التصويت على الدستور يعني قبول هذا الدستور الكفري كشرعة ومنهاج ، يُحَكّمهُ المُجتمع ويَتحاكم إليه ، ويعني أنهم(الداعي والمدعي) يَقولون نعم لشرعِ غير الله ، ونعم لحُكم الطاغوت ، ونعم لولاية الطاغوت ، وهذا عين انشراح الصدر للكفر ، وأي إسلام يبقى مع ذلك .
وأيضاً فإن هؤلاء السّفهاء المُسَمون زورا وبهتانا عُلماء ، يَعلمون علم اليقين أن هذا الدستور ، وذاك القانون ، تشريع البشر من دون الله ، وأنه غير شرع الله ، وأن الذي يَحكم به ، ويَتحاكم إليه ، يَحكم بغير ما أنزل الله ، ويَتحاكم إلى غير شرع الله ، ومع ذلك يُشاركون في تنصيب ذلك الطاغوت في البلاد ، قائلين أن المَصلحة الشرعية تقتضي ذلك زعموا ! ، وهذا من سُخف عقولهم ، وسَفههم ، ونِفاقهم ، قال الله تعالى ( ومن يَرغب عن ملة إبراهيم إلا من سَفه نفسه) الآية .
أو أن ذلك مُحرم تُجِيزه الضّرورة ، وقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله على قوله تعالى ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوامُجْرِمِينَ ))
قال ( فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ إيمَانٌ ضَعِيفٌ فَفَعَلُوا هَذَا الْمُحَرَّمَ الَّذِي عَرَفُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ ، وَلَكِنْ لَم ْيَظُنُّوهُ كُفْرًا وَكَانَ كُفْرًا كَفَرُوا بِهِ.) الفتاوى 7/273
- وقال رحِمهُ الله ( وبالجُملة فمن قال أو فعل ما هو كُفر، كَفر بذلك ، وإن لم يَقصد أن يَكون كافرا ، إذ لا يَقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) الصارم 184.
- وقال شيخ الإسلام أيضاً ( إنّ المُحرمات منها ما يُقطع بأن الشرع ، لم يُبح منه شيئاً لضَرُورة ولا غير ضرورة ، كالشرك ، والفواحش ، والقول على الله بغير علم ، والظلم المَحض ، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: ( قل إنما حَرم ربي الفواحش ما ظَهر منها وما بَطن والإثم والبَغي بغير الحق وأن تُشركوا بالله ما لم يُنزل به سُلطاناً وإن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ، فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع ، وبتحريمها بَعث الله جميع الرسل ، ولم يُبح منها شيئاً ، ولا في حَال من الأحوال ، ولهذه أُنزلت في هذه السّورة المَكية ) الفتاوى 14/ 470.
- وقال رحمه الله ( إن الشرك ، والقول على الله بغير علم ، والفواحش ما ظَهر منها وما بَطن والظلم ، لا يكون فيها شيء من المَصلحة ) 14/476.
- وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ( ولا خلاف بين الأمة ، أنه لا يجوز الاذن في التكلم بكلمة الكفر ، لغرض من الأغراض ، إلا المكره إذا اطمأن قلبه بالايمان ) انتهى من إعلام الموقعين .
وأيضاً فإن الذي يَتحاكم إلى غير شرع الله ، لا يَكون إلا كافرا ، لأنه مُؤمن بالطاغوت ، والمُؤمن بالطاغوت كافر بالله لا شك .
- قال الإمام عبد الرحمن بن حسن ( والتوحيدُ هو أساس الإيمان الذي تَصلحُ به جَميع الأعمال وتفسد بعدمه ، كما أن ذلك بين في قوله تعالى : ( فمن يَكفر بالطاغوت ويُؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ) ، وذلك أن التحاكم إلى الطاغوت إيمان به ) ، فتح المجيد 461 ابن الأثير .
