالبراءة من العبادة التي يصرفها العابد للمعبود( = الطاغوت )، وهذا لا يكون للمرة الثالثة إلا في حق عبادة معلومة ومعلوم لمن صُرفت،

←إذ لا يُعقل ثالثة أن تشهد بعلم جازم ويقين قاطع أنك برئ من عبادة شخص مجهول!، لا تعرف أصلاً أي عبادة يصرفها ولا نوعها ولا لمن صرفها، بل ولا تعرف أي طاغوتٍ يعبد،

◄ وإلا فنحن نسأل هذا الشخص الذي أكفر المجهول شاهداً عليه بيقين أنه عابد للطاغوت ..
← 1- ما هي العبادة التى صرفها هذا المجهول لغير الله والتي تبرأت أنت منها .. هل هي الدعاء أم الذبح أم التحاكم ؟

← 2- وما هو الطاغوت الذي يعبده هذا المجهول ..هل طاغوت القبور أم طاغوت القصور أم ماذا ؟

← 3- ومتى صرف هذه العبادة لغير الله هل اليوم أم أمس أم متى؟

فإن لم يجيب بيقين قاطع وعلم جازم فهو كاذب في شهادته ، ولا تصح شهادته هذه ، ولا هي داخلة في معنى لا إله إلا الله..

← 4- بل نسأله هل هناك احتمال أن هذا المجهول مسلم ولا نعرفه؟ ، فبالتأكيد سيقول نعم ، وهذا مما لم تختلف عليه الفرق المعاصرة جميعاً، فالجميع ( يقر) أنه يُحتمل أن يكون مسلم ولا نعرفه ..

← 5- وهنا نسأل كيف تقر ( = أي تشهد ) باحتمالية تحقيقه للإسلام ، ثم تقر ( وتشهد ) باليقين والقطع بأنه كافر غير محقق للإسلام بل هو عابد للطاغوت ؟!

◄ فما أفسدها من شهادة ، وما يجب إلا بطلانها وردها على صاحبها،

◄ فهذا كمن شهد أمام القاضي أن فلانا هذا قتل يقينا قطعا جزماً ، ثم يقول وهناك احتمال أنه لم يقتل !..
أرأيت شهادة أفسد من هذه ؟!..
◄ فكيف تشهد يقينا قطعا أنه قتل وكيف يحتمل عندك أنه لم يقتل؟..والاحتمال واليقين متضادان، فهل تجتمع الأضداد؟!

◄ ◄ ولا مفر أمام كل عاقل منصف إلا أن يعترف أن الشهادة على مجهول الحال هي من ضرب الشهادات الظنية لا اليقينية القطعية ،
وهذا الاعتراف في حد ذاته ما هو إلا اعتراف منه أن المسألة برمتها خارجة عن أصل الدين !
لأنه لما ثبت لدينا بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة أن الشهادة التي هي من أصل الدين هي شهادة ( العلم واليقين والصدق = شروط لا إله إلا الله المجمع عليهم ) ، فقد ثبت أيضا أن أي شهادة دون ذلك ستكون حتما ولابد خارجة عن أصل الدين .
◄فقد أخرج الشارع الشهادات الظنية أو القائمة على الشك أو حتى على غلبة الظن من أصل الدين عندما اعتبر أن الشهادة الوحيدة التي يتحقق بها أصل الدين (لا إله إلا الله) هي شهادة العلم واليقين الجازم،
فشهادتك اليقينية على فلان أنه طاغوت المبنية على العلم واليقين هي الداخلة في الأصل، أما شهادتك على فلان المجهول انه طاغوت ويحتمل أن لا يكون ( طاغوت ) ، أو أنه مشرك ويحتمل ألا يكون مشركاً ... فهذا ضرب من الشهادات الظنية التي تخرج عن الأصل ، إذ الشهادة المتعلقة بالأصل كما قدمنا شهادة الـ ( علم + واليقين + والصدق ) .

◄ ◄ فالعلم مراتب أربع :
1- علم مبني على (اليقين).
2- وعلم مبني على (غلبة الظن).
3- وعلم مبني على ( الظن أو الشك).
4-وعلم مبني على ( الوهم) وهو أفسد العلوم .

◄ يقول الشنقيطي :"مراتب العلم أربع وهي: الظن الفاسد، وغلبة الظن، واليقين، والشك". شرح زاد المستنقع .

← فالعلم المتعلق بلا إله إلا الله هو النوع الأول من العلوم هو العلم اليقيني قال تعالى :"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ "،
أما بقية العلوم فهي خارجة عن الأصل وإن حصَّلها الإنسان بالظن أو حتى بغلبة الظن ..

← فإن كانت الشهادة بغلبة الظن من أصل الدين ، فهل من شهد على المشركين عابدي الأصنام بالكفر لكن بغلبة الظن تصح شهادته؟..أو هل تفيده حتى في شئ ؟ وهل يفيده علمه هذا ؟..أم أننا نقول له إن شهادتك وعلمك هذا لا يتحقق لك به أصل الدين حتى وإن اتفقت معنا في الحكم بتكفير فاعلي الشرك ..
◄ فكل شهادة ثبتت بغلبة الظن تخرج عن أصلنا ولا نعتبرها إلا فيما دون الأصل ..

◄ ◄وقد استدللنا على هذا بأقوى دليل وهو ( شهادة أن لا إله إلا الله ) وهي دليلنا على ما قدمتُ عاليه، بل وهو أكبر دليلٍ على من خالفنا .

◄ ◄ يقول الزركشي رحمه الله :"الِاسْتِقْرَاءُ وَهُوَ تَصَفُّحُ أُمُورٍ جُزْئِيَّةٍ لِيَحْكُمَ بِحُكْمِهَا عَلَى أَمْرٍ يَشْمَلُ تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ . وَيَنْقَسِمُ إلَى : تَامٍّ ، وَنَاقِصٍ .
فَالتَّامُّ : إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي جُزْئِيٍّ لِثُبُوتِهِ فِي الْكُلِّيِّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ .وَهُوَ حُجَّةٌ بِلَا خِلَافٍ .
وَمِثَالُهُ : كُلُّ صَلَاةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَفْرُوضَةً أَوْ نَافِلَةً ، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَعَ الطَّهَارَةِ . فَكُلُّ صَلَاةٍ فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَعَ طَهَارَةٍ . وَهُوَ يُفِيدُ الْقَطْعَ ، لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ شَيْءٍ عَلَى التَّفْصِيلِ فَهُوَ لَا مَحَالَةَ ثَابِتٌ لِكُلِّ أَفْرَادِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ .
وَالاستقراء النَّاقِصُ : إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي كُلِّيٍّ لِثُبُوتِهِ فِي أَكْثَرِ جُزْئِيَّاتِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى جَامِعٍ .
وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِ ( الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ ).
وَهَذَا النَّوْعُ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُفِيدُ الظَّنَّ الْغَالِبَ ، وَلَا يُفِيدُ الْقَطْعَ .
لِاحْتِمَالِ تَخَلُّفِ بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ عَنْ الْحُكْمِ ، كَمَا يُقَالُ : التِّمْسَاحُ يُحَرِّكُ الْفَكَّ الْأَعْلَى عِنْدَ الْمَضْغِ .
فَإِنَّهُ يُخَالِفُ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ فِي تَحْرِيكِهَا الْأَسْفَلَ .
وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمْنَا اتِّصَافَ أَغْلَبِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ وَصْفَهُمْ بِالْكُفْرِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّ جَمِيعَ مَنْ نُشَاهِدُهُ مِنْهُمْ كَذَلك ".اهـ البحر المحيط .