- ويقول الإمام سُليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمهما الله وقوله تعالى ( وقد أمروا أن يَكفروا به) ، أي الطاغوت ، وهودليل على أن التحاكم إلى الطاغوت مناف للإيمان مضاد له ، فلا يَصح الإيمان إلا بالكفر به ، وترك التحاكم إليه ، فمن لم يكفر بالطاغوت لم يُؤمن بالله ).تيسير العزيز الحميد
ولا يُقبل منه تأويل والحالة هذه ،لأن ذات تأويله لا يَكون إلا كُفرا ونفاقاً ، والدليل على ذلك قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِين َيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)
- قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ({ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا } ، أي : يَعتذرون إليك ويَحلفون : ما أردنا بذهابنا إلى غيرك ، وتحاكمنا إلى عَداك إلا الإحسان والتوفيق ، أي : المُداراة والمُصانعة ، لا اعتقادا مِنّا صحة تلك الحكومة .
وكما أخبرنا تعالى عنهم في قوله : { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].) انتهى
وأنت لا تجد مَن يتحاكم إلى الطاغوت ويُوالي المُشركين ، ممن ينتسب للإسلام ، في زمان ولا مَكان ، إلا ويتعذر بذلك ، ( نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ) ، ( إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ) ، وهذا ما نسمعه دائماً من علماء المُشركين .
وأيضاً فمن ابتغى الاحسان والتوفيق في التحاكم لغير شرع الله ، فلا شك أنه كافر بشرع الله ، وهؤلاء لا يتحاكمون إلى الطاغوت فحسب ، بل يُنَصّبون طاغوتاً للحكم بين الناس بغير الشرع الحنيف ، ويَخرج هذا الطاغوت باسمهم ، وبمباركتهم ، ومشاركتهم ، ويُضفون عليه الشرعية باسم الدين !!. وهذه هي حقيقة تسويغ اتباع دين غير دين الإسلام ، وشريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ومَعلوم بالاضطرار من دين المسلمين ، وباتفاق جميع المسلمين : أن مَن سَوّغ غير دين الإسلام , أو اتباع شَريعة غير شَريعة مُحمد صلى الله عليه وسلم , فهو كافر .
وهو ككفر مَن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب , كما قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً (151) (النساء) ) "مجموع الفتاوى : 28\524"
- وقال رحمه الله على قوله تعالى : (مَن كَفر بالله مِن بعد إيمانه ) الآية :
( وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ جَهْمٍ وَمَنْ اتَّبَعَهُ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكُفْرِ مِنْ أَهْلِ وَعِيدِ الْكُفَّارِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } قِيلَ : وَهَذَا مُوَافِقٌ لِأَوَّلِهَا ، فَإِنَّهُ مَنْ كَفَرَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَقَدْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ، وَإِلَّا نَاقَضَ أَوَّلُ الْآيَةِ آخِرَهَا ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَنْ كَفَرَ هُوَ الشَّارِحُ صَدْرَهُ ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِلَا إكْرَاهٍ ، لَمْ يُسْتَثْنَ الْمُكْرَهُ فَقَطْ ، بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ إذَا لَمْ يَشْرَحْ صَدْرَهُ.
وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ طَوْعًا فَقَدْ شَرَحَ بِهَا صَدْرًا وَهِيَ كُفْرٌ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوامُجْرِمِينَ } .
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ مَعَ قَوْلِهِمْ : إنَّا تَكَلَّمْنَا بِالْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ لَهُ ، بَلْ كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللَّهِ كُفْرٌ ، وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا مِمَّنْ شَرَحَ صَدْرَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ ، وَلَوْكَانَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ .) مجموع الفتاوى 7/220
فتأمل قول الإمام رحمه الله : ( فَإِنَّهُ مَنْ كَفَرَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَقَدْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ) ،
وعلماء المشركين فعلوا ما فعلوه من تحكيم الطاغوت والتحاكم إليه وهم غير مكرهين ، ولا يلتفت إلى شبهاتهم وترهاتهم وأهوائهم !! .
فمن شرح صدره لقول الكفر أو فعله ، كفر وإن كان يُبغضه ، ويعتقد بطلانه .
وتأمل قول الإمام : (وَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّم َبِهَذَا الْكَلَامِ ) ، تعلم أن من أعظم خصائص الإيمان أنه مَانع وعَاصم من الشرك ، ونواقض الايمان ، التي لا يُتصور اجتماعها معه بوجه من الوجوه ، ولا تصدر إلا عن كافر ، قال تعالى : ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) .) انتهى .
ومن أعظم التولي للمشركين مُتابعتهم على شَرائعهم ، ومَناهجهم ، وهذا الأمر يَمتنع امتناعاً شرعياً وقدريا أن يجتمع مع الإيمان بوجه من الوجوه .
- وقال الإمام سُليمان بن عبد الله : ( الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: ( من كفر بالله من بعد إيمانه... ) الآية ... فحَكم تعالى حكماً لا يُبدل ؛ أن من رجع من دينه إلى الكفر فهو كافر ، سواءً كان له عذر خوفاً على نفسٍ أو مال أو أهلٍ أم لا ، وسواءً كفر بباطنه ، أم بظاهره دون باطنه ، وسواءً كفر بفعاله ، أو مقاله ، أو بأحدهما دون الآخر، وسواءً كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أم لا ، فهو كافر على كل حال إلا المُكره ، وهو في لُغتنا؛ المَغصوب ، فإذا أكره الإنسان على الكفر وقيل له ؛ اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك ، أو أخذه المشركون فضربوه ولم يُمكنه التخلص إلا بموافقتهم ، جَاز له موافقتهم في الظاهر ، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان ، أي ثابتا معتقداً له ، وأما إن وافقهم بقلبه فهو كافر ، ولو كان مكرهاً ) انتهى .
- وقال رحمه الله في رسالة "حكم موالاة أهل الإشراك":
( اعلم يرحمك الله : أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم : خوفاً منهم ، ومداراة لهم ، ومداهنة ؛ لدفع شرهم . فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ، ويحب الإسلام والمسلمين ،.....ولا يُستثنى من ذلك إلا المُكره : وهو الذي يَستولي عليه المشركون ، فيقولون له : اكفر ، أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك . أو يأخذونه ، فيعذبونه حتى يُوافقهم . فيجوز له المُوافقة باللسان ، مع طمأنينة القلب بالإيمان ) انتهى .
فتأمل قول الإمام ( فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يَكره دينهم ويبغضهم ، ويحب الإسلام والمسلمين ) ، فالكره القلبي ليس مانعاً من التكفير ، ولا هو عذر لمن وافق المُشركين على دينهم وشرائعهم ولو في الظاهر .
وخلاصة القول : فرق بين المُتأول المَعذور ، وبين المُتأول في الشرك ، وتبديل الملة ، واتباع حُكم الطاغوت ، ومُوافقة المُشركين ، على شرائعهم ومناهجهم ، فالمتأول المَعذور هو من تأول في المَسائل الجُزئية ، والأمُور الخفية ، يَظنها من شرع الله وهي ليست كذلك ، أما من تأول المَصلحة في حُكم الطاغوت ، ومُوافقة المُشركين على شرائعهم ومَناهجهم ، ونحوها من الافترآت ، فهو كافر قد شرح صدره بالكفر ، وذات تأوله زيادة في كفره .
- قال الشيخ مُحمد بن عبد الوهاب رحمه الله ( التأويل الفاسد في رد النصوص ليس عذرا لصاحبه ، كما أنه سبحانه لم يَعذر إبليس في شبهته التي أبداها ، كما لم يَعذر من خَالف النصوص مُتأولا مُخطئا ، بل كان ذلك التأويل زيادة في كفره ) مجموع مؤلفات الشيخ 4/99.