◄ ◄ فتأمل يا طالب الهدى قول الزركشي رحمه الله في أخر كلامه :"وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمْنَا اتِّصَافَ أَغْلَبِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ وَصْفَهُمْ بِالْكُفْرِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّ جَمِيعَ مَنْ نُشَاهِدُهُ مِنْهُمْ كَذَلك ".اهـ

← فقد أعتبر رحمه الله الشهادة والحكم على مجهول الحال من الشهادات بغالب الظن، ولم يجعلها من باب العلوم القطعية اليقينية كعلمك وشهادتك أن الله واحد باليقين لا بغلبة الظن ..وكشهادتك على كفر الطاغوت باليقين لا بغالب الظن ..
←فغالب الظن لا يفيدك هنا ولا يتحقق لك به أصل الديانة كما قدمنا أن الشهادات اليقينية هي المعتبرة في الأصل وما دونها فهو دون الأصل ..

◄ ◄ وهاهنا لافتة مهمة جدا لمن تأملها وهي أن الزركشي رحمه الله عندما حكم على المجهول بغالب الظن، وأدرج هذه الحكم تحت باب الاستقراء الناقص لا الاستقراء التام ..وهنا اللافتة ..هل عندما أدرج الزركشي رحمه الله الحكم على المجهول بغالب الظن تحت باب الاستقراء الناقص غير التام هل كان ذلك منه حكماً فقهياً أم حكماً عقائدياً ؟

← واترك الجواب للزركشي ذاته على هذا السؤال ..!!

◄ ◄ حيث يقول رحمه الله :"وَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : " (الاستقراء) التَّامُّ يَصْلُحُ لِلْقَطْعِيَّاتِ، وَ (الاستقراء) غَيْرُ التَّامِّ لَا يُصْلَحُ إلَّا لِلْفِقْهِيَّاتِ ، لِأَنَّهُ مَهْمَا وُجِدَ الْأَكْثَرُ عَلَى نَمَطٍ ، غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْآخَرَ كَذَلِكَ ."اهـ البحر المحيط .

← والحاصل أن الحكم على مجهول الحال في دار الكفر يندرج تحت الاستقراء الناقص الذي لا يصلح إلا في الفقهيات لا العقائديات كما نقل الزركشي! ...

◄ فهل الفقهيات صارت من أصل الدين في أخر الزمان يا طالب الحق المؤثر للنجا ؟

◄وهل الفقهيات التى لا يفقهها إلا الفقهاء! صارت عند مخالفونا مما لا يصح إيمان المرء إلا به ؟!

يا رب نستعيذ بك من الغلو والتشريع في دينك بالهوى ..

◄ ◄ ومن هنا كان حكم التبعية ضعيف جدا، بل في غاية الضعف، كونه خارج عن الأصل متعلق بالشهادات الظنية ،
وقد قرر جمعٌ غفير من العلماء ضعف هذا الحكم و ظنيته !

◄ 1- قال الإمام أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي : «تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ» ا.هـ. كتاب فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب.

◄ 2- وقال أيضاً في كتاب الغرر البهية شرح البهجة الوردية.: « فَإِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ حَكَمَ بِكُفْرِهِ وَارْتَفَعَ مَا كُنَّا ظَنَنَّاهُ إذْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى»ا.هـ

  3- وجاء في فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب:« فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ تَبَيَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ»ا.هـ.


◄ 4- جاء في الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع: «تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ»ا.هـ.

◄ 5- وجاء في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج : «(وَ) تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَحِينَئِذٍ (مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ)؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسْلِمِ النَّسَبُ (وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ) وَارْتَفَعَ مَا ظَنَنَّاهُ مِنْ إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ حُكْمٌ بِالْيَدِ، وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْ الْيَدِ الْمُجَرَّدَةِ»ا.هـ.

◄ 6- وقال البجيرمي في كتاب تحفة الحبيب على شرح الخطيب:« تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ»ا.هـ

◄◄ قلتُ : وأنت كما ترى يا من تطلب الهدى تقديم العلماء للحكم بالسيما على الحكم بالتبعية، وتعليلهم لهذا أن تبعية الدار ضعيفة ، بل وصفها الغزالي رحمه الله بأنها في غاية الضعف..
◄والتوصيف هنا عائد على نفس ذات الأحكام ..فليتنبه القارئ!

← فهل يقال عن أحكام أصل الدين أنها في غاية الضعف ؟!!!

← وما حكم من يصف أحكام أصل الدين أنها في غاية الضعف؟!

فيا للعقول أين ذهبت، ويا للأفهام كيف جهلت :"شهادة الحق واليقين لا إله إلا رب العالمين ".

◄ ◄ وقد يسأل سائل ما سر تضعيف العلماء لحكم التبعية ؟؟؟

← وللجواب أقول: لأن هذا الحكم ( أعني حكم التبعية ) أتى بطريق الاستصحاب ، فمثلا الماء الذي علمنا طهارته يجوز استخدامه لدليل الطهارة ، والماء الذي علمنا فيه النجاسة أنزلنا عليه دليل المنع ، لكن الماء الذي لا نعلم طهارته من نجاسته وجهلنا حاله فما حكمه ؟ هنا يُعمل بدليل الاستصحاب للأصل ..وهذه هي عين مسألتنا .. استصحاب الأصل في الدار أو في الناس ( إما بكفر أو إسلام) لمجهول الحال .....إلا أن العمل بدليل الاستصحاب من أضعف ما يكون ..!!!...لذا قالوا بضعف حكم التبعية كونه مبني على دليل الاستصحاب ..ودليل الاستصحاب أصلاً ضعيف واهي ..

◄ 1- يقول بن القيم : "ومعلوم أن شهادة العدل رجلا كان أو امرأة أقوى من استصحاب الحال فإن استصحاب الحال من أضعف البينات". اهـ إعلام الموقعين.

◄ 2-يقول الإمام الأنباري : "اعلم أن استصحاب الحال من الأدلة المعتبرة …… واستصحاب الحال من أضعف الأدلة".اهـ كتاب الاعتراضات النحوية في منار الوقف و الابتداء.

◄ 3- يقول ابن تيمية: "التمسك بمجرد استصحاب حال العدم اضعف الادلة مطلقا" . اهـ مجموع الفتاوى .

◄ 4- يقول الشوكاني : "إن المفتي إذا سُئل عن حادثة يطلب حكمها في الكتاب ثم في السنة في الإجماع ثم في القياس فان لم يجده فيأخذ حكمها من استصحاب الحال" . اهـ كتاب إرشاد الفحول .

← وعليه أقول إن استصحاب حكم الدار لمجهول الدين أو استصحاب حكم الأبوين للطفل من أضعف ما يكون ..ولعل هذا التوافق بين ضعف دليل الاستصحاب وبين وصف العلماء تبعية الدار بالضعف يوضح لنا سر توصيفهم لأحكام التبعية بالضعف.

← فكما قال الشوكاني أنه لا يصار إلى الاستصحاب إلا بعد ألا نجد دليلا من الكتاب، ثم لا نجد دليلا من السنة ، ثم لا نجد دليلا بالقياس ، حينها فقط نعمل بالاستصحاب ! ، وهذا سر ضعف حكم التبعية للدار كونه عمل بالاستصحاب ..!!

◄ والحاصل أن جعل أحكام التبعية مناطاً للكفر القطعي والإيمان القطعي لهو أكبر برهان على جهل القوم بحقيقة الإيمان والشرك ، بل والجهل بأصل الدين أصلاً! ، فإن كان مجهول الحال في دار الكفر كافر قطعًا لتبعيته لدار الكفر ، فما حكم هذا المجهول لو دخل دار الإسلام ؟
← إن قالوا هو مسلم قطعاً بالتبعية ..فكيف صار كافراً قطعاً ثم مسلماً قطعاً؟!
← فهل دخول دار الإسلام إسلام ؟
← وهل دخول دار الإسلام توبة من الكفر المخرج من الملة؟!
← وهب أن مجهول حال في دار الإسلام دخل دار الكفر هل يصير كافراً قطعاً لتبعيته للدار؟!
← فهل الخروج من دار الإسلام إلى دار الكفر هو كفر قطعي ؟!!

نسأل الله حسن الفهم وسلامة العقل .

(((((  شبهات وردود ))))) : ..

◄◄ ◄الشبهة الأولى :-

← وهي بخصوص كلام بعضهم أن حكم التبعية معلوم من الدين بالضرورة ..

←فأقول رداً على هذه الشبهة  أن الدين ينقسم إلى أربعة مراتب ..

◄ المرتبة الأولى :- أصل الدين، وهذه لا عذر فيها بالجهل ويكفر ناقضها قبل وبعد الحجة.

◄ المرتبة الثانية :- أصول الشرائع، ويندرج تحتها المعلوم من الدين بالضرورة والمتواتر ومواضع الإجماع ،وهذه لا يكفر المخالف لها إلا بعد قيام الحجة إن كان في عدم مظنة علم.

◄ المرتبة الثالثة :- أصول الاعتقاد ، ويندرج تحتها بعض مسائل الاعتقاد التى ثبتت بطريق الظن كمسألة رؤية الله في الآخرة وهذه لا يُكفر مخالفها ولكن يأثم ويُفسق.

◄ المرتبة الرابعة :- فروع الشريعة ومسائل الفقه ، والمخالف هنا لا يكفر ، بل وإن اجتهد وأخطأ فله أجر إن كان من أرباب الاجتهاد .

← فإن لم تكن أحكام التبعية من أصل الدين كما قررنا ماهية أصل الدين ووجوب خروج الشهادات الظنية منه،،، فتحت أي قسم يندرج حكم التبعية ؟

هل تحت المرتبة الثانية أم الثالثة أم الرابعة ؟

◄ والجواب كما قدمنا من كلام الزركشي أن الاستقراء الناقص الذي أدرج فيه العلماء مسألتنا هو من الفقهيات ، وهذا إن دل على شئ فيدل على أن أحكام التبعية من المسائل التى لا يكفر مخالفها بعد الحجة ، بل هي من جملة مسائل الفقه ..
وتأمل كلام العلماء في توصيفهم حكم التبعية بالضعف ،،،

◄فهل المعلوم من الدين ضرورة يتصف بالضعف ؟

ثم تأمل كلام العلماء في دليل الاستصحاب في أنه في غاية الضعف، لأننا لا نعمل به إلا عندما لا نجد دليلاً قاطعا لا من كتاب ولا من سنة ولا من إجماع ..

◄فهل يقال في المعلوم من الدين بالضرورة أنه لا دليل عليه إلا الاستصحاب ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا حتى إجماع ؟!

◄ ◄ وعلى أية حالة إن سلمنا جدلاً معهم أن حكم التبعية من المعلوم من الدين بالضرورة، فهذا يفيد أيضاً عدم كفر المتوقف في مجهول الحال!؛ لأن ما علمته بعد دخولك الدين بالضرورة لا يثبت إلا بالخبر المحض القاطع، ومثل هذا لا يكفر منكره إن كان في مظنة جهل .. ولا يختلف اثنان الآن أننا في زمن مظنة الجهل الطافح ، رُفع فيه العلم ، وانقرضت فيه العلماء، وانطمست فيه معالم الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

◄ ◄ ◄ الشبهة الثانية :-

وهي حجة بعضهم في الاستدلال بهدى الرسول صلى الله عليه وسلم في الحكم على مجهول الحال بالكفر ! ..

◄ وللجواب عن هذه أقول:-

أن أفعال الرسول تنقسم إلى :

• أ- أفعال بحكم الطبيعة والجبلة : وهذه لا يشرع التأسي بها .

• ب- أفعال بحكم الشرع والوحي : وأقسامها :

☼ 1-  أفعال واجبة : ومخالفها كافر (إذا كانت من أصل الدين أو من إنكار المعلوم من الدين بالضرورة بعد الخبر في مظنة علم) ، وفاسق ( إذا كانت من غيره كسنن الاعتقاد).

☼ 2-  أفعال مستحبة : ومخالفها مكروه فعله غير آثم.

◄ وبناء على هذا التفصيل فلا يجوز حمل فعل الرسول على أحد هذه الأقسام إلا بدليلٍ خاص أو بقرينة ، وعليه : نقول مخالفة فعل الرسول هي خطأ بوجه عام ، ودرجة الخطأ وحكم المخطئ تكون بقدر هذا الخطأ ، وبحسب قوة الدليل المخالف له، هل هو ..
1_قطعي الثبوت قطعي الدلالة .
أم ..
2_قطعي الثبوت ظني الدلالة .
أم ..
2_ظني الثبوت قطعي الدلالة.
أم ..
4_ظني الثبوت ظني الدلالة .

◄ فنصوص التبعية (بالجملة) ليست قطعية الثبوت والدلالة، بل هي في غاية الضعف كما قدّمنا، وليست أحكامها من المعلوم من الدين بالضرورة أو متواترة ومنتشرة , وليست مجمعاً على تفاصيلها بين علماء المسلمين , كما أنها أقل قوة ودرجة من الحكم بالنص أو الدلالة، ويلغى حكمها عند وجود أحدهما مما يجعل اتجاه المتوقفين إلى حكم النص والدلالة له وجاهته. فهم يريدون الحكم الظاهري اليقيني وليس الظاهري الظني، وإن كان هذا مخالف للصواب في المسألة ، إلا أنه من الخطأ أيضاً أن يُقال بتكفيرهم حتى ولو بعد الحجة، فهذا يقال في شأن قواطع الشريعة وأصولها، وليس في مسائل الاستقراء الناقص التي هي من جملة الفقهيات كما قدّمنا من كلام الزركشي، فلكل مقامٍ مقال ..