يعنى مَن خالف النصوص الظاهرة المَعلوم دلالتها ضرورة من دين الإسلام ، ومنها قوله تعالى ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) ، وقوله تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) الآية ، وقوله تعالى ( ولا يُشرك في حكمه أحدا ) الآية ، وقوله تعالى ( إن الحكم إلا لله ) الآية ، وقوله تعالى ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) الآية.
ولا شك أن مَن سَوّغ للناس تَحكيم الطاغوت , والتّحاكُم إليه ، من جنس ذلك ، ولو كان مُجتهدا مُتأولا !!
________________________
جزء من الرد على فتوى
بشأن الطواغيت المشرعين من دون الله
________________
شُــــــــــــبهات وردود
قال الإمام مُحمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( واعلم أنّ الإنسان ما يَصير مُؤمنا بالله إلا بالكُفر بالطاغوت ، والدليل قوله تعالى : ( فمن يَكفر بالطاغوت ويُؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) .) انتهى
فمَن جَوّزَ أن يكون الرجل مُسلما ، وهو لم يَكفر بالطاغوت فهو كافر ،
ومَن صَحح إيمان رجل مع الشرك بالله وعبادة غير الله فهو كافر ، إذ مِن المَعلوم من الدين ضرورة أن الرجل لا يُكون مُسلما إلا بترك الشرك ، وإخلاص الدين لله .
قال الإمام عبد الرحمن بن حسن : ( أجمع العلماء سَلفا وخلفا ، مِن الصحابة والتابعين ، والأئمة وجميع أهل السنة أن المرء لا يكون مسلما إلا بالتجرد من الشرك الأكبر ، والبراءة منه وممن فعله )
الدرر السنية 11/545
وقال الإمام سُليمان بن عبد الله : ( إن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة ، وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله بل مشرك )
_________________
تيسير العزيز الحميد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( واعلم أنّ الإنسان ما يَصير مُؤمنا بالله إلا بالكُفر بالطاغوت ، والدليل قوله تعالى : ( فمن يَكفر بالطاغوت ويُؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) .) انتهى
فمَن جَوّزَ أن يكون الرجل مُسلما ، وهو لم يَكفر بالطاغوت فهو كافر ،
ومَن صَحح إيمان رجل مع الشرك بالله وعبادة غير الله فهو كافر ، إذ مِن المَعلوم من الدين ضرورة أن الرجل لا يُكون مُسلما إلا بترك الشرك ، وإخلاص الدين لله .
قال الإمام عبد الرحمن بن حسن : ( أجمع العلماء سَلفا وخلفا ، مِن الصحابة والتابعين ، والأئمة وجميع أهل السنة أن المرء لا يكون مسلما إلا بالتجرد من الشرك الأكبر ، والبراءة منه وممن فعله )
الدرر السنية 11/545
وقال الإمام سُليمان بن عبد الله : ( إن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة ، وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله بل مشرك )
_________________
تيسير العزيز الحميد
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمهما الله :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(والغالب على كل مُشرك أنه عرضت له شبهة اقتضت كُفره وشركه ، قال تعالى : { لو شاء الله ما أشركنا ولا ءابآؤنا …} الآية [ الأنعام / 148 ] ،
وقال : { لو شاء الله ما عَبدنا مِن دُونه مِن شيء } [ النحل / 35 ] ، عرضت لهم شُبهة القدرية ، فردوا أمره تعالى ودينه وشرعه ، بمشيئته القدرية الكونية …
والنصارى شُبهتهم في القول بالبنوة ، والأقانيم الثلاثة : كَون المَسيح خُلق من غير أب ، بل بالكلمة ، فأشتبه الأمر عليهم ، لأنهم عُرِفوا من بين سائر الأمم بالبلادة ، وعدم الإدراك في المسائل الدينية ، فلذلك ظنَّوا أن الكلمة تدرعت في الناسوت ، وأنها ذات المَسيح ، ولم يُفرقوا بين الخلق والأمر ، ولم يَعلموا أن الخلق يكون بالكلمة ، لا هو نفس الكلمة ، وقد أشار الله إلى شبهتهم وردّها وأبطلها في مواضع من كتابه ،
كقوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم } [ آل عمران / 59 ] ، وقوله : { وكلِمته ألقاها إلى مريم } [ النساء / 171 ] .