◄ ◄ ◄وأختم : بأسئلة وإيرادات عملية ..

◄ 1 - كيف علم المخالف أن مجهول الحال لم يكفر بالطاغوت قطعاً ؟! هل لمجرد إقامته في دار الكفر؟ وهل مجرد الإقامة في دار الكفر كفر؟

◄ 2- كيف علم المخالف أن أطفال المشركين لم يكفروا بالطاغوت قطعاً؟ هل لمجرد ولادتهم لأبوين مشركين أم ماذا ؟!

← وإن كان لمجرد الولادة! ..فماذا يقولون في خلاف أهل العلم فيمن ولد لأبوين مشركين وجده مسلم ؟ ..فأين دليل التخصيص على أن هذه الحالة استثناء من أصل الدين عندهم وهو (الولادة لأبوين مشركين!) ، بالرغم من اشتراك هذه الحالة في نفس مناط الحكم عندهم وهو الولادة لأبوين مشركين ؟!

◄ 4- هل يستوي من عبد غير الله مع من لم نعرف عنه شئ ؟! وإن كان ذلك كذلك فما فائدة دعوة الناس إلى العبادة وترك الشرك ..فلتكن دعوتكم إلى تكفير كل من لا تعرفونه إذ لا فرق ساعتئذ بعابدٍ لغير الله وبين من لا نعرف حاله !!..وساعتها لا فائدة من شرح العبادة ومعنى الشرك وصنوفه وأنواع العبادة..فالجميع كافر من عبد ومن لم يعبد !!

◄ ◄ 5- هب أن مسلماً زوجته منتقبة ، دخل هو وزوجته (سنتر) كبير ، واختلطت زوجته بمجموعة من النساء المنتقبات بحيث لم يعد له قدرة على تمييزها من وسطهم ! ، فكيف سيكون حكمه على هذه المجموعة من النساء ؟! ، هل سيحكم عليهم بالكفر القطعي بحكم التبعية فرداً فرداً بما فيهم زوجته ؟! ، وهل إن شك في واحدةٍ منهم أنها زوجته لكبير الشبه القائم بينها وبين زوجته هل يكفر بذلك كونه شك في كفر الكافر المقطوع بكفره ؟! وهل بذلك صارت زوجته مرتدة؟! ، وما هو الكفر الذي فعلته ؟! ، وما هو مناط هذا الكفر ؟!، وهل انفسخ عقد النكاح الذي بينهم ؟! ، وكيف تدخل الإسلام ؟ ! ، وهل سيعقد عليها من جديدٍ إذا أسلمت؟!!


◄ هذا ما عندي من جوابٍ ، وهو موجز مختصر عمّا سألني عنه إخوة لي في الإيمان،

علماً بأني ما كتبته إلا لبيان الحق الذي أدين الله به،

 ◄ ◄ ◄وليس للرد عليه، أو أن أدخل به في نظار وجدال،

فالوقت ضيق، والجدال حباله لا تنتهي ..

و جزاكم الله خيراً،

وصلِّ اللهمّ على محمد الآمين، وصحبه والآل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،

وارضَ اللهم عنهم، وألحقنا بهم في الصابرين المتقين.

آمين آمين آمين .

كتبه: شمس الدين المصري .

1/11/2013م
27/12/1434هـ

الرد الوافر في مناقشة المخالفين في قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر

$
0
0

الرد الوافر في مناقشة المخالفين في قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر

هذه مناقشة قاعدة _من لم يكفر الكافر فهو كافر _ والرد على شبهات المخالفين لهذه القاعدة ..وقد جعلت المناقشة على قسمين رد إجمالي ورد تفصيلي أرجوا من الله أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل إنه ولى ذلك والقادر عليه.

أولاً الرد الإجمالي :

قال علماء الجاهلية من الصوفية وأدعياء السلفية أن هذه القاعدة من اجتهاد العلماء ومعلوم أن المخالف لاجتهاد العلماء لا يُفسّق فضلاً عن يُكفّر فتكفيركم لجهال المسلمين جرمٌ كبير فكيف بمن لم يكفّرهم.

نقول وبالله التوفيق والسداد:

قولكم أن هذه القاعدة من اجتهاد العلماء جهلٌ فاضح وإسفافٌ واضح فأرجعوا إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم لكي تعلموا قدر أنفسكم وأنكم للإسلام لجاهلون وعن الملة لمفارقون ، هذه القاعدة أو هذا الناقض قام على نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة فإنكارها من الجهالة فكون المسلمون يجهلونها من الاستحالة قال تعالى:

1/ قوله تعالى ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد أستمسك بالعروة الوثقي) وجه الدلالة من هذه الآية أنه لايدخل العبد في الإسلام إلا بتحقيق أمرين وهما :
أ/ الكفر بالطاغوت وهو معني (لا اله ).
ب/ الإيمان بالله وهو معني (إلا الله).
فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله ولم يدخل الإسلام ،والكفر بالطاغوت هو تكفيره وتكفير عابديه وهذا النص القرآني يدل على هذه القاعدة دلالة مطابقة وهي دلالة النص على كل معناه.

2/ قوله تعالى (أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) وجه الدلالة من الآية أن الله عز وجل أمر باجتناب الطاغوت والإجتناب المطلوب هو ليس الإجتناب المطلق بل هو إجتناب عبادته ودليلُ ذلك قوله تعالى ( والذين أجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وآنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد) أي الذين أجتنبوا عبادة الطاغوت، والإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له، فكل من لم يوحد الله فهو مشرك والشرك ضد التوحيد والإسلام صفة مكتسبة والأصل في الصفات المكتسبة العدم.

3/ قوله تعالى على لسان نبيه إمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام وأتباعه مخاطبين قومهم ( إن براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبداء بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) وجه الدلالة من الآية:

أ/ قوله ( إنا براء منكم) والبراءة من المشركين هي تكفيرهم وهي ملة إبراهيم فقدم البراءة من المشركين على البراءة من أفعالهم فإذا عقلت ذلك تبيّن لك جهل ومخالفة أدعياء السلفية ومشاقتهم لأمر ربهم بقوله نكفّر الفعل ولا نكفَر الفاعل فيا ترى كيف يكفّرون الفعل والفعل هو المُكفر وليس الكافر!!

ب/ قوله (كفرنا بكم) قول واضح وبيان ساطع لا يتأوله إلا محرفاً للكلم عن مواضعه وتأمل يرحمك الله قوله تعالى وقولهم لا نكفر بكم بل بفعلكم رحمة بكم وعلماً بجهلكم.. فنسألكم أأنتم أعلم أم الله !! أأنتم أرحم أم الله !!

فإن أردتم مزيد بيان تأملوا في قول نبيكم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي قال المجتبى المصطفى:
1/ (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به) رواه مسلم في صحيحه، وجه الدلالة من النص النبوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يقاتل المشركين حتى يوحدوا الله ويؤمنوا بما جاء به صلى الله عليه وسلم وأول ما بُعث به البراءة من المشركين وتكفيرهم وتسفيه أحلامهم قال تعالى ( قل ياأيها الكافرون ...) فعصمة الدم لا تكون إلا بتكفير المشركين البراءة منهم فيخرج من مدلول الحديث كل من تلفظ بلاإله إلا الله ولم يؤمن بكل ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يؤمن بالتوحيد الذي هو أصل دعوته وكيف يكون الإنسان مؤمناً بشئ وهو جاهلٌ به.

2/ قوله صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ) رواه مسلم في صحيحه، فوجه الدلالة إشتراط النبي صلى الله عليه وسلم لعصمة الدم والمال الكفر بما يُعبد من دون الله وهو الكفر بالطاغوت كما أسلفت فيخرج من مدلول الحديث كل من تلفظ بلا إله إلا الله ولم يكفر بما يُعبد من دون الله.

هذه هي النصوص البينة الواضحة الساطعة القاطعة لكل شيهة والشافية لكل صاحب شكٍ وريبة في أصل الدين الذي هو تكفير المشركين والبراءة منهم، فكل ما يورده المشركين من شبهات لا تقوى أن تقف أمام هذه البراهين التي تقطع دابرهم وتقصم ظهورهم.

ثانياً الرد التفصيلي:-

هذه هو الرد التفصيلي على شبهات المخالفين عباد الطواغيت والسلاطين .

الشبهة الأولى :-

قالوا : أن هذاالقاعدة تتعلق بالكافر الأصلي، أي الذي لا يقر بشهادة [لا إله إلا الله محمد رسول الله]. وأن من أقر بهذه الشهادة لا يطبق في حقه هذا الناقض.

نقول وبالله التوفيق والسداد:

أولاً:

خصصتم إعمال هذه الناقض في كفرة اليهود النصارى بدون مخصص وهذا حق لله تعالى، وكل دعوى مردودة على صاحبها حتى يثبتها بالبرهان فإنما تثبت الدعوى بالبرهان لا بالأوهام.

ثانياً:

كيف يكون فعل شئ ما أو تركه كفرٌ في حق إنسان دون آخر ، ونسبة ذلك إلى الله ظلمٌ وجهل كبير فأفعال وأقوال الكفر الصريح لا يُعذر فيها عبد دون عبد قال تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (إن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين).

ثالثاً:

من يقر بشهادة التوحيد ويأتي بما يناقضها لا ينفعه إقراره فاليهود عليهم لعائن الله كانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له ( نشهد أنك لرسول الله ) فيقول لهم : فلم لا تتبعوني؟؟ فلم يحكم بإسلامهم بإقرارهم ولم يفرق بينهم وبين غيرهم من حيث تكفيرهم والبراءة منهم.

رابعاً:

إن صدقتم فيما قلتم وكفرتم من لم يكفر اليهودي والنصراني سألناكم : ما مناط كفره فماذا تجيبون ؟؟ إن قلتم لأنه كذب الله قلنا: وكذلك من لم يكفّر المشرك، فإن قلتم لأنه والاه أعداء الله قلنا: وكذلك المشرك عدوٌ لله ومن لم يكفره فقد والاه فالحكم بالإسلام ولاء والحكم بالكفر براء.

الشبهة الثانية:

قالوا: أختلف الصحابة رضي الله عنهم في مانعي الزكاة فهذا عمر بن الخطاب يخالف أبي بكر عندما قرر مقاتلة مانعي الزكاة ولم يثبت تكفير عمر لأبي بكر.

نقول وبالله التوفيق والسداد:

أولاً :

الحجة في قول الله عز وجل وقول رسوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح ( تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لم تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي) فأين تذهبون بالنصوص الورادة في هذا الشأن ياعبدة الأوثان.

ثانياً :

ثبتوا العرش ثم أنقشوا أثبتوا لنا أولاً أن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اختلفوا في تكفير مانعي الزكاة لم تجدوا إلى ذلك سبيلاً بل الخلاف كان في قتالهم ودليل ذلك قول عمر لأبي بكر كيف تقاتل أناس يقولون لا إلا الا الله ... ويرد عليه أبي بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فكلامهم رضي الله عنهم يدور حول القتال.

ثالثاً:

لو افترضنا أنهم كانوا مختلفين في تكفير الطائفة الممتنعة فيكون نوع هذا الكفر من الكفر المخُتلف فيه أو الذي تنازع فيه حكمه دليلان كخلاف العلماء في حكم تارك الصلاة كسلاً وكخلافهم في القائلين بخلق القرآن وغير ذلك من المسائل التي لا ينطبق إعمال هذه القاعدة عليها.

الشبهة الثالثة:

قالوا : أختلف الصحابة في تكفير المنافقين وقد ذكر الله ذلك في ذكره الحكيم فقال: ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم) ولم يكفر الذين ذهبوا إلى تكفير المنافقين الذين لم يكفروهم .

نقول وبالله التوفيق والسداد :

إن لم تستحوا فافعلوا ما شئتم وصدق من قال:

إذا رأيت الهوى في أمةً حكماً *** فأحكم هنالك بأن العقل قد ذهبا

ألا تستحيون ألا تتفكرون ألا تعقلون !!

هل أختلف الصحابة في تكفير المنافقين وجميعهم يعلمون أنهم منافقون ناقضون لأصل الدين قبول الأحكام والقوانين من رب العالمين!! كلا وألف كلا ..

خلاف الصحابة في المنافقين خلاف في قواعد الإثبات وليس خلاف في كفر الكافر، الذين أعذروهم جهلوا حالهم وهو كونهم منافقين فحكموا عليهم بظاهرهم وهو الإسلام والذين كفروهم علموا منهم ما يناقض الإسلام فهل فهمتم الآن فيما كان الخلاف !! والله المستعان على ما تصفون والحمد لله رب العالمين ..

حكم الذين سألوا موسى إلها كإله المشركين

$
0
0
بواسطة محمد عبد الرحمان وخطاب
إستدل بعض الجهمية بآية وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)
هذا تفسير للآية من تفسير أبو حيان الأندلسي يوضح الأمر ويصرح بحكمهم وينقل عن أبن عطية الأندلسي صاحب التفسير المشهور بإبن عطية طلبهم يريدون آلهاً يعبدونه مع الله

( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) الظاهر أن طلب مثل هذا كفر وارتداد وعناد ، جروا في ذلك على عادتهم في تعنتهم على أنبيائهم وطلبهم ما لا ينبغي ، وقد تقدم من كلامهم ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) وغير ذلك مما هو كفر ، وقال ابن عطية : [ ص: 378 ] الظاهر أنهم استحسنوا ما رأوا من آلهة أولئك القوم فأرادوا أن يكون ذلك في شرع موسى وفي جملة ما يتقرب به إلى الله تعالى ، وإلا فبعيد أن يقولوا لموسى ( اجعل لنا إلها ) نفرده بالعبادة . انتهى وفي الحديث : مروا في غزوة حنين على روح سدرة خضراء عظيمة ، فقيل : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط . وكانت ذات أنواط سرحة لبعض المشركين يعلقون بها أسلحتهم ، ولها يوم يجتمعون إليها ، فأراد قائل ذلك أن يشرع الرسول ذلك في الإسلام ، ورأى الرسول - عليه السلام - ذلك ذريعة إلى عبادة تلك السرحة فأنكره ، وقال : الله أكبر قلتم والله كما قال بنو إسرائيل .