وأكثر أعداء الرُسل عرضت لهم شُبُهات ) .
منهاج التأسيس والتقديس ص 102 , 103
وقال الشيخ أيضاً : ( وهل أوقع الاتحادية ، والحُلولية فيما هم عليه من الكفر البواح ، والشرك العظيم ، والتعطيل لحقيقة وجود ربّ العالمين إلاّ خطؤهم في هذا الباب الذي اجتهدوا فيه ، فضلُّوا وأضلُّوا عن سواء السبيل ؟
وهل قتل الحلاج ـ باتفاق أهل الفتوى على قتله ـ إلاَّ ضلال اجتهاده؟.
وهل كفر القرامطة وانتحلوا ما انتحلوه من الفضائح الشنيعة ، وخلعوا ربقة الشريعة إلاَّ باجتهادهم فيما زعموا ؟ .
وهل قالت الرافضة ما قالت ، واستباحت ما استباحت من الكُفر والشرك ، وعبادة الأئمة الإثني عشر وغيرهم ، ومسبَّة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهُما ، إلاَّ باجتهادهم فيما زعموا ! ؟ )
_________________________
منهاج التأسيس والتقديس ص 218 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(والغالب على كل مُشرك أنه عرضت له شبهة اقتضت كُفره وشركه ، قال تعالى : { لو شاء الله ما أشركنا ولا ءابآؤنا …} الآية [ الأنعام / 148 ] ،
وقال : { لو شاء الله ما عَبدنا مِن دُونه مِن شيء } [ النحل / 35 ] ، عرضت لهم شُبهة القدرية ، فردوا أمره تعالى ودينه وشرعه ، بمشيئته القدرية الكونية …
والنصارى شُبهتهم في القول بالبنوة ، والأقانيم الثلاثة : كَون المَسيح خُلق من غير أب ، بل بالكلمة ، فأشتبه الأمر عليهم ، لأنهم عُرِفوا من بين سائر الأمم بالبلادة ، وعدم الإدراك في المسائل الدينية ، فلذلك ظنَّوا أن الكلمة تدرعت في الناسوت ، وأنها ذات المَسيح ، ولم يُفرقوا بين الخلق والأمر ، ولم يَعلموا أن الخلق يكون بالكلمة ، لا هو نفس الكلمة ، وقد أشار الله إلى شبهتهم وردّها وأبطلها في مواضع من كتابه ،
كقوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم } [ آل عمران / 59 ] ، وقوله : { وكلِمته ألقاها إلى مريم } [ النساء / 171 ] .
وأكثر أعداء الرُسل عرضت لهم شُبُهات ) .
منهاج التأسيس والتقديس ص 102 , 103
وقال الشيخ أيضاً : ( وهل أوقع الاتحادية ، والحُلولية فيما هم عليه من الكفر البواح ، والشرك العظيم ، والتعطيل لحقيقة وجود ربّ العالمين إلاّ خطؤهم في هذا الباب الذي اجتهدوا فيه ، فضلُّوا وأضلُّوا عن سواء السبيل ؟
وهل قتل الحلاج ـ باتفاق أهل الفتوى على قتله ـ إلاَّ ضلال اجتهاده؟.
وهل كفر القرامطة وانتحلوا ما انتحلوه من الفضائح الشنيعة ، وخلعوا ربقة الشريعة إلاَّ باجتهادهم فيما زعموا ؟ .
وهل قالت الرافضة ما قالت ، واستباحت ما استباحت من الكُفر والشرك ، وعبادة الأئمة الإثني عشر وغيرهم ، ومسبَّة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهُما ، إلاَّ باجتهادهم فيما زعموا ! ؟ )
_________________________
منهاج التأسيس والتقديس ص 218 .