( اجعل لنا إلها ) خالقا مدبرا ؛ لأن الذي يجعله موسى لا يمكن أن يجعله خالقا للعالم ومدبرا ، فالأقرب أنهم طلبوا أن يعين لهم تماثيل وصورا ، يتقربون بعبادتها إلى الله تعالى ، وقد حكي عن عبادة الأوثان قولهم : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) وأجمع كل الأنبياء عليهم السلام على أن عبادة غير الله كفر سواء اعتقد كونه إلها للعالم ، أو أن عبادته تقرب إلى الله . انتهى . ويظهر أن ذلك لم يصدر من جميعهم فإنه كان فيهم السبعون المختارون ، ومن لا يصدر منه هذا السؤال الباطل لكنه نسب ذلك إلى بني إسرائيل لما وقع من بعضهم على عادة العرب في ذلك و "ما "في "كما " . قال الزمخشري : كافة للكاف ولذلك وقعت الجملة بعدها ، وقال غيره : موصولة حرفية ، أي : كما ثبت لهم آلهة فتكون قد حذف صلتها على حد ما قال ابن مالك في أنه إذا حذفت صلة ما فلا بد من إبقاء معمولها كقولهم : لا أكلمك ما إن في السماء نجما ، أي : ما ثبت أن في السماء نجما ، ويكون آلهة فاعلا يثبت المحذوفة ، وقيل : موصولة اسمية ولهم صلتها والضمير عائد عليها مستكن في المجرور ، والتقدير : كالذي لهم وآلهة بدل من ذلك الضمير المستكن .

( قال إنكم قوم تجهلون ) تعجب موسى - عليه السلام - من قولهم على أثر ما رأوا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة ، ووصفهم بالجهل المطلق وأكده بإن ؛ لأنه لا جهل أعظم من هذه المقالة ، ولا أشنع وأتى بلفظ ( تجهلون ) ولم يقل جهلتم إشعارا بأن ذلك منهم كالطبع والغريزة لا ينتقلون عنه في ماض ولا مستقبل .

إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون الإشارة بهؤلاء إلى العاكفين على عبادة الأصنام ، ومعنى متبر مهلك مدمر مكسر ، وأصله الكسر ، وقال الكلبي : مبطل ، وقال أبو اليسع : مضلل ، وقال السدي وابن زيد : مدمر رديء سيئ العاقبة وما هم فيه يعم جميع أحوالهم ، وبطل عملهم هو اضمحلاله بحيث لا ينتفع به وإن كان مقصودا به التقرب إلى الله تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
=============================================
تأملوا يرحمكم الله كيف صرح أبو حيان التوحيدي أن حديث ذان أنواط ونهي الرسول عن مشابهة الصحابة للمشركين كان سداً لذريعة وأن قولهم هذا أي الصحابة في حديث ذات أنواط ليس بشرك أكبر مخرج من الملة فأين الشرك الأكبر فيمن يعتقد في شجرة أن الله جعلها سبباً للبركة
وتأملوا قوله في قوله تعالي إن هؤلاء متبر ماهم فيه إلخ ففيه دليل علي عدم العذر بالجهل فهؤلاء لم يكن فيهم نبي حتي وحكم الله عليهم بضياع أعمالهم وسوء عاقبتهم
 


وجه إستدلالهم بقوله تعالى :

{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }

فيقولون نبي الله موسى عليه السلام قال للقوم (( قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ )) ولم يققل لهم (( إنكم قوم كافرون )) ولم يكفرهم ...!!!

قلتُ : فإن كان من قال من بني اسرائيل (( إجعل لنا الهاً )) جهلوا هذا بمعنى الجهل المنافي للعلم
إذن : فهم جهلوا ( لا اله الا الله ) فمتى كانوا مسلمين حتى يعذروا بالجهل إن كان هناك عذر ؟؟؟
فمن جهل أن إتخاذ الهاً مع الله شرك مناقض لـ ( لا اله الا الله ) فمتى حقق لا اله الا الله ؟
والسؤال لهؤلاء :
1- من قال ( أجعل لنا الهاً ) صنماً نعبده كما أن للمشركين الهة اصناماً يعبدونها هؤلاء متى دخلوا الإسلام ؟؟؟
متى تحقق لهم وصف الإسلام ؟؟؟
فلو قالوا هؤلاء تحقق لهم وصف الإسلام وهم يجهلون ( لا اله الا الله ) يلزمهم
أن يثبتوا لكفار قريش الذين قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وصف الإسلام !!
وإن قالوا لم يتحقق لهم وصف الإسلام ( إذن ) هم كفار اصليون يلزمهم
أن يعذروا الكفار الأصليون ويثبتوا لهم وصف الإسلام دون تحقيق لـ ( لا اله الا الله )

2- يلزمهم أن يردوا أيات الله المحكمات وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثال :

قوله تعالى
(( فمن يكفر باطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ))
فالله جل وعلا جعل الكفر بالطاغوت شرط في تحقيق الإستمساك بـ ( لا اله الا الله ) .
أما من يعذروا المشركين فقالوا لا بل ليس شرط !!!

وقوله تعالى :
(( فاعلم انه لا اله الا الله ))

وقول النبي صلى الله عليه سلم :
(( من مات وهو يعلم أنه لا اله الا الله دخل الجنة ))

وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ))
وفي لفظ :
(( من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمـه ))

وايات واحاديث كثيره لزمه ردها واعتقاد ما يناقضها ويضادها

3- يلزمهم الطعن في رسالة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام
حيث بمقولتهم هذه يتهمون نبي الله تعالى أنه لم يبين لهم الكفر بالطاغوت
ولم يبين لهم التوحيد والشرك
وهذا من أشنع الأقوال وأبطلها وأقبحها
حيث يكذبهم الله تعالى في قوله :

{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت}

فبين الله تعالى أن كل رسول بين لقومه ما الإيمان بالله وما هو الكفر بالطاغوت وكيف يجتنبوه

أما القول في قوله تعالى (( قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ )) .

ليس هو الجهل المنافي للعلم وإلا لزمهم ما ألزمناهم به اعلاه

فوصف الجهل في القرأن لا يطلق إلا على الكفار ويراد به إما التكذيب وإما الإعراض

مثل قوله تعالى في قوم لوط :
(( إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ))

وقوله تعالى في قوم هود :
(( ولكني أراكم قوما تجهلون ))

وقوله للنبي محمد صلى الله عليه وسلم :
(( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ))

وكما قال عمرو إبن كلثوم في معلقته :

أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا... فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا

بِاَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرُو بْنَ هِنْـدٍ... نَكُـوْنُ لِقَيْلِكُـمْ فِيْهَا قَطِيْنَـا

بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ... تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا

تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً... مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا

فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ... عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا

المعنى :
ألا لا يفتري أحد علينا الكذب فنفتري فوق افتراء المفترين

فالجهل يأتي ويراد كما بينت الإعراض والتكذيب وافتراء الكذب
إلا إذا اتت قرينة فتصرفه الى الجهل المنافي للعلم
مثل قوله تعالى :

(( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ))

وعليه فلا حجة لهؤلاء المشركين في استدلالهم

 

مختصر لمعرفة أصل دين الإسلام والحدود الفاصلة بين الإسلام والكفر

$
0
0

..من المعلوم أن الإنسان لكي يدخل في الإسلام لابد من أن يقوم ببعض الأمور التي تدل على دخوله في الإسلام ويعتبر مسلما.

الموضوع المهم هو كيف أصير مسلما :

كيف أصبح مسلما ..؟ ما هي الإعتقادات والأعمال والأقوال التي يجب عليّ فعلها حتى أكون من المسلمين ؟؟

وهذا سؤال مهم جدا ..
أولا تحتاج لمعرفة ما هو الإسلام ؟؟ ومن هو المسلم ؟؟

وأظنك تعرف أن الإسلام هو :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

فبالشهادتين تصير مسلما ثم تقوم ببقية العبادات المطلوبة منك. وهذا حق وصحيح.

ولكن هل تعرف معنى ما ستنطق به ، بل قل ما ستشهد به ؟؟

فتعال ننظر في معنى ما قلته ..
فإذا رغبت في الإسلام وتريد أن تشهد الشهادتين وعرفت معناهما ، وشهدت بذلك ستكون مسلما بإذن الله تعالى .. لك ما لهم وعليك ما عليهم.

 
قلنا أن الإسلام هو:

1- ( شهادة )

2- ( أن لا إله )

3-( إلا الله )

4- ( وشهادة أن محمدا رسول الله ).

لننظر في معنى قولك ( أشهد):

أنت هنا ستكون شاهدا بأنه لا إله إلا الله .. أي أنك ستشهد على نفسك وتقر بأنك عبد .. وبأن الله سبحانه وحده هو مولاك .. وأنه لا يوجد أي إله آخر تعبده وتطيعه وتتبع أوامره غير الله سبحانه .. أي أشهد أنه لا إله يستحق العبادة ( بالنسبة لي ولغيري ) إلا الله سبحانه وتعالى.

طيب فلابد إذا أردت أن تشهد هذه الشهادة العظيمة على نفسك بأن تكون عارفا لمعنى ما ستشهد به ..

فما معنى قولك : ( لا إله ) ؟

إنك هنا ترفض وتبطل وتتبرأ من جميع المعبودات من دون الله تعالى .. أي أنك تكفر بها وترفض شرعها الباطل ولا تتبعه ولا تقدم لها طقوسا تعبدية سواء كانت هذه الآلهة من البشر أو الحجر أو الجن أو غيرها ..

وطبعا هذه المعبودات الباطلة لها أشخاص يتبعونها ويحمونها ويعملون لها ويطيعونها ... فلابد من أن تتبرأ منهم أيضا ومن أفعالهم .. حيث لا ينفع أن ترفض وتتبرأ من المعبودات الباطلة ولا تتبرأ ممن يتبعونها ويعبدونها من دون الله سبحانه وتعالى .. لأنهم يناقضون المبدأ الذي أسست عليه دينك ويخالفونه، فهم ليسوا من أتباع هذا الدين الذي تريد الإنتساب إليه حتى يتعلموه ويطبقوه.

ومعنى تتبرأ منهم أي أنك ( تكفرهم وتعاديهم وتبغضهم ) كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه وأبيه .. راجع سورة الممتحنة الآية {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) وغيرها من الآيات عن ملة إبراهيم عليه السلام.

فكل من يتخذ من نفسه معبودا من دون الله تعالى أو يتبع معبودا غير الله تعالى فهو كافر غير مسلم وواجبك أن تتبرأ منه ومن أعماله الباطلة .. وتعاديه وتبغضه أشد البغض حتى ولو كان أقرب قريب .. وحتى ولو لم تكن بينك وبينه عداوة شخصية.

ولا تقل ليس لي به دخل .. لا .. لا ..!!

فإذا أردت أن تكون عبدا لله لابد من البراءة من المعبودات من دون الله كلها وممن يعبدها.

وهذا معنى قولك ( لا إله ) أنت تعلن رفضك وتركك وبراءتك وتكفيرك وعداوتك وبغضك لكل معبود من دون الله تعالى وممن يعبده أيضا ولو كان أقرب قريب أو صديق حميم.
 


ولكن ما هو معنى كلمة الإله ؟
لابد من معرفة معنى كلمة ( إله ) حتى تتبرأ من الإله الباطل !

الإله الباطل هو ( الطاغوت ) والطاغوت هو كل من يتجاوز حده من المخلوقات فيعبده الناس بمعنى الخضوع والطلب أو يتبعونه في شرع يضعه للناس مخالف لشرع الله.

فإذا اتبعت شخصا ما أو عادة ما أو قانونا ما ...مخالفا لما أذن الله تعالى فيه وشرعه
فذلك الشخص أو القانون قد اتخذته إلها من دون الله تعالى .. وقد عبدته من دون الله تعالى وأشركته مع الله سبحانه وتعالى .. ولم تعد عبدا موحدا مسلما لله وحده ..
بل أنت مشرك تعبد الله وتعبد معه غيره في جوانب أخرى من الحياة .. ولو ادّعيت ألف مرة أنك مسلم ومخلص وتتلفظ الشهادة ووو ...

وانظر لحياتك وحياة من معك من الناس ومن حولك .. وحاول أن تعرف الآلهة الباطلة التي يتبعها الناس من دون الله ويعبدونها في غير طاعة الله .. وتبرأ منهم جميعا ( لا إله )

أمثلة لبعض الأنواع من الآلهة الباطلة :

الأصنام
القباب والقبور المعبودة
الحكام والملوك الذين يحكمون بغير شرع الله تعالى
العلماء الذين يحلون الحرام ويحرمون الحلال
القوانين التي تخالف شرع الله تعالى
وغيرها
...
كل هذه الأشياء وغيرها هناك أشخاص يفعلونها ويتبعونها، منهم أقارب لك ومنهم أجانب .. فكلهم ليسوا مسلمين بل مشركون مع الله تعالى غيره .. ويجب عليك أن تتبرأ منهم جميعا وتكفرهم وتعتقد أنهم على باطل وضلال وليسوا صالحين ..



والآن بعد أن عرفت باختصار معنى أنك تشهد أنه ( لا إله ) .. نأتي إلى معنى القسم الثاني من شهادتك وهو :

ما معنى ( إلا الله ) ؟

هنا أنت تتعهد وتقر بأن الله خالقك وخالق هذا الكون وحده هو مولاك ومعبودك وأنك سوف تتبع أوامره وحده وتجتنب نواهيه وحده .. وسوف تسمع وتطيع له وحده ولو خالفك الناس كلهم بل حتى ولو كَرهَتْ نفسكشيئا من ذلك.

فما يحبه الله تعالى يكون لك محبوبا، وما يكرهه الله تعالى أنت كذلك تكرهه .. فأنت عبد مستسلم بالكامل لرب العالمين في كل صغيرة وكبيرة في حياتك ..

وإستسلامك لله بسبب أنك تحب الله تعالى أكثر من نفسك ومن أي مخلوق في هذا الكون .. ولأنك تخاف الله تعالى القوي العظيم أكثر من أي شيء في هذا الكون .. ومستسلم لله تعالى لأنك ترجو وتطمع في رحمته وفضله الكبير الكثير في الدنيا والآخرة .. فهو سبحانه بيده ملكوت كل شيء وهو الغني الكريم.

ومستسلم لله تعالى لأنه سبحانه يستحق أن تسلم له جميع أمورك، وتتوكل عليه لأنه سبحانه هو الذي خلقك وخلق الأرض التي تمشي عليها، والهواء الذي تتنفسه، والماء الذي تشربه وكل ما تراه أو تسمع عنه هو الذي خلقه وحده لا شريك له .. وهو الذي سخر لك كل شيء منذ كنت في بطن أمك .. بل أنت محتاج إلى الله تعالى في كل لحظة من لحظات حياتك بل حتى بعد موتك ..

فإن الله تعالى قد أرسل لك رسولا وبلّغ لك رسالة فيها تنظيم كل أمور حياتك صغيرها وكبيرها ..

فالعاقل حقا هو الذي يستسلم لرب هذا الكون ويطيعه طاعة كاملة ويسارع في أي عمل يحبه الله .. ويبتعد فورا عن أي قول أو فعل ينهى عنه رب العالمين سبحانه وتعالى .. أما ذلك الغبي والحقير فيطيع غير الله تعالى ويتبع هوى نفسه أو العبيد أو الشيطان.

ولا ينفع أن تطيع الله تعالى مثلا في الصلاة والصوم .. ولا تطيعه في التحاكم لشرعه إذا حدثت لك مشكلة مع الناس ..
أو تطيعه في تلاوة القرآن وبر الوالدين ولا تطيعه في البراءة من المشركين وتكفيرهم وعداوتهم فضلا عن أن تناصرهم ضد المسلمين، أو تفضل هديهم على هدي الإسلام، أو تستهزىء بشيء من الدين، كما يفعل قوم اليوم ..

لابد أن يكون سمعك وطاعتك كلها لله في كل حياتك وكل أمورك .. ويكون دينك كله لله لا بعضه فقط ..

راجع تفسير الآيات :

{ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة85..

{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الأنفال39

هكذا فهم الصحابة رضي الله عنهم معنى الإسلام ( وقالوا سمعنا وأطعنا ) البقرة. في كل شيء في حياتهم السمع والطاعة لمولاهم العظيم سبحانه، وبهذا أحبهم الله وسيدخلهم الجنة .. وهكذا يجب أن تفهم أنت حتى تكون معهم بإذن الله.

ثم .. بمقابل بغضك للمشركين والكفار ومعاداتهم ... تحب المسلمين الموحدين وتتلطف معهم وتكرمهم وتعينهم لأن مولاك العظيم يحبهم ويدخلهم الجنة .. فأنت معهم إذا أحببتهم وأعنتهم على عبادة وطاعة رب العالمين ..

هكذا فبمجرد إعلان شهادتك أنك عبد مخلص لله فقط وأنك متبرىء من كل المعبودات الباطلة وغير معترف بها وبمن يتبعونها .. وأنهم كفار وأنك تبغضهم وتكرههم وتعاديهم لأنهم مشركون ظالمون .. ستنتقل من صف وطريق الكفار والمشركين والمجرمين والشياطين الذين يعبدون مع الله آلهة أخرى .. إلى صف وطريق المسلمين الموحدين المخلصين من الرسل عليهم السلام والصحابة ومن اتبعهم بإحسان .. تحبهم وتتعاون معهم على طاعة رب العالمين عز وجل.

وهكذا سيصبح الناس عندك صفين:
مؤمنون أو كافرون

في القبور: روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار..

وفي الآخرة: فريق مخلد في نعيم الجنة و فريق مخلد في عذاب السعير .

فانظر أي الفريقين تحب أن تكون فيه ومعه .. وادخل معه في الطريق وسر معه فيه ...

إما إلى الجنان /وإما إلى النيران

والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



ثانيا

معنى قولك أشهد أن محمدا رسول الله:

أي أن تؤمن بكونه نبيا مرسلا من الله إلى العالمين وتتعهد بأن تطيع رسول الله وتحبه وتقدره في نفسك وتتبع سنته وتفضلها على كل ما عداها ولا تستهين بشيء من الشرع الذي أنزله الله عليه ..

فرسول الله عليه الصلاة والسلام بشر مثلنا اصطفاه الله علينا بالوحي وبالأخلاق العظيمة والصفات الحسنة .. فهو قدوتنا وإمامنا وقائدنا في الطريق إلى الجنة إن شاء الله تعالى ..

فلا تجعل رسول الله عليه الصلاة والسلام كأحد من البشر العاديين .. و بالمقابل لا تتخذه ربا معبودا من دون الله سبحانه وتعالى .. كما يفعل النصارى وكما يفعل الصوفية والشيعة وغيرهم.

أشهد أن لا إله إلا الله :

( أشهد ) أقر وأتعهد بأن :

( لا إله ) أرفض وأجتنب وأترك وأتبرأ من كل معبود أو متبوع أو مطاع غير الله تعالى من الطواغيت .. أتعهد بالكفر بها وتكفير من يتبعها أو يطيعها أو يعتقد أنها صالحة .. وأفعل ذلك حتى مع أقرب الأقارب وأحب الأحباب لنفسي.

( إلا الله ) وأتعهد باتباع الله تعالى وطاعته وحده ومحبته في كل ما يأمر به وما يحبه في شؤون حياتي كلها .. وأبغض وأترك ما يكرهه مولاي العظيم سبحانه من الشرك وأهله مهما كانوا.. وأدخل في طريق وصفّ الموحدين المستسلمين لله وحده ..

يقول الشيخ حمد بن عتيق : [ وها هنا نكتة بديعة في قوله :
{ إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله }
وهي: أن الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله ؛ لأن الأول أهم من الثاني ، فإنه قد يتبرأ من الأوثان ، ولا يتبرأ ممن عبدها ، فلا يكون آتيا بالواجب عليه [1]

وأما إذا تبرأ من المشركين ، فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم وهذا كقوله تعالى: { وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا } مريم48

فقدم اعتزالهم على اعتزال معبوداتهم

وكذا قوله تعالى : { فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله ...}
وقوله سبحانه : { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله }

فعليك بهذه النكتة ، فإنها تفتح لك بابا إلى عداوة أعداء الله ، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك ، ولكن لا يعادي أهله ، فلا يكون مسلما بذلك إذا ترك دين جميع المرسلين ) [2] إنتهى.

{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَه } سورة الممتحنة4

{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَلاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } سورة الأنعام 162/163

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
المائدة51

{ وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ }
الأنفال 73

{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
النحل36

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }
النساء60

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ }
الشورى7

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }
آل عمران185

{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }
محمد12

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }
النساء48

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }
النساء116

{ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }
العصر

النجاح الحقيقي والسعادة في
التـوحيـد
والعمـل الصـالح
والدعـوة إلى الله
والصبـر على مشـاق الطريق الموصل للخلود في الجنان عند الرحمن جل جلاله
Viewing all 472 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>